فضاء الرأي

الغاية تبرر الوسيلة – العلاقة بين تركيا وإسرائيل نموذجاً

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بدأت العلاقات التركية - الإسرائيلية في شهر مارس 1949م، عندما اصبحت تركيا ثاني دولة ذات اغلبية مسلمة تعلن اعترافها بإسرائيل كدولة شرعية على الأراضي الفلسطينية، بعد إيران التي إعترفت بدولة إسرائيل عام 1948م، ثم قطعتها بعد الثورة في عام 1979م. ومنذ ذلك الوقت اصبحت إسرائيل هي المورد الرئيسي للسلاح الى تركيا، وحققت حكومة البلدين تعاونا مهما في المجالات العسكرية والاستراتيجة والدبلوماسية. كما ان البلدين يتفقان حول الكثير من الاهتمامات المشتركة، والقضايا التي تخص الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وشهد عام 2000م إحدى اكبر مراحل الانفتاح في العلاقات بين البلدين عبر توقيع اتفاقية التجارة الحرة بينهما.

بعد وصول حزب العدالة والتنمية الى الحكم في عام2002م، بدأت العلاقات التركية &- الإسرائيلية تشهد توترات خفيفة لأسباب غير ذات اهمية، منها على سبيل المثال: اصدار إسرائيل تصريحات تستفز بها تركيا حول التواجد العسكري التركي في شمال قبرص، وعدم الأخذ برأيها في الصراع العربي &- الإسرائيلي.

بدأت العلاقة بين البلدين بالتدهور تدريجيا، ففي نهاية عام 2008م وبسبب الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، إنتقد كل من "رجب طيب اردوغان" ووزير خارجيته "احمد داوود أوغلو" السياسات الإسرائيلية بشدة. ثم ولأول مرة في تاريخ زعيم تركي، وقف "اردوغان" في مؤتمر "دافوس" في شهر يناير من عام 2009م، ووصف الرئيس الإسرائيلي وقتها " شمعون بيريز" بالقاتل، قائلا: "تحدثت مع اثنين من رؤساء وزرائكم، وكلاهما أخبراني انهما يكونان سعداء عندما يدخلون قطاع غزة على ظهر الدبابات، وعند الحديث عن القتل، انتم تعرفون القتل وتتقنون قتل الأطفال". لا زلت أتذكر أن الملايين من الشعوب العربية قد صفقت "لأردوغان" على موقفه ذاك، واسبغت عليه الكثير من الصفات، حتى خيل للبعض ان تحرير فلسطين سيكون على يده.

ثم تلاحقت الأحداث التي زادت من وتيرة التدهور، ففي 14 أكتوبر 2009م اعلنت تركيا إلغاء مناورات "نسر الأناضول" الجوية التي كانت ستشارك فيها إسرائيل الى جانب قوات من الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي، متذرعة بتصريحات لأحد الجنرالات الإسرائيليين حول الدور الإقليمي للجيش التركي.&

ثم جاءت القشة التي قصفت ظهر البعير، ففي 31 مايو 2010م، قامت البحرية الإسرائيلية بمهاجمة السفينة التركية "مرمرة" التي كانت متوجهة لكسر الحصار المفروض من إسرائيل على قطاع غزة، وقتلها تسعة أتراك من ضمن الركاب الذين كانوا على سطح السفينة. الأمر الذي رد عليه "اردوغان" بالتهديد بقطع العلاقات بشكل كامل في حال عدم تلبية إسرائيل للشروط التركية، وهي: تقديم اعتذار رسمي، وتعويض اهالي المتضررين من الإعتداء الإسرائيلي، والسماح للمساعدات التركية بالوصول الى قطاع غزة. كل هذه الشروط لم تقبل بها إسرائيل، ولم ينفذ "اردوغان" تهديده بقطع العلاقات بشكل كامل.

منذ انخراط كل من تركيا وإسرائيل في الصراع الدائر في سوريا، بدأت الحاجة الملحة لإعادة العلاقات بين البلدين الى سابق عهدها، ففي شهر مارس 2013م اعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن "بنيامين نتنياهو" اجرى مكالمة هاتفية مع نظيره التركي واعتذر له عن الأخطاء التي تسببت في مقتل النشطاء الأتراك في الهجوم على السفينة "مرمرة"، وطلب منه استعادة العلاقات التي تضررت بشدة بين الجانبين. ويقال ان هذا الاتصال تم بوساطة من الرئيس الأمريكي "باراك أوباما".

يوم السبت، الثاني من الشهر الجاري، نقلت ابرز الصحف التركية اعلان الرئيس التركي "أردوغان" المضي قدما في تطبيع العلاقات بين البلدين التي توترت منذ العام 2010م، قائلا بوضوح لا لبس فيه: "إن إسرائيل بحاجة الى بلد مثل تركيا في المنطقة، وعلينا ايضا القبول بحقيقة اننا نحن ايضا بحاجة لإسرائيل، انها حقيقة واقعة في المنطقة".

في الواقع تركيا بحاجة اكثر الى الاعلان عن هذا الاتفاق رغم محاولة بعض المسؤولين الاتراك التقليل من شأن ذلك. هي بحاجة الى هذا الاتفاق لمواجهة روسيا بعد توتر العلاقات بينهما بسبب اسقاطها الطائرة الحربية الروسية في 24 نوفمبر 2015م، والتي على ضوئها قامت روسيا بفرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية الفورية على تركيا. كما لوحت باحتمال وقفها تزويد الغاز لتركيا، سيما ان روسيا تغطي ما بين 30% الى 50% من احتياجات تركيا.&

على الصعيد الاقتصادي، حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل يقدر بلميارات الدولارات، حتى العام 2008م وصل الى حوالي ثلاثة مليار دولار غير شامل للتبادل السياحي و العسكري. وبعد تراجع العلاقات وصل حجم الصادرات التركية الى اسرائيل ما يزيد عن مليار ونصف المليار دولار، اضافة الى ما يقارب نصف مليون سائح اسرائيلي سنويا يتوجهون الى المنتجعات التركية، هذا الى جانب ٢٥٠ شركة اسرائيلية تعمل في تركيا، في حين وصل عدد الشركات التركية التي تعمل في اسرائيل الى ٥٨٠ شركة. كما اعربت إسرائيل عن موافقتها سد حاجة تركيا من الغاز الطبيعي في حال اوقفت روسيا تزويدها بذلك.

اما على الصعيد العسكري، هناك العديد من الاتفاقيات التي وصلت قيمتها الى مليارات الدولارات، حيث تزود اسرائيل تركيا بطائرات بدون طيار، وتعمل على تطوير الدبابات التركية وصيانة الطائرات الحربية التركية وتعمل على تحديثها وتزويدها بالتكنلوجيا التي تزيد من قدراتها القتالية، اضافة الى تزويد الجيش التركي بالاجهزة الاكترونية المتطورة من خلال الصناعات العسكرية الاسرائيلية.&

لا يمكن لتركيا في ظل أي حكومة ان تقطع علاقتها بإسرائيل، المصالح بينهما متطابقة وتخدم اهدافهما في السيطرة على المنطقة على حساب مصالح الدول العربية، كما ان تركيا &- كما يعلم الجميع &- تحاول منذ زمن طويل الانضمام الى الاتحاد الأوروبي، وعلاقتها القوية مع إسرائيل قد يكون عامل مساعد على ذلك.

في السياسة ليس هناك عدو دائم او صديق دائم، هناك مصلحة دائمة. "ونستون تشرشل".&

الغاية تبرر الوسيلة. "مكيافلي في كتابه الأمير".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
وجهة نظر
براجماتية حقيقية -

أرى بأن الغاية لا تبرر الوسيلة في الحالات "العادية". الجرعة الزائدة من هذا المبدأ البراجماتي هو السبب الرئيسي للفوضى غير الخلاقة في أمتنا. المحصلة الجماعية هي خسارة كافة "البراجماتيين". أين المصلحة الدائمة هنا؟ انها وللعجب في البعد عن الافراط في البراجماتية. نعم، هنالك قاعدة معروفة ان للضرورة أحكام، لكن الضرورة تقيم وتقدر بقدرها، وهي استثناء وليس قاعدة. نعم سلوك المبادئ والاخلاق يحتاج الى اطار توافقي، وهذه مسؤولية مزيج من الحكمة والسلطة.

انفتحوا على العالم
عصام حداد -

السبب في تأخر العرب اليوم، يعود الى ايمانهم العميق ان لهم عدو واحد يجب القضاء عليه ورميه في البحر ،بالامس كان الصهاينة عدوهم المفترض لا غير ،،اليوم امريكا ،روسيا،ايران ،وووو،ترى اذا كان للعرب عدو واحد لم يحاربوه جديا ،وهم يقبعون في اسفل سلم تطور الشعوب ،ترى كيف سيكون حالهم اذا حاربوا كل اعداءهم الجدد؟؟؟؟؟ انفتحوا على العالم ،يرحمكم الله

العدو المزدوج,
زبير عبدلله -

الاتحاد السوفياتي السابق, كان عدوا مزدوجا, عدوا للدول الغربية, وعدوا للعالم الاسلامي,كانت هناك حروب مقدسة باسم الدين ,افغانستان مثالا, وحروب شيوعية راسمالية, في اماكن متعددة'' .انهيار الاتحاد السوفييتي, به انهار هذا العدو المزدوج, وكان لابد من البحث عن عدو, فوقع الاختيار على الاسلام, واضافوا اليها الارهاب لتكتمل الصورة, .هذا كان على مذاق اسرائيل, والاوربيين وامريكا, فكان انهيار ابراج التجارة العالمية, وغبار الطلع المنبثق منه, لقح الارهاب في كل مكان, تلقفها ابن لادن ,ببويضاته المجمدة من امريكا, فكان رحما, مناسبا لولادة الاف التوائم الارهابية ,وجدت في الثورة الايرانية الاسلامية,وفي تركيا العثمانية ,الاف الحواضن, والرحم وتكاثرت تكاثر الفطور في الربيع...كان اردوغان حازقا في صنع المستقبلات الصناعية ,وساعده في ذلك التعاون الوثيق,بين الميت والموساد, فكانت العابه البهلوانية, لكسب ثقة الشعب الفلسطيني, والمسك بورقته..!بينما كان الجيش الاسرائيلي مثل التيار المتناوب يدخل غزة, ثم يعود يدخل, وفي نفس الوقت كان ا اردوغان يحتضن مشعل,احتضن البرزاني, بحرارة, وكان الجيش التركي يبيد شعب بكامله, ...هنا ليست ميكافيلية, ولا ماقاله تشرشل (هنا غباء قادتنا, وشعوبنا...ومثقفينا

تحالف استراتيجي
تركي / اسرائيلي -

هناك تحالف استراتيجي تركي / اسرائيلي وفي نفس الوقت هناك حلف استراتيجي تركي /سعودي ما معنى هدا تركيا حليف اسرائيل وبنفس الوقت حليف السعودية لا بل حليف استراتيجي وفي هدا التحالف اسرائيل الاقوى واسرائيل القائد