صباح الخير من تونس 13
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&مطلع العام الحالي، نزل على التونسيين خبر سيّئ آخر ينضاف الى سلسلة من الاخبار السيّئة الاخرى ليزيد في تنغيص حياتهم.فقد نشرت مؤسسة Times Higher Education البريطانية تقريرا يشير إلى أن هناك 15 جامعة عربية تتمتع بالمواصفات الجديرة بالجامعات المحترمة مستثنية الجامعات التونسية .ولعل المؤسسة المذكورة محقة في تصنيفها .فالجامعة التونسية تشهد منذ سنوات عديدة،وحتى قبل سقوط نظام زين العابدين بن علي في الرابع عشر من يناير ( كانون الثاني) 2011 ترديا مفزعا وخطيرا على مستويات مختلفة ومتعددة.و ازداد هذا التردي استفحالا خلال السنوات الخمس الماضية.ويعود ذلك الى الصراعات المذهبية والعقائدية والإيديولوجية التي باتت تتخذ من الجامعات سواء في العاصمة،أو في المدن الداخلية مسرحا لها.ثمّ ان الاحزاب الجديدة التي ظهرت في المشهد السياسي آستغلت مثل هذه الاوضاع لتستقطب أنصارا لها يدافعون عنها،وعن برامجها داخل الجامعات ،منصرفين عن الدراسة،وداعين بين وقت وآخر الى اضرابات تعطل الدروس لأيام طويلة .وأكثر من مرة ،شهدت جامعة منوبة،في الضواحي الغربية للعاصمة،مواجهات عنيفة بين الطلبة السلفيين والعلمانيين .ولم يكن من السهل على المشرفين عليها تهدئة الأوضاع &الا بعد عناء شديد.ويساهم البعض من الاساتذة بقدر كبير في هذه الفوضى التي تسود الجامعات التونسية.وينتمي هؤلاء الى تيارات سياسية تجعلهم يولون اهتماما للنشاط السياسي أكثر من آهتمامهم بالتعليم وبالبحوث العلمية التي يشرفون عليها.وعوض أن يسعى هؤلاء الى التقليص من المشاكل التي تعرقل سير الدروس ، وتحسين مستوى الدراسة والرفع من شانها، وحثّ طلبتهم على اعداد بحوث معمقة ومفيدة ، نجدهم يركضون من منبراعلامي الى آخر ليخوضوا في القضايا السياسية والإيديولوجية،أو هم يتدخلون في الجدل العقيم الذي يدور بين الاحزاب &،فلا يكون لتدخلاتهم لا معنى ولا مدلول.وهذا هو حال الدكتور الحبيب القزدغلي ،عميد جامعة منوبة الذي اصطدم أكثر من مرة بالجماعات السلفية التي ارادت فرض الحجاب والنقاب على الطالبات ،فلم يعد مهتما بقضايا الجامعة الاساسية بل بالنشاطات السياسية التي تحدث فيها.وهو لا يتكلم في المنابر الاّ عن خلافاته مع الجماعات السلفية. وثمة أساتذة آخرون انساقوا للعمل السياسي طمعا في منصب رفيع،ولم تعد الجامعة تعني لهم شيئا.وهذا هو حال الدكتور أبو يعرب المرزوقي الذي كان متعاطفا مع التوجهات القومية في عهدي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي،ثم أصبح من أنصار حركة النهضة الاسلامية التي كافأته بتعيينه مستشارا لحمادي الجبالي الذي ترأس أول حكومة بعد انتخابات خريف 2011.وفي أكثر من مناسبة ،أدلى الدكتور أبو يعرب المرزوقي بتصريحات أثارت آستغراب التونسيين،وغضبهم.من ذلك مثلا أنه أشار ذات مرة الى أن "السياحة دعارة".كما أدلى بتصريحات أخرى دلت على سطحية ابتذال &.ولعله انتبه الى ذلك.لذا انسحب من الحياة السياسية ولم يعد يسمع له صوت.وفي مطلع العام الحالي، صدر كتاب بعنوان:”الثقافة والإلتزام" آحتوى على وثائق ودراسات كانت حصيلة ملتقى دولي انتظم يومي 12 و13 ابريل(نيسان )2013.وتضمن الكتاب دراسة أعدها عادل بن يوسف أستاذ التاريخ المعاصر بالجامعة التونسية تحت عنوان "المثقفون والسلطة في زمن بن علي"،وفيه اتهم عشرات من الأساتذة والباحثين في مختلف الاختصاص بانهم كانوا "بيادق"،و"أبواق" النظام القديم،وكانوا له خاضعين مطيعين فلم يجرؤوا ابدا على انتقاد سياسته،وقمعه للمعارضين ،وضربه لحرية الصحافة.وكثيرون من هؤلاء تمتعوا بامتيازات مادية مهمة في فترة حكم بن علي.
ويثير هذا الكتاب راهنا ضجة كبيرة في اوساط الجامعيين مطلقا جدلا ساخنا بينهم،وملهيا اياهم عن معالجة القضايا الخطيرة التي تواجهها الجامعة التي تزداد اوضاعها سوءا.ويبدو هذا الكتاب شبيها الى حد كبير ب"الكتاب الأسود " الذي اصدره الرئيس المؤقت السابق محمد المنصف المرزقي متضمنا قائمة بأسماء شخصيات سياسية وفنية وادبية واعلامية وجامعية كانت على صلة وثيقة بنظام بن علي.وقد استقبل &التونسيون الكتاب المذكور الذي ابتغى منه صاحبه الحصول على شعبية كبيرة بكثير من الامتعاض والتحقير إذ لم يكن الهدف منه غير اشاعة سياسة الانتقام والتشفي .والحقيقة ان مثل هذه الكتب لا تعني شيئا اخر في الظروف الصعبة التي تعيشها تونس راهنا غير بث الخلافات والانقسامات بين النخب التونسية،وصرف نظرها عن المهم والاهم، وتبديد جهودها في ما يضر بالبلاد والعباد!&