فضاء الرأي

لماذا العرب دوما تابعون وليسوا أصحاب قرار؟

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

خلفية هذا السؤال هي المواقف العربية من بعض الدول العربية التي شهدت في الأعوام الثلاثة الأخيرة ثورات شعبية تطالب حكامها المستبدين الطغاة بالرحيل، بعد أن أمسكوا وعائلاتهم وعصاباتهم بالبلاد والعباد من ثلاثين إلى ما يزيد عن أربعين عاما، وكأن بلدانهم عاقرة لا يوجد فيها إلا هذا الرئيس أو الحاكم، مع أنّ العديد منهم وصل للسلطة عبر انقلابات عسكرية أي على ظهر الدبابة التي بعد أن أمسك بها حوّل مدافعها نحو شعبه ليقتل مئات ألالاف ويهجّر الملايين، أو عبر انتخابات مزورة نتيجتها دوما 99 بالمائة لصالح سيادة الرئيس. هذه المواقف العربية يقوم فعلا بعضها بدعم لهذه الثورات حتى ولو الدعم الإعلامي فقط ، وسؤالي الذي تتداوله أوساط شعبية عربية من هذه الدول المنكوبة بالجرائم والقتل، هو: لماذا تنتظر الدول العربية التدخل العسكري للدول الغربية خاصة الولايات المتحدة وحلف الناتو ثم تلتحق جيوش وطائرات هذه الدول العربية بهم ضد هذه الأنظمة القمعية؟

الموقف من نظام صدام حسين مثالا!!
احتل جيش صدام حسين دولة الكويت في شهر الثاني من شهر آب لعام 1990 ، وانقسمت مواقف الدول العربية من هذا الاحتلال، من رافضة علنا إلى داعمة علنا أو مراوغة بطريق غير مباشرة. واستمر هذا الاحتلال قرابة سبعة شهور غيّر فيها صدام حسين أسماء الشوارع الكويتية وأعلن ضم الكويت محافظة تابعة للعراق، وأعلن الغاء كافة السفارات الكويتية في الخارج...إلخ هذه الاجراءات التعسفية الاحتلالية. هل تحركت طوال شهور الاحتلال السبعة الدول العربية المناوئة للإحتلال الصدامي تحركات ميدانية لطرد وإنهاء هذا الاحتلال التعسفي؟ لا لم تتحرك هذه الدول مكتفية ببيانات الإدانة والتعاطف مع الشعب الكويتي الشقيق المحتلة أرضة. ولكن ماذا كان موقف هذه الدول عندما تحركت (الشقيقة الكبرى الولايات المتحدة الأمريكية) هي وحلف الناتو لطرد جيش صدام من الكويت وتحريرها؟ التحقت فورا عدة جيوش عربية وإسلامية بجيش الولايات المتحدة والناتو مشاركة في المعارك ضد جيش صدام ببسالة وشجاعة متناهية. والدول العربية التي شاركت جيوشها الولايات المتحدة وحلفائها ضد جيش صدام هي (المملكة العربية السعودية، البحرين، دولة الإمارات، سلطنة عمان، قطر، المغرب،مصر(35 ألف جندي)، سوريا البعثية في زمن حافظ الأسد (15 ألف جندي) ومن الدول الإسلامية (باكستان، أفغانستان، بنغلادش)، وانتهت الحرب بدحر مخزي لجيش صدام البعثي، شارك في هذا الدحر الجيش البعثي السوري لحافظ الأسد الذي اعترف القادة الأمريكيون أنّه رغم بعثيته كان أشجع الجيوش العربية في حرب جيش صدام البعثي. وانتهت الحرب بتحرير الكويت وعودة الأسرة الأميرية في السادس والعشرين من فبراير 1991 . والسؤال المهم بعد هذه التفاصيل هو: هل كان سيتم تحرير الكويت من الغزو الصدامي لولا التدخل والحرب الأمريكية ضده؟ وهل كانت الدول العربية والإسلامية التي شاركت جيوشها في تحرير الكويت ستتحرك منفردة لولا تدخل الولايات المتحدة وحلفائها؟

والموقف من نظام القذافي مثالا ثانيا
وأيضا الموقف من نظام عميد الطغاة العرب مخرّب ليبيا القذافي، هل كانت الدول العربية وحدها ستتحرك لنجدة الشعب الليبي من قمعه وطغيانه وقصفه بالطائرات والمدفعية، وإصراره على حرب الشعب الليبي من زنقة إلى زنقة؟ ولكن عندما تحركت الولايات المتحدة وبريطانيا بإعلان مناطق حظر جوي وبدأت قصفها لمواقع الطاغية، التحقت بها دول عربية داعمة بكل ما تستطيعه إلى أن تمّ التخلص من هذا الطاغية وقتله يوم العشرين من أكتوبر 2011 بطريقة تليق بجرائمه بحق الشعب الليبي وشعوب أخرى عبر عملياته الإرهابية الخارجية.

ومسلمو كوسوفو من كان سينقذهم من جرائم الصرب؟
لولا تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين، واستمرارهم في القصف الجوي لمواقع الصرب الاستراتيجية في داخل ما كان يسمّى (يوغوسلافيا) لمدة 87 يوما بدأت في السادس والعشرين من فبراير 1991 ، هل كان يمكن انقاذ مسلمي كوسوفو وانسحاب الصرب ثم إعلان دولة كوسوفو المستقلة؟ هل كانت الدول العربية والإسلامية ستتدخل لإنقاذ مسلمي كوسوفو؟

واليوم الوضع في سوريا حيث القتل بالكيماوي وغيره
كل الدول العربية تقف مكتوفة الأيدي لا تجرؤ على التدخل العسكري لصالح الشعب والثورة السورية ضد الطاغية الوحش التي اندلعت منذ منتصف مارس 2011 ، وتكتفي بعض الدول العربية بالدعم التلفزيوني الخطابي وبعضها بالمال لفصائل الثورة السورية. أمّا لو قرّرت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في الناتو التدخل العسكري في سوريا ضد نظام الوحش لسارعت العديد من الدول العربية لإرسال جيوشها للإلتحاق بجيش الشقيقة أمريكا، مساهمة في اسقاط نظام تربع بوحشية على صدر الشعب السوري طوال 43 عاما حتى اليوم.

والقتل مستمر حتى نهاية عام 2014 !!!
خاصة بعد اللعبة الروسية التي انطلت على الرئيس أوباما ومفادها تحديد النظام المتوحش مواقع أسلحته الكيماوية خلال إسبوع، على أن يبدأ التخلص منها حتى نهاية عام 2014 ، وهذا أمر واضح أنّه لا تدخل أمريكي حتى نهاية عام 2014 وبعد ذلك لا ندري ما هي السيناريوهات المستجدة، مما يعني استمرار القتل والموت ضد الشعب السوري حتى نهاية ذلك العام، خاصة أنّ الدول العربية عاجزة عن التحرك بدون الالتحاق بالشقيقة أمريكا. والمفارقة الغريبة هي أنّ بعض الدول العربية تدعم نظام الوحش السوري متذرعة بميثاق الجامعة اللاعربية الذي ينصّ على ( عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة عربية)....إذن لماذا لبيتم أوامر الشقيقة الكبرى أمريكا الصادرة بالريمونت كونترول وأرسلتم جيوشكم الجرّارة للمشاركة في حرب تحرير الكويت والحرب ضد طاغية ليبيا؟.
www.drabumatar.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف