فضاء الرأي

تفجيرات الخليج .. وخراب المشروع الداعشي

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك



&

نفى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير توافر أي أدلة على تورط إيران في التفجيرات التي اختارت مساجد الطائفة الشيعية في الخليج ، الجبير الذي تعرض لمحاولة اغتيال في الولايات المتحدة بتدبير من إيران نفى أي صلة للجمهورية الإسلامية بمناسبات التفجير الطائفي في السعودية والكويت .
وقد تكون إيران واحدة من المستفيدين الجانبيين لهذه التفجيرات ، من باب انشغال السعودية بنفسها وهي تقود عملية تصحيح سياسي للمنطقة ضد التوسع الإيراني ، العملية التي تأخذ شكلاً مباشراً في حملتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل بعد أن كاد اليمن السعيد يهوي في قبضة الحوثي وينضم إلى نادي العواصم العربية المعممة .
ولكن التفجيرات التي وقعت ؛ تنتمي إلى فلسفة تنظيم الدولة من جهة الأسلوب والتبني وربما الأهداف كذلك ، داعش بوصفه النسخة المتطورة من تنظيم القاعدة يبحث عن مناطق الانفلات الأمني ليعشعش ويستنبت قواعده وولاياته المزعومة ، يبحث عن المناطق الموتورة بمنطق اللادولة ، ولذا ينشط ويتكاثر كوباء في أحضان الدول الفاشلة والفوضى وضعف الحضور الحكومي .
ولأن الخليج يعتبر واحداً من المساحات المغرية لتنظيم داعش ، برمزيته الدينية وديمغرافيته المحافظة وثرائه الطبيعي ، كما أنه واحد من أخص أهدافه ، لأنه " رمانة " الاستقرار المتبقية في الشرق الأوسط المضطرب ، والاضطراب هو أفضل فرص الانتشار لهذا التنظيم البكتيري الذي يقتات على قلق الناس ويعتاش من فوضاهم وتمزقهم .
كما ينقم على الخليج مشروعهم التنموي لبناء دولهم من قفار الصحراء إلى مصاف الثراء ، وتفسيرهم الوسطي للدين السمح الحنيف ، وتلاحمهم الاجتماعي الذي صد كل محاولات الزعزعة والتفتيت التي عصفت بالعالم العربي والإسلامي ، وتلك كلها ملامح تستفز التفكير المتطرف والمستغلق .
يبحث تنظيم الدولة الموهومة عن موطئ قدم له في الخليج ،& ولكنه يصطدم بحجر الاستقرار وإحكام عرى الدولة ، ولا سبيل له إلا عبر تفجير الأوضاع وخلق الفوضى وتبيئة النزاعات الداخلية لأنها تؤمن له وجوداً ضارباً وحضوراً مبرراً .
وفي الوقت الذي يواجه فيه العرب بقيادة دول الخليج حرباً تطيفت بالضرورة ضد أطماع فارسية ، يتحين المشروع الداعشي فرصه ويعبث بخاصرة العرب ويحاول أن يزاحم بمشروعه السياسي البائس في فضاء الشرق الأوسط المسموم باحتدام المشاريع الضالة .
يزيد من طموح إيران حبكة دولية تمهد الطريق لمطامعها ، ويمد راية منطقة الفوضى إلى حارس جديد بمواصفات& " مريحة " بالنسبة لهم ولربيبتهم إسرائيل .
والغرب عندما وقع باستبشار اتفاقاً نووياً ، إنما يعيد لطهران أموالها ويرحل مشروعها إلى حين تتعافى من متاعبها الاقتصادية ويهيئها لتتجاوب قدرتها العسكرية النووية مع إمكانات اقتصادية وجيوسياسية مناسبة ، والاتفاق الذي يراد منه تقليم أظافر إيران جاء ضوءاً أخضر لمد أصابعها في المنطقة بارتياح ، وما دفعة الأسلحة الإيرانية التي عانقت سواحل البحرين إلا أول الغيث الملتهب .
ورغم الاختلاف العقدي والأيديلوجي الصارخ بين داعش وإيران ، ولكن وحدة الأهداف تجمعهم على معاداة الخليج ، ومحاولاتهم الدائبة لإعاقة مشروعه العربي من جهة إيران ، ومشروعه الأممي من جهة داعش .
وهذا يفسر حملة الاستعداء المتزايدة ضد السعودية ، لأنها البلد الوحيد برفقة زملائه الخليجين الذي وقف حجر عثرة ضد هذا المشروع الجديد ، وتنبه لمخاطره واستشعر مهالكه ، وبادر إلى مواجهته ولو منفرداً ، في لحظة تاريخية فاصلة ، سيتذكرها الزمان يوم تنطفئ جذوة الخطر .
وربما كان الخليج مكرهاً لا راغباً في تبني مشروع عربي يعوض الغياب المزعج لدول مثل مصر وسوريا والعراق لظروفهم السياسية المعقدة ، ولكن الخليج مضطر على كل حال ، سيما وأن الحليف الغربي لم يعد متحمساً للبقاء في المنطقة ، وتحرك الخليج ليعالج هذه الأزمة .
والخليج لديه القدرة للقيام بهذا الدور ، سيما في ظل قيادة بلد مهم ومؤثر على الصعد الدولية والإقليمية مثل السعودية ، ولتخفيف الأعباء المكلفة والباهظة لدور مثل هذا ، عملت السعودية على اجتذاب حلفاء جدد مثل باكستان وتركيا ، وفرنسا من الجهة الأوروبية ، وربما روسيا كذلك ، وهذه خطوة في الاتجاه الصحيح ، اتجاه التخفيف من الاتكاء طويلاً على البيت الأبيض المنكفئ على استراتيجياته الجديدة .
سيستمر داعش في البحث عن موطئ قدم ، وسيستغل في سبيل ذلك كل الفرص المتاحة ولو تحالف مع الشيطان ، وسيؤجل خصوماته الجانبية مع الشيعة المتفرنسين ، ولكن طموحاته ستتحطم على صخرة التماسك الخليجي وطبخته السياسية الفريدة .
يواجه الخليج داعش من محورين ، من الخارج إذ يبتلع المزيد من مساحات البلدان العربية المنهكة ويتحفز على حدود الخليج ويرسل الأجساد المفخخة إلى مساجده ، ويجند شبابه ، ويفرخ صبيانه .
ويواجهه من الداخل ، إذ يسجل هذا الفكر المزيد من المنظمين والمتعاطفين معه مما يعبر عن فجوة سياسية وفكرية حادة تؤمن له المزيد من الوافدين ، ويستدعي جهداً مضاعفاً في مسار الإصلاح السياسي والثقافي لمعالجة الواقع .


@omar_albadwi

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
قراءة واقعية
صقر العبدالعزيز -

قراءة واقعية ، ومتأنية لكاتب متمرس ، ومتمكن ، لكن الضرورة تستدعي تعاونا خليجيا أوسع للحد من جرائم داعش ، وانتشار فكرها ، انتشار النار في الهشيم !! إن الحاجة تتطلب سياسة خليجية موحدة - أسوة بالسياسات الموحدة الأخرى - لا تقتصر فقط على الحل الأمني بل على التوعية الفكرية أيضاً ، وبخاصة بين صغار السن من الشباب ، والقضاء على كل مسببات اقبال الشباب على الفكر الداعشي الممدمر ، البطالة على ه الخصوص .

العكس هو الصحيح
فول على طول -

يقول الكاتب : يواجه الخليج داعش من محورين ، من الخارج ومن الداخل ..من الخارج لأن داعش يتمدد ومن الداخل بالفكر ..انتهى الاقتباس وهذا ملخص المقال . لكن الحقيقة التى ابتعد عنها الكاتب أن الخليج هو الذى أوجد داعش فكرا وتنظيما وماديا ومعنويا ...الخليج هو الذى يمد داعش بالأفكار والانتحاريين والأموال وهو الذى يساندهم حتى تاريخة ويبعثهم الى دول بعينها لتخريبها - العراق وسوريا ومصر تحديدا - وأغلب الانتحاريين من الخليج من دولة بعينها . كفاكم .

الخليج هو داعش
كريم الكعبي -

الخليج هو فكر داعش وارض داعش وتمدد داعش لولا الخليج ورعايتها الابوية لهذا التنظيم المتطرف لما كان له موطئ قدم في العالم بأسره ولماذبح مئات الالاف وسبييت النساء وقطعت الرؤوس واكلت الاكباد وتناكح القطعان بالحرام

داعش هو الشرع
خوليو -

تُطبق داعش الشرع الإسلامي 100% ،،والخلاف مع مع إخوانهم من الذين آمنوا هو بمقدار النسبة المئوية لهذا التطبيق ،، في دولة الإمارات مثلاً نجد تطبيق الشريعة بنسبة 60% وخاصة في أمور ال العبادات والطقوس الدينية فنجدهم يقطعون أي برنامج عندما يحين موعد المناداة للذين آمنوا من أجل الصلاة،، لأن الربع شديدوا النسيان ،، أما في المجالات الأخرى فتطبيق الشرع يكاد معدوم من حيث اللباس والمشروبات والاختلاط وإعطاء حد أدنى من الحقوق للمرأة ،، لذلك الصراع مع داعش سيكون حتمي لأن هناك عدد كبير من ذكور الذين آمنوا تستهويهم المكاسب التي أعطاها الشرع لهم من ميزات اجتماعية وسلطوية وسياسية وتسلطية حيث يشعر وكأنه زعيم وآمر وناهي ويضحك عليها بالكلام المعسول،، ويسحق حقوقها الإنسانية بالكرامة والمساواة والحرية الشخصية ،، لذلك فهزيمة المشروع الداعشي مرتبط بقدر الوعي الذي يمكن أن تناله المرأة في بلادنا لتضع شرع الذكور عند حده وتطالب بالمساواة ،، أي أن فشل مشروع داعش مرتبط بمقدار الوعي الإنساني لمعنى الحقوق للمرأة والرجل في مجتمعات الذين آمنوا،، ولللأسف لاتزال كفة الميزان تميل لصالح الشرع والتسلط واضطهاد الحقوق الإنسانية ،، ازدياد الوعي هو السلاح الوحيد لفرط المشروع الداعشي المستمد من الشريعة الدينية .