ألقت القبض على عشرات العناصر الإرهابية
القوات المصرية تقتحم "جمهورية كرداسة" معقل قتلة السادات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تواصل قوات من الجيش والشرطة في مصر عملية اقتحام مدينة كرداسة التابعة لمحافظة الجيزة، لتطهيرها مما تقول إنها "جماعات إرهابية تسيطر عليها"، وأدت العمليات العسكرية التي تدور رحاها حاليًا، إلى مقتل لواء في الشرطة وإصابة جنود وضباط آخرين، بينما لا تزال أرقام الضحايا من الجانب الآخر مجهولة، وفي الوقت نفسه بدت البلدة خالية من ساكنيها.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: سيطرت قوات الأمن المصرية المدعومة بقوات وطائرات من الجيش على بلدة كرداسة جنوب القاهرة، التي كانت معقلًا للجماعات الإسلامية المسلحة، منذ فضّ اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، في 14 أغسطس/آب الماضي، واعتقلت قوات الأمن 48 مشتبهًا فيه في عملية قتل11 من ضباط وجنود في قسم شرطة كرداسة، أثناء اقتحامه في 14 أغسطس/آب الماضي، وتواصل القوات تمشيط البلدة، التي بدت شوارعها خالية تمامًا من المارة أو السكان، لاسيما بعدما طالبتهم القوات بأن يلزموا منازلهم، وألا يخرجوا إلى الشوارع.
ساحة معركة
واستخدمت قوات الجيش والشرطة نحو 40 تشكيلاً، يضم قوات النخبة من الجيش وقوات من العمليات الخاصة في وزارة الداخلية، مدعومة بسيارات مدرعة ودبابات، وطائرات عسكرية، واقتحمت البلدة فجر اليوم الخميس 19 سبتمبر/ أيلول الجاري، بعدما حاصرتها من كل الجهات، وأغلقت الطرق المؤدية إليها ليلًا.
دارت معارك بالأسلحة النارية بين قوات الأمن ومجموعات من المسلحين في محيط قسم شرطة كرداسة، أسفرت عن مقتل مساعد مدير أمن الجيزة، اللواء نبيل فراج، وإصابة عدد من الضباط والجنود، ولم يعرف عدد الضحايا من الجانب الآخر.
وتحوّلت كرداسة إلى بلدة خارج سيطرة الدولة منذ 14 أغسطس/ آب الماضي. وقال شاهد عيان من أهالي البلدة، مختار عبد العزيز، إن البداية كانت بعد ثورة 25 يناير مباشرة. وأوضح لـ"إيلاف" أنه بعد انهيار جهاز الشرطة يوم جمعة الغضب 28 يناير/ كانون الثاني 2011، سيطرت اللجان الشعبية على المدن والقرى لحفظ الأمن، مشيرًا إلى أن كرداسة كانت واحدة من تلك المدن المصرية، التي سيطرت عليها اللجان الشعبية.
وأضاف أن غالبية سكان المنطقة هم من الملتزمين دينيًا، كما إنها معقل عائلة الزمر، التي ينتمي إليها عبود وطارق الزمر، المُدانان في قضية قتل الرئيس الراحل أنور السادات، إضافة إلى عائلات أخرى معروفة بتشددها دينيًا، ومنها عائلة العريان، التي ينتمي إليها عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، منوهًا بأن القرية تقع في أطراف محافظة الجيزة، وقريبة من الجبال، ومعروفة بأنها معقل لتجارة السلاح منذ عهد حسني مبارك.
ولفت إلى أن السلاح انتشر في أيدي اللجان الشعبية، ثم تحوّلت السيطرة على مقاليد الأمور لمصلحتهم، حتى بعد عودة جهاز الشرطة، وصار الأهالي يلجأون إلى قياداتهم في الجماعات الإسلامية لفضّ المنازعات وحل المشاكل، من دون الرجوع إلى الشرطة.
خارج الدولة
ونوّه بأن قيادات الشرطة في مركز شرطة كرداسة حاولوا استعادة السيطرة على الأمن من أيدي اللجان الشعبية، إلا أنهم فشلوا، وبقيت البلدة خارج سيطرة الدولة بشكل غير رسمي، حتى وقعت أحداث فضّ اعتصام أنصار مرسي في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، مشيرًا إلى أن اللجان الشعبية، التي يسيطر عليها الإسلاميون المتشددون، حاصرت قسم الشرطة، وأطلقت عليه النيران، ثم اقتحمته، وقتلت 11 شرطيًا، ومثلت بجثثهم، وأحرقت القسم، وتحوّلت إلى منطقة مستقلة عن الدولة المصرية، وعرفت باسم "جمهورية كرداسة".
وأضاف أن كرداسة كانت طوال الفترة من 14 أغسطس/ آب الماضي، وحتى اليوم الخميس 19 سبتمبر/ أيلول الجاري، تحت قبضة الجماعات الإسلامية المتشددة، هي من تقوم بحفظ الأمن، وفضّ النزاعات، وتسيير دوريات أمنية ليلًا، وحاولت إقامة سور مرتفع حول المدينة، إلا أنها فشلت.
ولفت إلى أن البلدة تسري شائعات فيها، تفيد بأنها تحوّلت إلى معقل للهاربين من قيادات التيار الإسلامي، لاسيما عاصم عبد الماجد، وعصام العريان، وهما من قيادات اعتصام رابعة العدوية ومطلوبان في اتهامات تتعلق بالتحريض على القتل وممارسة الإرهاب.
وأضاف شاهد العيان أن البلدة بدت خالية من أهلها أثناء العمليات العسكرية، لاسيما بعد تحذير الشرطة لهم من الخروج إلى الشوارع أو اعتلاء أسطح المنازل، مشيرًا إلى أن بعض الأسر هجرت كرداسة منذ 14 أغسطس/آب الماضي، وهجرها البعض الآخر عقب انتشار أنباء عن اقتحام الشرطة لها منذ نحو عشرة أيام.
وقالت وزارة الداخلية إن "أحد العناصر الإرهابية ألقى قنبلة يدوية تجاه القوات المتواجدة في كرداسة حال قيامها بضبط عدد من الإرهابيين المطلوبين بقرارات من النيابة العامة"، مشيرة إلى أن "قوات الأمن تعاملت مع المتهم، وأصابته بطلق ناري في القدم، وضبطت بحوزته بندقية آلية، و3 خزائن بداخلها 75 طلقة، و7 قنابل يدوية"، ولفتت إلى أن "الهجوم أسفر عن إصابة 5 ضباط، و4 مجندين بشظايا في أماكن متفرقة من الجسم".
أضافت وزارة الداخلية في بيان لها: "تمكنت الأجهزة الأمنية من خلال استهدافها العناصر المطلوبة في أماكن اختبائها من ضبط 48 مطلوبًا لجهات التحقيق من المتهمين في واقعة اقتحام مركز شرطة كرداسة وقتل 11 ضباطًا وفردًا يوم 14 أغسطس الماضي، وضبطت بحوزتهم كمية من الأسلحة الآلية، والخرطوش، والقنابل اليدوية".
تكرار سيناريو رابعة
بدأت عمليات الهجوم على كرداسة بالخطة نفسها التي تعاملت بها قوات الجيش والشرطة مع اعتصام أنصار مرسي في رابعة العدوية. وقال مصدر أمني لـ"إيلاف"، إن العملية بدأت بحصار البلدة، والحديث عبر مكبرات الصوت للأهالي والمشتبه فيهم، مشيرًا إلى أن قوات الأمن طالبت العناصر الإرهابية بالاستسلام، ودعت الأهالي إلى أن يلزموا منازلهم، وألا يخرجوا إلى الشوارع أو يصعدوا فوق أسطح المنازل.
ولفت إلى أن الجزء التالي من الخطة تمثل في إمطار البلدة، لاسيما المناطق المعروفة أنها مقار اختباء للعناصر الإرهابية بالقنابل المسيلة للدموع باستخدام الطائرات. ونبّه إلى أن القوات الخاصة هاجمت البلدة من جهات عدة، مدعومة بالآليات العسكرية والمدرعات، وطائرات الهيلكوبتر.
وأشار إلى أن معارك بالأسلحة النارية دارت في محيط قسم شرطة كرداسة، أسفرت عن مقتل اللواء نبيل فراج، مساعد مدير أمن الجيزة، واصابة بعض الضباط والجنود، منوهًا بأنه لم يتم حصر أعداد القتلى والمصابين من الجانبين، نظرًا إلى استمرار العمليات لتطهير البلدة ممن يصفهم بـ"الإرهابيين".
ولفت إلى أن قوات الشرطة ألقت القبض على العشرات من المطلوبين، منهم المتهم الرئيس في قتل 11 من ضباط وأفراد الشرطة في قسم شرطة كرداسة في يوم 14 أغسطس الماضي. وأفاد بأن العمليات العسكرية لم تنتهِ، وما زالت مستمرة، مشيرًا إلى أن الخطة الموضوعة تقول إن العمليات سوف تستغرق 24 ساعة على الأقل، حتى يتم تطهير الجيوب الإرهابية، وتوقع أن تقع بعض المعارك ليلًا.