فضاء الرأي

شيوعيون لكنهم الخطر الأكبر على الشيوعية

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

&

أول ما يرد إلى خاطري لدى مقاربة موضوع العنوان المتناقض أعلاه هو زيارة خروشتشوف إلى الولايات المتحدة في سبتمبر ايلول 1959 وهي الزيارة الوحيدة لقائد سوفياتي للولايات المتحدة. كان في برنامج تلك الزيارة لقاء خروشتشوف مع نخبة من رجال المال والأعمال الرأسماليين - لربما من أجل جذب الرأسماليين للإتجار من نظام خروشتشوف المنفتح أو المنحرف آنذاك. وعندما سمع خروشتشوف من هؤلاء الرأسماليين بعض العبارات الخشنة غير المناسبة رفع قبضته في الهواء مهدداً بالقول.. " سندفنكم قريباً! "، لكن ما كان هو العكس تماما فهم الذين دفنوه في العام 1964 بواسطة مساعديهم من البورجوازية الوضيعة السوفياتية.

العبرة الخالصة من هذه الخاطرة هي أن الشيوعي الذي لا يدرك الشروط التاريخانية للصراع الطبقي سرعان ما ينقلب إلى عدو للشيوعية دون أن يدري. كان القائد الشيوعي العبقري فلاديمير لينين هو أول من نبّه إلى ذلك الأمر حين كتب في كتابه الهام جداً (الضريبة العينية) في العام 1921 يقول.. " يتوجب علينا أن نفضح فشل أولئك الذين لا يرون نمط الإنتاج البورجوازي الوضيع وشرائح البورجوازية الوضيعة نفسها هي الخطر الرئيسي على الاشتراكية في بلادنا ". من الغريب حقاً أن التوجيه اللينيني في العام 1921 الذي لم يأخذ به الشيوعيون، باستثناء ستالين، لم يزل ذا أهمية قصوى حتى بعد مضي قرن طويل شهد انهياراً للثورة الاشتراكية بسبب تجاهله حصراً.

نحن لا نقول أن خروشتشوف كان متآمراً على الإشتراكية، بل يمكن القول أنه كان متعصباً للإشتركية كما يشي توعده للرأسماليين الأمريكان، لكننا نؤكد أن هذا الشيوعي "القائد" كان قد فشل تماماً في إدراك الخطر الرئيسي &- صفة الرئيسي أكدها لينين &- الذي حذر منه لينين ومثلته البورجوازية الوضيعة ونمط إنتاجها. فشل فشلاً ذريعاً في هذا الإتجاه دون أن يلقى من يفضح فشله كما حضّ لينين الشيوعيين كمولوتوف وفورشيلوف وكاغانوفتش ومالنكوف أعضاء المكتب السياسي في الحزب أو غيرهم في اللجنة المركزية والكوادر الأدنى. لو قام هؤلاء القادة بدورهم كما استوجبه لينين حسبما قدمنا لما كان الهجوم على ستالين في العام 1956 ولما اضطروا إلى سحب الثقة من خروشتشوف وهو ما استجلب الانقلاب العسكري على الحزب وطرد جميع البلاشفة من قيادته وهو ما أدى إلى تدمير الحزب وإلى انهيار المعسكر الاشتراكي بالتالي الذي كان آنذاك ثلث العالم.

ما نخلص إليه من كل ما تقدم هو أن الشيوعي الصادق الذي يفشل في إدراك الشروط المحيطة بالصراع الطبقي وبالخطر الرئيسي الذي تمثله البورجوازية الوضيعة على الاشتراكية ينقلب ليكون العدو الأخطر على الاشتراكية.&

لدينا اليوم صنفان من هؤلاء الشيوعيين الصادقين والفاشلين بذات الوقت في إدراك الشروط المحيطة بالصراع الطبقي وباعتيار البورجوازية الوضيعة ونمط إنتاجها العدو الرئيسي للشيوعية والعمل الشيوعي.

الصنف الأول الذي يبلغ لديه الفشل حد تجاهل الصراع الطبقي الذي أدى إلى إنهيار الاتحاد السوفياتي يدّعي بالتالي أن روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي بدأت تسير على خط الانتاج الرأسمالي وكأن الرأسماليين هم الذين فككوا الإتحاد السوفياتي وأن الثورة الاشتراكية يقودها البلاشفة برئاسة لينين وستالين لم تقض على الطبقة الرأسمالية، وكأن الشعوب السوفياتية فضلت الرأسمالية على الاشتراكية. هؤلاء الشيوعيون المفترضون لم يفشلوا فقط في إدراك مخاطر البورجوازية الوضيعة التي حذر منها لينين، بل أبلوا في الدفاع عنها فاصطفوا في صف أعداء الشيوعية وفي ظنهم أنهم يدافعون عن الشيوعية كما كان خروشتشوف يظن. كما أن هؤلاء الشيوعيين المفترضين لم يقرأوا ماركس يؤكد في البيان الشيوعي عداء البورجوازية الوضيعة للطبقة العاملة، العداء الذي لا يغيب حتى وهي تشارك الطبقة العاملة في النضال ضد الرأسماليين. كل من يتجاهل خطر البورجوازية الوضيعة على العمل الشيوعي أو يدعي بأن جمهوريات الاتحاد السوفياتي تسير في المسار الرأسمالي إنما هو فعلياً عدو للشيوعية حتى وإن ظل يرفع العلم الشيوعي، بل هو تحت هذا العلم يكون العدو الأخطر مثلما كان خروشتشوف.

الصنف الثاني هم أولئك الشيوعيون المفترضون الذين صدعوا رؤوسنا في الزعيق كمناضلين ضد الإمبريالية والإمبريالية الأميركية على التخصيص. نحن نطلب من هؤلاء القوم الإفتراض، مجرد الافتراض، أن الامبريالية كما نزعم، وكما كان ستالين قد أكد في العام 1952، قد انهارت قبل ما يزيد على أربعة عقود، ألا يعني عندئذٍ أن هؤلاء القوم يقومون بتضليل الطبقة العاملة وعليه هم أعداء للشيوعية. كل الحقائق القائمة على الأرض تشير بصورة قاطعة إلى أن الرأسمالية انهارت على أساسها في سبعينيات القرن الماضي. لكن هذا الصنف من الشيوعيين المفترضين يصر على إنكار هذا الانهيار حيث مجرد الاعتراف به سينتهي مباشرة إلى الإعتراف بالعدو الأخطر وهو البورجوازية الوضيعة.

التناقض الرئيس الذي إكتشفه كارل ماركس في النظام الرأسمالي هو فائض الإنتاج الناجم عن الفرق بين القيمة الكلية للإجور والقيمة الكلية للإنتاج وأن هذا الفائض يتراكم ليغمر النظام نفسه ويقتله غريقاً بالخنق، إلا إذا تم التخلص منه بتصديره إلى الأسواق الخارجية. في قيام الأممية الشيوعية في مارس آذار 1919 أعلن لينين الثورة الاشتراكية العالمية، التي كان قد استشرفها كارل ماركس وفردريك إنجلز، وهدفها الأول والمباشر هو تقويض النظام الرأسمالي العالمي ؛ ولذلك طلب لينين من الشيوعيين والاشتراكيين في الدول المستعمرة والتابعة قصر نضالهم على إنجاز ثورة التحرر الوطني قبل رفع أية شعارات اشتراكية. كان لينين يدرك بنظره الثاقب أن أولى مهمات الثورة الاشتراكية هي تفكيك الرأسمالية العالمية.

عقب انتصار الاتحاد السوفياتي الباهر في الحرب على النازية تداعت ثورة التحرر الوطني في العالم كله 1946 &- 1972 واستقلال مختلف البلدان المستعمرة والتابعة. وهكذا سُدّت كل منافذ تصدير فائض الانتاج في مراكز الرأسمالية وحال بالتالي استحالة مانعة قاطعة في استمرار الإنتاج الرأسمالي. انهار النظام الرأسمالي على أساساته في سبعينيات القرن المنصرم. رؤية ماركس في انهيار النظام الرأسمالي تتحقق ومع ذلك ينكرها الماركسيون قبل غيرهم!!

مرة أخرى تأبى الجهالة إلا أن تعبر عن نفسها فيزعم هؤلاء القوم الجهلة أن الرأسمالية تستمر على شكل الرأسمالية المالية، وهم يعنون بذلك المضاربات بالأسهم والسندات في الأسواق المالية وفي الصيرفة في البنوك وفي شركات التأمين. كل هذه الأعمال المالية تتم على حساب التنمية الرأسمالية دون أن تنتج سنتيماً واحدا، بل هي أسوأ أنواع الخدمات فهي لا تقدم أي منفعة للإنسان عكس الخدمات الاخرى التي تنفع الانسان مع أنها لا تنتج سنتيماً وليست ذات قيمة تبادلية حيث تكون قد أستهلكت تماما في ذات اللحظة التي يتم فيها إنتاجها. الطاولة التي رآها كارل ماركس تنقلب لتدور على قرنها حالما يكتمل إنتاجها مطلقة مئات الأفكار الشيطانية، يراها هؤلاء القوم الجهلة ثابتة لاتدور ولا تطلق أفكاراً غير اعتيادية. هل يعي هؤلاء القوم القيمة الشكلية (Value-form) أو القيمة الصنمية (Fetishism) أو القيمة التبادلية أو القيمة المجردة للسلعة؟ من لا يعي هذه القيم المتباينة التي أسهب ماركس في شرحها في (رأس المال) لا يمكن له أن يكون ماركسياً أو شيوعياً بحال من الأحوال.

الرأسمالي يدفع أجر العامل وهو قيمة قوى عمل/ يوم للعامل لكن كيف يسترد الرأسمالي بدل الأجر من العامل؟ ثمة طريقة واحدة لا غير وهي تجسيد قوى عمل العامل في تغيير شكل المادة الخام التي اشتغل عليها العامل لتغدو سلعة ذات قيمة نافعة (Use &- value) يمتلكها الرأسمالي ويبدلها في السوق بالنقد. وهكذا انتقلت قوى العمل التي كانت في جسم العامل لدى بداية يوم العمل إلى السلعة، شكل السلعة، التي يمتلكها رب العمل في نهاية يوم العمل ولم يعد للعامل الذي أنتجها أية علاقة بها، وهذا ما يدعوه ماركس بالتغريب (Alienation). إذّاك يدفع الرأسمالي بالسلعة التي أصبحت ملكه إلى السوق لتعرض صنماً ذا علاقة معينة مع كافة السلع المعروضة في السوق. في هذه الدورة تحديداً يدور الإنتاج الرأسمالي. وما يستوجب التنبية إليه هنا هو أن الخدمات لا تمتلك قيمة شكلية أو قيمة صنمية ولا تتغرب عن منتجها كما ليس لها قيمة تبادلية وهي لكل ذلك ليست منتوجاً رأسمالياً. كما يلزم التمييز بين البضاعة الرأسمالية والسلع من إنتاج البورجوازية الصغيرة الحرفية التي ليست أصلاً نقوداً تحولت إلى بضاعة كالبضاعة الرأسمالية ولا تتغرب عن منتجها أو ترتدي منزلة الصنمية كالبضاعة الرأسمالية. إنتاج البورجوازية الصغيرة المانيفاكتورة إنتاج فردي (Individual Production) بينما الإنتاج الرأسمالي إنتاج جمعي (Associated Production).

نعود إلى وصية لينين، وللمفارقة فكتبة البورجوازية الوضيعة لا يعرفون من وصايا لينين إلا وصيته التي تشكك بمقدرة ستالين بحسن استخدام المقدرات الكبيرة التي بات يمتلكها، بل ولو لم يحسن ستالين استخدامها لما ذكروها. وصية لينين الأكثر أهمية وهي فضح ضلالة الشيوعيين في عدم إدراك الخطر الرئيسي الذي تشكله البورجوازية الوضيعة على الثورة الاشتراكية لا يتجاهلها كتبة البورجوازية الوضيعة فقط بل يتجاهلها أيضاً عامة الشيوعيين. نعود لنقول لقائد البروليتاريا الأعظم في العالم، مفجر الثورة الاشتراكية في روسيا في صدر القرن العشرين، والتي لن تموت مهما تكالب أعداؤها وفي مقدمتهم شيوعيون يرفعون علم الشيوعية، نعود لنقول له.. لبالغ أسفنا أيها المعلم الكبير لم ينتصح بتصيحتك الذهبية إلا رفيقك وتلميذك الأنجب يوسف ستالين وهو لذلك اغتالته البورجوازية الوضيعة دون أن يواجه أخطارها بلشفي آخر حتى كان انهيار مشروعك في العام 1991.

لم يصغ الشيوعيون غير سنالين إلى أهم نصيحة تركها لينين بعد رحيلة حتى وبعد أن أدى ذلك إلى انهيار المشروع اللينيني على يد البورجوازية الوضيعة حصراً. نحن أيها الرفيق الأعظم لينين ما زلنا نواجه نفس القصور في إدراك خطورة البورجوازية الوضيعة. يطالعنا شيوعيون لهم أسماء ويقودون منظمات تتكنى بالشيوعية ينكرون كل دور رجعي للبورجوازية الوضيعة بل ويلهثون وراءها للتحالف معها فيما يسمى "اليسار" سعياً لتحقيق أهداف كاذبة لا تتحقق وأكذبها هو مقاومة الامبريالية، ولا تحقق إلا تضليل البروليتاريا كيلا تكتشف عدوها الحقيقي والوحيد وهو البورجوازية الوضيعة.

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الافلاس
سعيد زارا -

الرفيق العزيز فؤاد تحياتي البولشفية. هنا اعيد ارسال تعليقي , يبدو انه كان هناك خللا في ارساله. مقالك ايها الرفيق العزيز يؤكد ما قلته في رسالتي اليك. معظم الشيوعيين الان مفلسين فكيف تؤول السلطة للبروليتاريا في الفوضى الراهنة و لو انهارت البورجوازية الوضيعة؟؟؟ قوجمان لازال لم يدرك فصل النقد عن الغطاء الذهبي, فهل تتصور معي الماركسية التي يشيعها هذا الرفيق و ينقلها الى العديد من الذين يعتبرونه معلما؟؟؟ لازال قوجمان يعتقد بان النقود لازالت نغطاة بالذهب.

الانتقال إلى الاشتراكية
فؤاد النمري -

عزيزي الرفيق سعيدتحية بولشفية وبعد أذكر أن الرفيق مطلب رأى ما رأيت حضرتك وقد يكون رأيكما صحيحاً خاصة وأن ماركس كان قد استوجب الثورة العنفية وذلك ليس للإستيلاء على السلطة فقط بل للتطهر مما علق بالبروليتاريا من قذارات خلال استغلالها لمئات السنينكان البلاشفة قد استخدموا العنف الثوري كي ينقلوا المجتمع المتخلف جداً إلى مجتمع اشتراكي غدا المثال في كل شيءوكنت ناقشت هذا الموضوع في الستينيات معارضا مبدأ خروشتشوف في الانتقال السلمي إلى الاشتراكية لكن ما نناقشه اليوم مع الشيوعيين المتخلفين هو أن المشروع اللينيني في الثورة الاشتراكية العالمية كان قد أنجز تفكيك الرأسمالية العالمية وغدت من مخلفات التاريخ ولا يمكن إحياؤها من جديد كما يناقش قوجمان والربيعي انهارت الرأسمالية العالمية دون أن ينتقل العالم إلى الاشتراكية بفعل خيانة البورجوازية الوضيعة السوفياتية للثورة وجهودها التي ما زالت مستمرة لتقويض مشروع لينين ما يستوجب التوقف عنده طويلا هو أن البورجوازية الوضيعة احتلت محل البروليتاريا على صعيد العالملكن البورجوازية الوضيعة لا تمتلك أسلوب إنتاج يؤسس لعلاقات إنتاج راسخة ومستقرة وعليه سيكون انهيارها مجلجلاً فاستهلاكها الشره الواسع دون إنتاج على الاطلاق سيعريها تماماً فتخرج من المسرح الدولي ذاتياً ، وقد رأينا مثالاً على ذلك في أزمة الرهن العقاريحيث أفلست البنوك وليس الصانع، أي عكس أزمة الرأسممالية لئن أخذت هذه الظروف بالاعتبار فسيكون الانتقال إلى الاشتراكية انتقالاً مختلفاً بالطبع يستدرج سينوريوهات مختلفةمن المفيد حقاً مناقشة هذا الموضوع مع الماركسيين وذوي الرأي الراجح وسعيد ومطلب منهمتحياتي البولشفية للرفيقين سعيد ومطلبReply, Reply All or Forward | More

عودة الديناصورات؟
Saedd zalim -

ههههههههه..... هاي شنو؟