كتَّاب إيلاف

هل يفعلها ترامب؟

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

&بعد فوز المرشح دونالد ترامب رسمياً بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر المقبل، فإن المنطق يقول أن هناك فرصة لا تقل مطلقاً عن النصف لفوز ترامب في هذا الانتخابات لأسباب واعتبارات عدة أهمها أن فرص المرشحين الرئاسيين ـ الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب ـ تكاد تكون ـ في الوقت الراهن ـ متساوية بالنظر إلى تقارب كفتيهما بشكل واضح في استطلاعات الرأي الأخيرة، بل إن ترامب قد قلص المسافة التي تفصله عن كلينتون من نحو 13 نقطة إلى 3 نقاط في آخر استطلاع للرأي، وهذا مؤشر لا يجب تجاهله أو القفز عليه مطلقاً.

الحقيقة أننا امام انتخابات رئاسية أمريكية غير مسبوقة بل يصعب التكهن بنتائجها لسبب حيوي، وهو أن الدولة الأمريكية تحرص تماماً على ريادة فكرة "النموذج"، الذي يمثل احد ركائز تفوقها وسيادتها عالمياً، فالمعروف أن "تسويق" فكرة النموذج بحاجة دائمة إلى إبداع وابتكار، بل إن الحرص على هذه الفكرة يدفع إلى السعى باتجاه مفاجأة العالم بما لا يتوقعه، وقد كان الدفع بالرئيس الحالي باراك اوباما أحد تجليات هذا التفكير الاستراتيجي الأمريكي، الذي تقف ورائه مراكز أبحاث ومؤسسات فكر تعمل على دراسة مستقبل التفوق والهيمنة الأمريكية عالمياً، لاسيما على الصعيد الثقافي، أو سيادة ما يعرف بالنموذج والحلم الأمريكي.

من هذه الزاوية تحديداً، أي زاوية المفاجأة والابهار السياسي والثقافي، أشعر أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة محيرة، فكلا المرشحين قد يمثل نموذجاً لهذا التفكير، فبالنسبة للسيدة هيلاري كلينتون، هناك احساس أمريكي بالتأخر كثيراً عن مسايرة ركب الدول التي وصلت فيها المرأة إلى مقعد الرئاسة، حيث سبقت دول كثيرة الولايات المتحدة على هذا الدرب، وهو أمر لا يليق بدولة تسعى دائما إلى أن تتصدر مؤشرات التطور السياسي والنمذجة والقيم الثقافية في العالم، ومن ثم فإن تولي كلينتون منصب الرئاسة سيمنح الولايات المتحدة بريقاَ وتوهجاً سياسياً مهما في مرحلة تعاني فيها خطر الاضمحلال والتراجع في مواجهة قوى دولية صاعدة باتت تنافسها بقوة إن لم يكن على قيادة النظام العالمي الجديد، فإن هذه المنافسة ستتمحور على بناء هيكلية جديدة لقيادة جماعية أو متعددة الأقطاب للنظام العالمي، بما يعنيه ذلك من تأثيرات سلبية على المصالح الاستراتيجية الأمريكية، والطموحات الساعية إلى استمرار التفوق الاستراتيجي والابقاء على القرن الحادي والعشرين قرناً أمريكياً استثنائياً.، وهذه الورقة تحديداً تراهن عليها&كلينتون بقوة، حيث تركز على دعوة الناخبين الأمريكيين إلى أن يكتبوا صفحة جديدة من تاريخ الولايات المتحدة، عبر انتخابها رئيسة للبلاد.

على الجانب المقابل، هناك المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي يمتلك هو الآخر مؤهلات كي يصبح نموذجاً جديداً للمفاجأة الاستراتيجية الأمريكية، فصحيح أن ترامب يعد بشكل أو بآخر رمز للانعزالية المتجذرة في التاريخ الأمريكي، ولكن يجب عدم تجاهل دور المؤسسات الأمريكية في صناعة القرارات وأن الأمر ليس مطلقاً بيد الرئيس، كما يجب أيضاً ملاحظة الاشارات والتغيرات النوعية في خطاب الحملة الانتخابية لترامب ذاته في الأسابيع والأيام الأخيرة، فالرجل الذي اختاره ترامب لخوض الترشح معه على ورقة نائب الرئيس، وهو مايك بينس، حاكم ولاية إنديانا، قال في أول خطاب له "إن ترامب سيكون زعيماً قوياً يقف بجانب حلفاء أمريكيا ويدمر أعداء الحرية"، كما يلاحظ كذلك أن بينس كان ناقداً بحدة للحظر المقترح الذي يدعو إليه ترامب بخصوص دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، لذا علينا إدراك رسالة الطمأنة الضمنية في هذا الاختيار الذكي من جانب المرشح الجمهوري.

علينا أن ندرك ايضاً أن ترامب ربما يخالف تاريخ المرشحين الجمهوريين في البيت الأبيض، فهو قد يكون أقلهم تقريباً احتكاكاً بالسياسة الخارجية قبل الترشح للمنصب، ولكن يجسد بالمقابل نموذج النيوليبرالية الأمريكية القادم من عالم المال والاقتصاد إلى عالم السياسة، فهو رمز للثقافة الليبرالية التي تزاوج بين المال والاعلام والتجارة والسياسة. وهو في هذه الجزئية تحديداً لا يمتلك في الحقيقة ميزة متفردة، فمنافسته هيلاري كلينتون تمثل بنظر الكثيرين رمزاً لقيم "وول ستريت" وأصحاب الثروات الأمريكيين، ولكن ترامب بالتأكيد يبدو مختلفاً عن الساسة التقليديين في الحزبين الرئيسيين، بل يعتقد البعض أنه يمثل "الطريق الثالث" الذي خرج من قلب الحزب الجمهوري في ظل صعوبة بروز تيار سياسي ثالث منافس للحزبين العتيقين في السياسة الأمريكية. وهنا تحديداً يمكن الاشارة بأحد مصادر قوته وتنافسيته في الأشهر القلائل المقبلة، فهو صوت غير تقليدي في السياسة الأمريكية، ولا يتحدث مثل المرشحين السابقين، لذا فإنه سيراهن كثيراً على تكريس التغير في المزاج السياسي الأمريكي من أجل تعزيز موقفه الانتخابي.

يجب علينا أن ندرك أن هناك فترة ليست قصيرة على انتخابات نوفمبر المقبل، وأن ترامب سيناور كثيراً بورقة التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة خارجياً، ولكن من الصعب عليه أن يكون لاعباً جيداً في ملف الأمن الاجتماعي الذي برز مؤخرا، بتنامي نزعة العنصرية والتمييز ضد الأقليات، لاسيما أن ترامب نفسه يتهم بأنه من شجع هذه النزعات منذ ترشحه للرئاسة!!.

بالنسبة لنا في منطقة الخليج العربي، فشأننا شأن بقية دول العالم، يهمنا كثيراً هوية من يجلس على كرسي البيت الأبيض، فالشخص الجالس هناك يؤثر حتماً في سياسات دول العالم أجمع، وهذه حقيقة لا تقلل من شأن أي طرف أو أي دولة، لأن المسألة ترتبط أساساً بشبكة المصالح الاستراتيجية الضخمة والمعقدة التي تربط الولايات المتحدة بدول العالم كافة.

لا أحد يستطيع ان يجزم بهوية الفائز المحتمل بالانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، ولكن هناك مؤشرات ترجيحية، وهي مهمة، ولكن علينا ألا نفرط في التوقعات، لأننا بصدد معركة انتخابية غير تقليدية، أحد طرفاها مرشح استطاع ان يقلب التوقعات وينتزع ورقة الترشح عن الحزب الجمهوري مخالفاً كل التوقعات والتقديرات الاستراتيجية التي قللت من فرص فوزه ليس فقط بالترشح النهائي، بل بتجاوز المراحل التمهيدية في الانتخابات الحزبية، وعلينا فقط أن نتذكر بدايات حملة ترامب، وكيف واجهها الجمهور والاعلام الأمريكي وكيف تعامل معها، وكيف كانت صورته وكيف أصبحت لنتأكد أننا امام تحول غير مسبوق باستخدام وسائل الدعاية والتسويق السياسي المؤثرة.

من الآن وحتى جولة الحسم الانتخابي في نوفمبر المقبل، علينا أن نراقب ونتابع التحولات المتوقعة في خطاب ترامب لاسيما تجاه القضايا المثيرة للجدل، ثم علينا أن نتساءل: هل يفعها ترامب؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سيان ترامب ام كلينتون
mustafa kamal -

خبر العرب سياسات الولايات المتحدة الخارجية بوجهيها الجمهوري والديمقراطي منذ غزو العراق 2003 وحتى اندلاع الثورة السورية 2011 ولم يحصدوا منهما سوى الخراب والدمار الشامل . في الوجه الاول زلزلت الولايات المتحدة ما تبقى من اساسات الدولة العراقية بعد سقوط الطاغية صدام من طريق حل جيشه الوطني فجعلته فناء خلفيا لملالي ايران يعيثون فيه تقتيلا وتخريبا وتفتيتا من خلال مجموعة من السياسيين الطائفيين الفاسدين . وفي الوجه الثاني امتنع اوباما عن وقف مجزرة الاسد الكبرى في حق شعبه ما أدى لظهور داعش الارهابية وانفلات ارهابها من سوريا الى اوروبا

مقال رائع
كامل -

هذا أهم مقال كتب في الفترة الحديثة عما جرى ويجري في الوطن العربي. بل هو ليس بمقال وإنما دراسة سياسية-تاريخية عميقة توضح كل ما نريد أن نعرفه عن أحداث الوطن العربي في العقود الأربعة الأخيرة. سأعرض هذه الدراسة غداً على طلابي، طلاب الدراسات العليا وسأقوم بترجمتها إلى الإنكليزية في الحال. كم أتمنى أن يكون لدى الكاتب مقالات أو كتب أخرى كي نستخدمها كمرجع دراسي يساعد الطلاب في دراساتهم. كم أتمنى أن أعرف عنوان الكاتب كي أتواصل معه. أ ريد أن أحصل على دراسات وكتب هذا الكاتب كي أترجمها. أريد أن أحصل على حقوق الترجمة بكاملها. شكراً لإيلاف على هذه اللآلئ.إضافة إلى ما ذكرته أعلاه، أحب أن أضيف أنه إذا حصلت على حقوق الترجمة فإن حقوق المؤلف سنأخذها بنظر الإعتبار وفقاً للمعاهدات والمواثيق الدولية التي تصون الملكية الفكرية. أتمنى أن يتصل بي المؤلف كي نرتب لقاءً وإتفاقاً ونبدأ بنشر دراساته وكتبه إلى الإنكليزية والفرنسية أولاً وبعدها إلى لغات العالم الحية الأخرى. شكراً لإيلاف والله هذا أول يوم أشعر فيه بإرتياح .

الى الناقص
زعبوطو -

متى تتوقف عن سخافاتك ...؟

لقد فعلها ترامب
Adel -

حتى لو لم يفوز بالرئاسة فلقد فتح ترامب باب الجدال حول شئ كان يعتبر من قبل من التابوهات العنصرية أو على الأقل political incorrectness فى السياسة الأمريكية فى العقود الأخيرة ..بالأمس مضيفة حمقاء تنادى على أحد راكب الطائرة وتحذرة بأنه مراقب لمجرد أن أسمة محمد وعندما يشتكى الراكب, وهو مهندس يحمل االجنسية الأمريكية, يطردوة من الطائرة .. بضعة أعمال أرهابية مثل ما يحدث فى أوروبا تحدث فى أمريكا ولن يكون هناك حاجة لمثل ترامب لكى يصبح معظم الأمريكان يفكرون بطريقة هذة المضيفة... الحكام العرب بالطبع يخشون فوز ترامب, لا, ليس بسبب موقفة تجاة المسلمين فهم يعلمون جيداً أن هذا الحظر لن ينطبق عليهم أو على عائلتهم وحاشيتهم, هم قلقون من عدم موافقة ترامب على دعم أى جهود للأطاحة بنظام الأسد, وقد يمنعهم ترامب من مساندة فصائل المعارضة الجهادية فى سوريا.

سبق صحفي
مراقب دولي للأحداث -

ترامب صار متقدم على هيلاري حسب اخر استطلاعات الرأي في الولايات الأميركية على الرغم من إن هناك عطلة صيفية والناس في إجازات عائلية .... وسيكتسح ترامب هيلاري بضربة قاضية تنسيها .........؟ ولا بلا منها ... سيفوز عليها فوز تاريخي لم يسبق له مثيل في تاريخ أميركا المنطق يقول هكذا . . خذها مني وإذا اردت سواء انت او صحيفة إيلاف بسبق إخباري فكما اقول لك هذا ايهى الكاتب بوغنيم من إن البطل الصقر الجمهوري دونالد ترامب هو الفائز من غير أي جدال ... تذكر هذا مني انت والقراء الكرام اخي العزيز ... اما هيلاري لن ولن تفوز خذها من الآخر ... هناك معطيات وظروف استثنائية علمها من علمها وجهلها من جهلها عن ما يجري في اميركا وخاصة بعد ان ثبت لشعب والأمة الأميركية إن الحزب الديمقراطي وفريق ممثلهم في الحكومة الأميركية الحالية أثبتو فشلهم وقزمو واضعفو كلمة وتأثير وهيبة اميركا على الصعيدين الداخلي والخارجي .... مبروووووووك مقدمآ الصقر الجمهوري المنقذ دونالد ترامب رئاسة وقيادة العالم 2017 ............ وللحديث تكملة ...........

ايهما ينجح فانتم الفاشلون
فد واحد -

ترمب او كلنتون فالعرب امامهم عقود قادمة من الفشل . قيل قديماً من لايعرف تدابيره , تاكل حنطنته شعيره . في غفلة من الزمن لافضل لكم فيها , انعم الله عليكم بنعمة النفط فماذا فعلتم بها بعد مئة سنة ؟؟؟ نشرتم الارهاب في العالم ودمرتم جيرانكم وناطحات سحاب لا يعرف اي من مواطنيكم ان يصلح مصعداً فيها وحكم يتبع طاغية بسفاح . صورتكم البشعة واضحة حتى لاطفال العالم ولن تنفعكم مليارات الرشى بعد اليوم وسنكون نحن عرب الغرب اول اعدائكم ولن نسمح لكم ان تدمروا بلادنا ومستقبل اولادنا في الغرب فكفونا شركم وانتخبوا كل شيوخ الارهاب من ابن تيمية الى اردوغان