أخبار

يبلغ عددها 3800 في البلاد وتعتبر ملاذًا لمحدودي الدخل

معاهد الدروس الخصوصية في تركيا تقاوم نية أردوغان إغلاقها

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يتخوف ذوو التلامذة وأصحاب معاهد الدروس الخصوصية في تركيا من إغلاق هذه الأخيرة المسماة "درشانات"، بعد توجه حكومة أردوغان نحو إنهاء تلك الظاهرة، التي تعتبر المتنفس التعليمي الوحيد لتقوية أبنائهم الطلبة أكاديميًا، وسط التهاب أسعار الدروس الخصوصية المنزلية.

إسطنبول: "ليس هناك من مساواة في الحق بالتعلم في تركيا!"... بهذه الكلمات يلخص نجمي أراس، الذي يدير معهدًا للدروس الخصوصية، سبب وجود هذه المؤسسات التعليمية الخاصة، التي تساعد تلامذة الطبقة المتوسطة على اجتياز الامتحانات الجامعية وتعتزم الحكومة إغلاقها.

ضرورة اجتماعية
يقول أراس (40 عامًا)، الذي يدير أحد معاهد الدروس الخصوصية، المسماة في تركيا "درشانات"، والتي تعتزم حكومة رجب طيب أردوغان إغلاقها جميعًا بحلول العام 2015، إن "الأغنياء يمكنهم دفع تكاليف الدروس الخصوصية في المنزل وإرسال أولادهم إلى مدارس في الخارج، وتسجيلهم في أفضل المؤسسات التعليمية". ويضيف "أما الباقون فليس لديهم سوى هذه الدرشانات، إنها الوسيلة الوحيدة في تركيا للتغلب على الفوارق الاجتماعية".

تقع المدرسة الخصوصية، التي يديرها أراس، وتدعى "فيم درشان"، على بعد خطوات من ساحة تقسيم في وسط إسطنبول في حي مزدحم بالملاهي والمؤسسات الليلية، وهي تستضيف في مبناها الحديث بتصميمه الزاهي حوالى 800 تلميذ ثانوي، يستعدون لاجتياز امتحانات الدخول إلى الجامعات.

صبيحة السبت كان القلق باديًا على كل الوجوه: التلامذة سيخوضون امتحانًا مماثلًا لامتحانات الدخول الجامعية. بصوت عالٍ ونظرات قاسية يخاطب أحد المدرسين التلميذات قائلًا لهن: "أيتها الفتيات، لقد تم فصلكن عن الصبيان في الامتحان، إذهبن إلى الطبقة الرابعة".

ويعتبر اجتياز امتحانات الدخول الجامعية في تركيا مصيريًا للتلامذة الثانويين، ففي حال كانت نتائجهم دون المطلوب قد يتم إرسالهم إلى جامعات لا يريدون ارتيادها أو على الأرجح إلى كليات لا يريدون التخصص فيها.

3800 مدرسة تابعة لغولن
وعلى مر العقود الثلاثة الماضية، انتشرت ظاهرة معاهد الدروس الخصوصية في تركيا انتشار النار في الهشيم، بحيث باتت كل أسرة تعتبرها معبرًا لا بد منه ليتمكن أبناؤها من دخول الجامعة. ويبلغ عدد هذه المؤسسات التعليمية الخاصة في أنحاء البلاد حوالى 3800 مدرسة، وهي محسوبة على جمعية الداعية الإسلامي فتح الله غولن، وتعتبر وسيلة تمويل رئيسة لأنشطة جمعيته.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر أعلنت الحكومة عزمها إغلاق هذه المعاهد، ما أدى إلى شرخ بين جمعية الداعية الإسلامي وحكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان، بعدما ظل الطرفان حليفين لفترة طويلة. وتتمتع جمعية الداعية غولن بنفوذ كبير في أوساط الشرطة والقضاء، ولم يتوانَ أردوغان عن اتهامها بتدبير "مؤامرة" ضد حكومته، في إشارة إلى فضيحة الفساد التي تهز منذ أسبوعين حكومته الإسلامية المحافظة.

ويبلغ معدل ما يدفعه التلميذ في أحد هذه المعاهد حوالى 2500 ليرة تركية (900 يورو تقريبًا)، ومقابل هذا المبلغ يحصل على ما معدله 12 ساعة يتلقى خلالهادروساً خصوصية فردية أو جماعية، إما مساء وإما في عطلة نهاية الأسبوع.

بالنسبة إلى مدير "فيم درشان"، فإن هذا المبلغ رمزي، إذا ما قورن بمبلغ "العشرين ألف ليرة، التي تكلفها دروس التقوية الخصوصية المنزلية". ويضيف أراس "الاعتقاد أنه بإمكاننا تمويل الجمعية هو من نسج الخيال، بل كذب، نظرًا إلى كلفة تشغيل المدرسة"، مؤكدًا أن "الجمعية لا تدير هذه المؤسسة، حتى وإن كنا في هذه المدارس بطبيعة الحال نحترم أفكار داعيتنا فتح الله غولن".

صرامة ونوعية
تخلو المناهج في هذه المعاهد من أية دروس دينية. ويضيف أراس ممازحًا "أنظروا إليّ، هل أبدو لكم رجل دين أو إمامًا متشددًا؟"، هو الذي يرتدي بزة رسمية. ويؤكد مدير المعهد أنه بفضل "صرامة ونوعية التعليم التي نوفرها" بالمقارنة مع الثغرات والفوارق الكبيرة التي يعانيها النظام التعليمي في جميع أنحاء البلاد تمكنت هذه المدارس من جذب أعداد كبيرة من التلامذة.

وينتقد المدافعون عن هذه المدارس بشدة مشروع الحكومة إغلاقها. يقول أراس إن "إغلاق الدرشانات لن يكون حلًا. طالما بقي هناك تفاوت في الإمكانيات بين مدارس البلاد سيبقى هناك سبب لوجودنا". ويبدو أن أهالي التلامذة قلقون للغاية من مشروع الحكومة.

وتقول والدة أحد التلامذة لفرانس برس طالبة عدم ذكر اسمها "أنا أتقاضى الحد الأدنى للأجور فقط. أنا أقتصد في كل مناحي الحياة من أجل أن يتمكن ابني من الحصول على هذه الدروس. بسبب المستوى السيئ للمدارس الرسمية ليس لدينا أي حل آخر". وتضيف الأم الخمسينية المحجبة أنه بدلًا من إغلاقها "يتعيّن على الحكومة أن تقتدي بهذه الدرشانات".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف