المرجعية الدينية في العراق : داء الصمت وداء الكلام
عبد الرحمن دارا سليمان
-
قراؤنا من مستخدمي تويتر يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر إضغط هنا للإشتراك
&لم تتورّط مرجعية النجف الأشرف طوال تاريخها المعروف بالرويّة والإعتدال والإبتعاد عن مؤسسة السياسة ورموزها الحاكمة، كما تورّطت بعد عام 2003. فقد كان في المشروع السياسي القادم مع الإحتلال، الكثير من الإغراء والخديعة. والكثير من الفوضى التي كان لها نصيب من التنظير عند الأخيار مساو لنصيبها من التهريج والتهليل عند الأشرار.&الصراعات المركّبة التي إستجّدت بين أغلب القوى السياسية القديمة والقوى والشخصيات الصاعدة، كانت جزءا من ورطة الفوضى الخلّاقة، كمقدّمة لتفتيت الفكرة الوطنية وتأسيس الطائفية السياسية على أنقاضها. كما رافق سقوط الديكتاتورية، خروج العراق من حقبة الدولة المركزية والمجتمع المركزي المُسيطر عليه قسرا، وأدخله في دوامة لم يتّم إستيعابها وفهم أبعادها وأهدافها ومقاصدها، من قبل رجال السياسة الحاكمة ناهيك عن رجال الدين والتقوى والورع.&إكتشاف الخدعة مبكرا، لم يكن سهلا على الذين كانوا على الدوام يحتقرون السياسة كعلم حديث يُدرّس في الجامعات والمعاهد ومراكز البحوث، ولا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد، بالحوزات والدورات الحزبية وخبرة الأوكار والدسائس والإيقاع بالخصوم. المعارك الصغيرة بين صغار الرجال بدأت منذ وقت طويل سبق سقوط الديكتاتور. وإستمرّت بضرواة أشدّ بعده. خديعة التوافق السياسي الذي إنقلب الى المحاصصة الطائفية والأثنية وتقاسم السلطة والثروة والنفوذ بين قادة الكتل السياسية، كانت بدورها خديعة ساذجة إنطلت بسهولة على الجميع. مجرّد خدعة محلّية تعزف على ربابة قديمة لكنّها كانت تتناغم دون نشاز مع السيمفونية الكبرى في عصر عولمة الحقل السياسي.إفساد السياسة ورجالاتها وخلق أقلية ثريّة وفاسدة من العدم عن طريق إزالة الحدود الفاصلة بين السياسة من جهة، وبين التجارة ودنيا المال والأعمال من جهة أخرى. تغذية العقد الموروثة عن طريق الإمتيازات الخيالية وألقاب الفخامة. ديكتاتورية المحروم هي من أسوأ الديكتاتوريات. صومعة الحوزة الدينية لا يمكنها إدراك ذلك. المسافة شاسعة بين المطلق والنسبي. أخطاء المرجعية كانت فادحة حين لم تدرك طبيعة الحراك السياسي الخاطف والسريع كسرعة سقوط الصنم. وحين لم تدرك طبائع البشر. شيعة كانوا أم غيرهم. للسياسة العراقية دهاليز مظلمة غالبا ما تضع المصالح الشخصية فوق الأقوام والطوائف والمذاهب. &لم تستغلّ المرجعية سطوة المقدّس في الدعوة للدولة المدنية كما جرى لاحقا ومتأخرا. بل كانت إشاراتها واضحة للتصويت لقوائم الشيعة في إنتخابات عام 2005. سارعت للدعوة لكتابة الدستور ولإجراء الإنتخابات دون تمعّن ودون الأخذ بنظر الإعتبار ما تتطلبه ظروف البلاد من تهيئة وتحضير وتوفير لأجواء ومناخات صالحة للإختيارات الأفضل والأكثر كفاءة ووطنية. يبدو أنّ دولة الفوضى كانت خيار الجميع. والجميع كان يخشى من دولة المواطنة وسيادة القانون. كان السؤال وما زال : أخوّة الدين والإيمان والمذهب كما كانت في الإمبراطوريات القديمة التي تحنّ اليها المرجعيات الدينية، أم علاقة المواطنة والمساواة أمام القانون التي تتطلّع اليها الشعوب في الدولة الحديثة؟. & &اللعّبة لم تنته بعد والمحنة لم تصل خاتمتها. لعبة الفئران المربوطة من ذيولها في متاهة أضحكت العالم بأسره وأبكتنا لوحدنا في زاوية ضيّقة إسمها "العراق". مصيدة تنتظر أبواب الخروج منها. وفي إنتظار ذلك سنشهد المزيد من حفلات التعرّي لمناضلي الأمس، وسنرى المزيد من الهرج والمرج والخردة وقطع الغيار السياسية التي لم تعد تصلح لشيء. الأخيار والأشرار معا سمّوها "العملية السياسية".&باريسsulimaner@yahoo.fr & &&
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الكمال لله وحده
عراقي يكره المغول -
أية رويّة كانت لمرجعية النجف قبل السيستاني؟.. هل من الرويّة في شيء تأسيس حزب شيعي موالٍ ومنبطح لإيران بايع أكثر قادته الخميني وانبطحوا له ولنظرية ولاية الفقيه التي بسببها تعرض شعبنا لمختلف الويلات من الطاغية صدام الذي وهب حياته للخندق المتعصب المقابل؟.. أنا لا أظن أنه قد مرت على العراق مرجعية رشيدة ومعتدلة كمرجعية السيستاني., أقول قولي هذا رغم أنني لست من مقلديه.. لنقارن فقط موقفه المبدئي من المذاهب والمشارب الأخرى بموقف فتاوى شيوخ السنة الذين وُلِدَت وترعرعَت بين أحضانهم القاعدة وداعش المتطرفتين دينياً وطائفياً ولا زالت تستمد قوتها وغذاءها منهم.. لنقارن فتاواه بفتوى الأزهر الذي خرج علينا أخيراً بفتوى عدم تكفير داعش رغم تكفيره هو لمعظم المسلمين الذين يشكل السنة القسم الأكبر منهم وإباحة دمهم.. هل سمعتَ من مرجع شيعي أو حتى سني قولاً كقول السيستاني (السنة ليسوا إخواننا بل أنفسنا)؟.. لماذا يعدّ البعض دعوة هذا الرجل مقلّديه الذين يعدّون بالملايين للانتخابات أو محاولته تحفيزهم لكتابة دستور يجمعهم وينظّم حياتهم من الأخطاء فهل هنالك سبيل ديمقراطي آخر يدلّوننا ويدلّون السيستاني عليه لنتبعه؟.. على أي شريعة وقانون وفكر وضمير نستند ونقوم لو فاز غير المؤهلين للمناصب السياسية أو كُتِب دستور ملغم أو أخرق بوضع الذنب كله على السيستاني؟ ترى هل نسينا بريمر وأمريكا وساستنا الجهلة والحمقى والنفعيين والرعاية الفاشلة لأمريكا وبريمر وتدخلات الدول المجاورة لكل ماجرى ويجري في العراق؟.. هل من العلم والعقل والانصاف و(الرويّة!) أن نحمّل هذا الرجل أخطاء غيره في الوقت الذي لاحول ولا قوة له إلا إبداء الرأي والنقد والنصيحة حتى بحّ صوته؟.. هل السيد السيستاني مَن جمّع هذه العصابات وشذاذ الآفاق هؤلاء الذين ابتلي بهم العراق وأضاعوه ودمروه منذ ٢٠٠٣ ولحد الآن.. على العكس من ذلك كان الناصح والناقد وصاحب المواقف الوطنية التي لولاها لكان اليوم أبو بكر البغدادي يخطب هذه الجمعة في بغداد وتلك الجمعة في البصرة .. أنا أسأل كل مثقف علماني أو يساري قد وضع أوروبا مقياساً لأحكامه؛ هل أن أوروبا هذه انسلخت تماماً عن الدين لتصل إلى هذا الرقي المشهود؟ إن تاريخ النهضة الأوروبي يحدثنا أنها لم تستطع ان تخطو خطوة في طريق التحضر إلا بالاعتماد على رجال دين معتدلين ..وليت شعري ـ ولا أقول أن السيستاني معصوم وكامل وخال من ال
تعليق
ن ف -
هل نحن فعلاً بحاجة إلى مرجعية؟ ما هو دور المرجعية في المجتمع وما هي وظيفتها؟ إذا وضع الإنسان مقدراته بيد المرجع، فأين هو دور العقل؟ السؤآل الذي يستحق الإجابة هنا هو ماذا حققت لنا المرجعية منذ تأسيسها وحتى هذه اللحظة العقيمة من حياتنا؟