حقوقيون نددوا بانحرافات خطرة تقف وراءها (النهضة)
استقلال القضاء موضع خلاف في المجلس التأسيسي التونسي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تتعثر أعمال المجلس الوطني التأسيسي بسبب فصول مثيرة للجدل في باب السلطة القضائية، وذلك على خلفية مخاوف على استقلالية القضاء، الذي اكتوى التونسيون من إخضاعه للسلطة التنفيذية في عقود الاستبداد الماضية قبل ثورة 2011.
تونس: أدت نقاشات صاخبة في اليومين الماضيين في المجلس الوطني التأسيسي، الذي يتولى حاليًا التصويت على فصول مشروع الدستور فصلًا فصلًا، إلى رفض عدد من الفصول، خصوصًا ما تعلق منها بدور السلطة التنفيذية في تسمية القضاة واختصاص المحاكم العسكرية.
هناك تعديل آخر مثير للجدل، حتى وإن لم تتم مناقشته بعد في المجلس، نص على أن "تتولى النيابة العامة تنفيذ السياسة الجزائية للحكومة" بدلًا من السياسة الجزائية للدولة.
ضد النهضة
وفي انتظار استئناف النقاش والتوصل إلى حلول للإشكاليات المطروحة، تظاهر مئات القضاة الأربعاء أمام المجلس الوطني التأسيسي ليقولوا "لا لتدجين السلطة القضائية"، في إشارة واضحة إلى حزب النهضة الإسلامي، الذي يملك أكبر عدد من النواب في المجلس.
وندد المرصد التونسي لاستقلال القضاء (منظمة مهنية) بشدة بـ "الانحرافات الخطرة"، التي يقف وراءها حزب النهضة وحلفاؤه، الذين "يحاولون إجازة التدخل المباشر للسلطة التنفيذية في تعيين القضاة السامين في المناصب القضائية العليا". ودعا المرصد إلى إضراب في المحاكم، وطلب "من كل الأحزاب الوفاء بتعهداتهم بدعم استقلالية القضاء".
واعتبر المحامي شوقي الطبيب أن هناك مخاطر من تبعية القضاء في مشروع الدستور الجديد. وقال: "هناك نوع من التدخل للسلطة التنفيذية في القضاء يمكن أن يؤدي إلى الهيمنة" عليه، كما كانت الحال في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وأضاف متهمًا "الأمر المؤسف أن هناك رجال قانون وحقوقيين في المجلس التأسيسي أداروا ظهورهم للمطالب المتعلقة باستقلال السلطة القضائية".
إجراءات ملتبسة
في المقابل بدت آراء المنظمات غير الحكومية الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان أقل حسمًا. وقالت أربع منظمات، بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، في بيان، "إن مشروع باب السلطة القضائية يتضمن العديد من الفصول الإيجابية تأخذ في الاعتبار المبادئ العامة ذات العلاقة باستقلال السلطة القضائية".
لكنها أشارت إلى العديد من الإجراءات الملتبسة جدًا، ويمكن خصوصًا استخدامها "بشكل سيئ من السلطتين التنفيذية والتشريعية".
وإزاء انتقادات القضاة يرد حزب النهضة منددًا بمحاكمة نوايا في وقت كان الإسلاميون من ضحايا محاكم خاضعة إبان عهد بن علي، حيث استخدم النظام السابق طويلًا المحاكم لإسكات معارضيه وسجنهم.
وحكم على آلاف الاسلاميين، وعذب عدد منهم في عهد بن علي. ومع ذلك فإنه لم يتم القيام بأي إصلاح للقضاء بعد ثورة 2011.
وقال زياد العذاري المتحدث باسم حزب النهضة: "نحن أحرص من غيرنا على استقلال القضاء، لأن أنصار النهضة هم أكثر من عانى من القضاء الظالم".
وأضاف أن النهضة تسعى إلى إرساء نظام لا يمكن للسلطة القضائية أن تستولي فيه على صلاحيات باقي السلطات. وقال إن "ما هو موضع نقاش هو كيف نقيم توازنًا بين السلطات الثلاث من دون السقوط في +حكومة القضاة+ وهذا ليس منافيًا للمبادئ الديموقراطية".
واعتبر العذاري، وهو أيضًا نائب في المجلس التأسيسي: "نحن في صدد مواجهة مطالب قطاعية لا علاقة لها باستقلال القضاء".
ويجري منذ نحو أسبوعين التصويت على مشروع الدستور التونسي الجديد فصلًا فصلًا، وكان يتوقع أن تنتهي هذه العملية بحلول الذكرى الثالثة لـ "ثورة الحرية والكرامة" الثلاثاء، لكن الخلافات الأخيرة عرقلت ذلك.
ولا يزال يتعين على المجلس التأسيسي أن يناقش ويصوّت على نحو ثلث فصول الدستور، المكون من 146 فصلًا، موزعة على عشرة أبواب، وذلك قبل التصويت على مشروع الدستور كاملًا.