فضاء الرأي

أحلام اليوم هي واقع الغد

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عندما كتبت سابقا عن حاجة أتباع الأديان لأن يتعلموا من بعضهم جاءني رد ظريف من أحد الأصدقاء. يقول لي هذا الصديق "يعيش المثقف على مقهى ريش ..... يعيش يعيش يعيش ..... محلفط مألفط سريع الكلام .... عديم الممارسة عدو الزحام .... بكم كلمة فاضية و كم اقتراح .... يفبرك حلول للمشاكل اوام." استوقفني تعليقه وتذكرت شيئا قرأته عن تعاملنا مع الواقعية. فإذا لاحظتم ما إن يتحمس أحدنا لمشروع كبير أو فكرة كبيرة حتى يأتي من يقول له "خليك واقعي!". إذا نحن نعتبر أن الواقع والحقيقة لا يمكن أن تكون بكبر مشاريعنا أو بجمال أحلامنا. ويتساءل المرء من أين أتى هذا الإيمان أن الأحلام الكبيرة هي عبارة عن عيش في ريش؟
من يقول إن أي فكرة كبيرة هي غير قابلة للتحقيق لأن الواقع لا يؤيدها في هذه اللحظة فهو غير مطلع على الكثير من لحظات التاريخ الهامة.
مثلا، عندما قال أحدهم "يا جماعة...بيع وشراء البشر شيء بشع وينافي الفطرة الإنسانية ويجب أن يتوقف" كان هناك الكثير ممن قالوا له "ريش ريش ...عيش عيش." وعندما قامت واحدة وقالت "المرأة إنسان متكامل مثل الرجل ويحق لها تماما ما يحق للرجل بما في ذلك حق التصويت" وجد الكثير ممن قالوا لها "ريش ريش...عيش عيش."& وفي يوم ما جاء شخص وقال إن الأرض ليست مركز الكون وأنها هي التي تدور حول الشمس فلم يقل له الأخرون "ريش ريش...عيش عيش" فحسب بل أشعلوا نارا كبيرة وأحرقوه فيها. وعندما جاء رجل قبل 1400 سنة في مكة وأصر أن البشر كلهم سواسية طبعا وجد من يقول له "ريش ريش... عيش عيش." ربما لم تكن كلمات أهل مكة تماما مثل هذه ولكنها كانت مشابهة في المعنى. نتعلم من التاريخ أن الواقع الموجود في لحظة معينة من الزمن لا يستطيع تقييد الأفكار الكبيرة التي لا بد وأن تجد طريقها إلينا يوما ما، مهما تأخرت أو طال الزمان أو واجهت من معارضة قاسية ممن لا يتحملون أي تغيير لواقعهم وأفكارهم.
في اللحظات الحالكة التي تمر بنا ونحن نشاهد بلادنا وتاريخنا وحضارتنا وهي تعاني من نير الاستبداد والحرب والدمار نكاد أن ننسى أنها برهة وأنها ستمر كما مر قبلها الكثير من المآسي والصعاب في أرجاء الأرض كلها. إذا نظرنا اليوم إلى أوربا نرى الديمقراطية بأشكالها المتعددة ونجد الكثير من القيم والأخلاق التي تقدس حياة الإنسان وتعطي الأولوية لراحة الإنسان وحمايته بدل أن تكون تلك الأولوية للدين أو المذهب أو العرق أو القومية. ولكن أوربا طبعا لم تكن هكذا دائما. بعد أن شبعوا حروبا دينية ومذهبية وغيرها من حرب الثلاثين عاما وحرب المئة عام وحرب الورود في الماضي، نشروا الموت والخراب في القرن المنصرم في الحربين العالميتين بأرقام قتلى وأحجام دمار مهولة. ما زال هناك عجائز ممن شهدوا هذه الحروب أي أن هذا الدمار والقتل ما زالت حيا في ذاكرتنا البشرية. ولهذا إن كنا نفكر بمنطقة عربية ديمقراطية يُحترم فيها الإنسان ولا يؤذى لأفكاره ويتعاون فيها أتباع الأديان المختلفة وكل الملحدين فنحن لا نحلم. والدليل هو التاريخ الذي أرانا كيف يمكن أن تصعد حقوق الإنسان والديمقراطية من رماد أفظع الحروب التي مرت على البشر.&
قراءة التاريخ تفتح الأذهان المغلقة وتعطينا مفهوما جديدا لما هو ممكن وغير ممكن. لما هو واقعي وما هو غير واقعي. وفوق هذا فإنها تعطينا تواضعا لأننا نعرف أن التاريخ بدأ قبلنا بكثير وسيستمر لما بعدنا أيضا لوقت طويل.
ربما لهذا السبب قام أشباح الليل بحرق مكتبة الموصل التي تحتوي على حوالي 8000 مخطوط أثري. ألهذه الدرجة يخافون من الكتب؟ أتخيفهم المخطوطات التاريخية؟ عندما قرأت الخبر شعرت بضيق في صدري فكيف يستطيع أي أحد أن يدمر مخطوطات تحوي قسما من ذخرنا الإنساني وذاكرتنا الجمعية. أشعر بالحزن كلما تذكرت مكتبة الإسكندرية التي حرقت أو مكتبة بغداد التي دمرها المغول. هل يمكن أن تحصل نفس الكارثة في زمني؟! إن كان الإنسان الذي نفخ الله فيه من روحه قد أصبحت روحه في مهب ريح الأسلحة والبراميل المتفجرة وأقفاص النار فليس من الغريب أن تصل النار إلى أكثر شيء مقدس أوجده الإنسان... الكلمة المكتوبة.
لا شك في أن خفافيش الليل يعرفون خطورة المخطوطات التاريخية. لأن هذه المخطوطات هي الدليل على أن التاريخ كان عامرا قبل مجيئهم وسيبقى سائرا ما بعد رحيلهم. هي الدليل على أنهم ليسوا باقيين وليسوا ممتدين.

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ياعززيزي كلنا مجرمين
Sam -

الأخت الكريمة دعوتك ان الناس من الديانات المختلفة تتعلم من بعضها شيء جميل وراقي وأنا شخصياً أطبقه في حياتي فانا أعيش في الغرب وزميلي في العمل من سريلانكا بوذي ورئيسي في العمل هندوسي وأنا اري فيهم كل صفات الرقي والمحبة والصفات الغير متوفرة في أديان الشرق الأوسط . في الماضي كان المسلمون يفتخرون ويقولون لنا ان جوازنا جواز نصارى يعني زوجه واحدة حتي الموتوكان هناك محبة حقيقية بين العائلات المسيحية والمسلمة واحترام متبادلوفي العصر الحالي يصف كثير من المسلمين المسيحيين باقذر الأوصاف ولا يحدث هذا من خلف الأبواب حتي نقول لأنفسنا أننا مهلوسون ونتخيل شيء غير واقعي ولكن هذا علي منابر المساجد وفي أجهزة الإعلام ومن قادة نتوسم فيهم العقلانية والأدب واحترام الاخرين مهما كانت كينونتهم . والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا حدث هذا التغيير بين جيل وجيل ونحن الذين عاينا الجيلين وراينا الخراب الذي زرعه البعض لتحقيق مكاسب شخصية حتي لو ادى ذلك الى بحور دم وحرق أوطان بأكملها الإجابة بكل بساطة ان الجيل الماضي كان يعيش الإسلام الشعبي البسيط ولم تزد معلوماته عن الاسلام غير الصوم والصلاة وآيات مكية تجمع ولا تفرق واحتفالات بمواسم كبقية خلق الله من كل مله ودين وكانت هذه المواسم فرصة لاظهار المودة من اصحاب الديانات الاخرى وتمر ايامها بالفرحة التي تعم علي الكل . ولكن منذ ثمانينات القرن الماضي جاءت شوطة الإسلام التكفيري وإخراج ما لا يمكن ان نتخيله من التراث الإسلامي وحشو الأدمغة بالكراهية للآخر وتسفيهه وإحلال عرضه ودمه والآن وصلت نتائجه الي التطبيق العملي بالصوت والصورة والذي جعل الكثير من المسلمين يرفضون الحقيقة التي تقول ان ما يقوم به هؤلاء له جذور إسلامية مسجلة بكتب التراث وكل ما يصنعه هؤلاء هو تجسيد للتاريخ الذي امتد خلال ١٤٠٠ سنه بكل إخلاص . الأخت الكريمة إذا كنت فعلاً تبحثين علي الحلول فاليك كل شيء بوضوح بدون توربة و اللف والدوران والتعميم ووصف الموقف انه موقف طبيعي يحدث في الشرق كما حدث في الغرب وكان حالك يقول ياعزيزي كلنا مجرمين علي وزن عنوان قصة بإحسان عبد القدوس ياعزيزي كلنا لصوص .

واقع مر واحلام لذيذة
متابع -

هناك كلام كثير يمكن ان يقال فى هذا المجال وكيف ان الاوروبيين وبعد الدمار والحروب استطاعوا نشر الديمقراطية والحرية والاهتمام بالانسان فلا ننسى ان مرجعية هؤلاء هم مفكري وفلاسفة عصر التنوير وعصر الحرية الفكرية العقلانية والواقعية والانسانية وليس كمرجعية متطرفة من كتب تراثية ميته ورجالات دين مرضى ومخبولين كل فكرهم منصب على سلب حرية الانسان وبرمجة حياته على الآخرة فقط والاتكال على الخالق فى امور الدنيا والتحريض على العدوان والدموية والحروب مع بقية العالم . حرق مكتبة الاسكندرية وربما مكتبة بغداد خسارة كبيرة للانسانية اما حرق مكتبة الموصل يا سيدتى فلا تندمين عليها ابدا فما عساها ان تحوى من مخطوطات وكتب ومؤلفات سوى الكتب الصفراء المزيفة التراثية الدينية والفقهية البالية التى لا تسمن ولا تغنى من جوع بل ان تاثيرها على الشباب المسلم اسوأ من نفعها واملى ان تحرق لنرتاح من هذا الارث الثقيل الذى تسبب في هلاكنا ومحنتنا . شكرا لك اسأل فقط اذا كنت على اتصال بالاستاذ خالص جلبى نرجو تبليغه التحيات من القراء ونحن دائما فى انتظار عودته . هناك مثل يقول : كل سعادة الانسان هي فى الاحلام والتخيلات. tout le bonheur des hommes est dans l ''imagination

خليكى واقعية
فول على طول -

جاء فى المقال الجملة الاتية: المرأة إنسان متكامل مثل الرجل ويحق لها تماما ما يحق للرجل... انتهت الجملة ونحن نسأل الكاتبة عن مكانة المرأة فى الدين بدون تزييف للحقائق وبدون اظهار الصورة الوردية التى تعودتم على خداع أنفسكم بها لأن الاخرين لا ينخدعون بها أمثالكم؟ وبالطبع فان الدين الأعلى يقول أن تعدد الزوجات وختان الاناث مكرمة للمرأة وهذا مجرد أمثلة وتدافعون عنها باستماتة حتى تاريخة . جملة أخرى تقول : وعندما جاء رجل قبل 1400 سنة في مكة وأصر أن البشر كلهم سواسية ..انتهت الجملة وبالطبع فان هذا الرجل قال أيضا وأنتم الأعلون وأنتم خير أمة ولا ولاية لغير المسلم على المسلم وقال أيضا أن بقية البشر كفار وعليهم دفع الجزية وهم صاغرون وخاصة كفار اليهود والنصارى ...نقول تانى ولا كفاية كدة ؟ ..وأيضا الجملة الاتية : ويتعاون فيها أتباع الأديان المختلفة وكل الملحدين فنحن لا نحلم ...انتهت الجملة وبالطبع فان الكاتبة مازالت مستغرقة فى الأحلام ..هل يستطيع أحد أن يجاهر بالحادة فى بلاد المؤمنين يا استاذة أو حتى يعتنق دين اخر غير الدين الأعلى ؟ وهل يمكن لأحد من النصارى أو اليهود أن يتساوى بالمؤمن المسلم ؟ يبدو أن الاستاذة غارقة حد النخاع فى أحلامها . أما عن الحروب فى أوربا يا استاذة فقد كانت بناء على أطماع وخلافات سياسية ولم تكن بناء على نصوص مقدسة ولذلك أمكن الاعتراف والاصلاح ... يبدو أن الكاتبة تريد تسويق بضاعة حديثة وتتجاهل النصوص المقدسة التى تكبل المؤمنين وتعرض العالم كلة للدمار ..خليكى واقعية يا استاذة واعترفى بأصل الداء حتى يمكن العلاج - ان أمكن - والشفاء ..ربنا يشفى .