فضاء الرأي

هل يدفع المهاجرون المسلمون ثمن التطرف؟

خراب وسيارات متفحمة في إحدى ضواحي ليل الفرنسية بعد سلسلة أعمال شغب عمت فرنسا أشعلها مهاجرون من المغرب العربي
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الغالبية العظمى من المسلمين المهاجرين إلى دول العالم الغربي يجدون صعوبة في التأقلم مع حياة المجتمع الغربي بسبب العادات والتقاليد والتربية الدينية، لذلك نجدهم يعيشون شبه معزولين عن عادات وتقاليد المجتمعات التي هاجروا إليها، ولا يستطيعون الاندماج بشكل كبير مع تلك المجتمعات، حالهم حال معظم الجاليات من مختلف دول العالم التي هاجرت إلى الدول الغربية.

الانعزال والتمسك بالعادات والتقاليد تخلق هوة كبيرة مع المجتمعات الجديدة، مما يؤدي إلى جعل المجتمعات الغربية تعيش ثقافات متعددة ومتناقضة. مثل هذا التناقض سيؤدي بالتأكيد إلى تنامي الشعور العنصري عند بعض أبناء الوطن الأصليين، الذين بدأوا يرفضون وجود ثقافات دخيلة داخل مجتمعاتهم.

المجتمعات الغربية كادت أن تدفن العنصرية نهائياً، خاصة بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية. لكن الكم الهائل من المهاجرين في العقدين الأخيرين، بالترافق مع غزو ثقافي غير متجانس مع الحضارة الغربية من قبل هؤلاء المهاجرين، أعاد جذوة العنصرية إلى الاشتعال ثانية بعد أن أوشكت تماماً على الانطفاء. وازداد هذا الشعور حدة مع ظهور التطرف والإرهاب عند بعض القادمين.

قد تكون المجتمعات الغربية في الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأستراليا غير مبالية بثقافة المهاجرين إليها، لأنها في الأساس مجتمعات متنوعة الثقافات، ومعظم سكانها من المهاجرين، لكن المجتمعات الأوروبية مختلفة تماماً، لأن أعداد المهاجرين كانت حتى نهاية القرن الماضي داخل هذه المجتمعات محدودة جداً، ولم يكن لسكان دول الشطر الشمالي من أوروبا أي احتكاك فعلي مع المهاجرين الآسيوين والأفارقة وسكان مناطق الشرق الأوسط، ومثل هذا الاحتكاك محفوف بالمخاطر.

يعد المسلمون أكثر المهاجرين رفضاً وتحدياً لعادات المجتمعات التي هاجروا إليها، وقد أثبتت أحداث غزة مدى البون الشاسع بين ثقافة المهاجرين وثقافة تلك المجتمعات، فبدأت الأصوات تتعالى بضرورة التخلص من الثقافات الدخيلة، ويقصد بها الثقافات الإسلامية تحديداً، أو بأضعف الإيمان تحجيمها، لأن الجاليات غير الإسلامية المهاجرة إلى الغرب من آسيويين ولاتينيين وأفارقة لها أيضاً ثقافاتها وعاداتها، لكنها لا تتحدى ثقافات البلدان التي تحل فيها بالرغم من تمسكها بثقافاتها الأصلية، بينما الغالبية من المهاجرين المسلمين في صراع مع سكان الأوطان الأصليين لتوطين ثقافتهم، بالرغم من أنهم بالأساس هربوا منها حين قدموا إلى الدول الغربية.

ما يحدث في الدول الإسلامية من أحداث وصراعات تنعكس بسرعة البرق عند المهاجرين العرب والمسلمين عموماً، ويتوهمون أن الديمقراطية ستساعدهم في بسط ثقافتهم على تلك المجتمعات التي استقبلتهم. هذا الاستنتاج الخاطىء، مع تراكم الأخطاء التصاعدية وزيادة الاحتقان عند شعوب المجتمعات الغربية وصعود التيارات اليمينية المتطرفة إلى سدة الحكم فيها، سيولد في النهاية رد فعل قد يكون عكسياً ومؤلماً.

معظم حركات التطرف الإسلامي تؤمن بالعنف، هذه حقيقة ثابتة وللأسف الشديد تتعاطف معها طبقات واسعة من العرب والمسلمين وخاصة المقيمين في بلاد المهجر، وهذه سابقة خطيرة يجب الانتباه لها. المهاجر لا يحق له تجاوز ثقافات وعادات المجتمعات التي استقبلته، لأنه جاء إليها متوسلاً الأمان وحفظ الكرامة، فلا ينبغي أن ينسى أسباب هجرته، وعليه أن يجعل عواطفه، وخاصة الدينية، تخضع لواقع العقل ولا تتعارض مع المجتمعات التي احتضنته.

إننا الآن مقبلون على أحداث كبيرة ستعصف بالشرق الأوسط، والتطرف والإرهاب والتخلف كلها أصبحت اليوم ظاهرة شرق أوسطية، بل هي ظاهرة الإسلام السياسي، وقد أصبحت تتحدى الحضارة والإنسانية. إذ أن الحضارة والإنسانية والغرب باتوا يقفون في الصف المقابل، وعلى كل مسلم أو عربي مقيم في بلاد المهجر أن يحدد عواطفه وولاءه وانتماءه للأرض والوطن والمجتمعات التي آوته ونصرته وأكرمته، لا أن يعيش وسط تلك المجتمعات وهو مشحون بمواقف التيارات المتشددة في الوطن الأم، وعليه ألا ينسى الساعات العصيبة التي دفعته للهرب من وطنه ومجتمعه وجعلته يخرج في ليلة ظلماء تاركاً كل موروثاته في بلد المنشأ للنجاة بنفسه وعائلته، أو عليه على الأقل ألا يكون سكيناً في خاصرة المجتمعات التي يقيم معها.

عيون الحكومات والشعوب الغربية مفتوحة، وتستطيع رصد كل صغيرة وكبيرة، وأخشى أن يأتي اليوم الذي تشعر فيه الجاليات العربية والإسلامية بالندم الشديد، لكن بعد فوات الأوان، على نكران الجميل الذي يحلم به ليس الملايين بل المليارات من سكان الكرة الأرضية.

ليس من الإنصاف خلق المتاعب لتلك المجتمعات التي رحبت بالوافدين إلى أراضيها، فهي عاشت ظروفاً وأزمنة أسوأ من ظروف مجتمعاتنا حالياً، وعرفت كيف تتخلص منها، وهي غير راغبة في العودة إلى الماضي المر الذي أسموه القرون المظلمة. هذه الحقيقة يجب أن يدركها جميع المقيمين في الدول الغربية، وعليهم ألا يراهنوا على الخطأ، لأن ثمن الخطأ سيكون كارثياً عليهم، وأقصد العرب والمسلمين، فمن الواجب عليهم أن يعيشوا أحراراً في المجتمعات الجديدة، وأن ينسلخوا عن مساوىء ماضيهم المر، كما أنسلخت تلك المجتمعات التي لجأوا إليها، وليتذكروا أن الحياة أحياناً لا تمنح الإنسان أكثر من فرصة واحدة، وليكونوا جسوراً لتلاقي الثقافات الإنسانية العريقة بدل أن يكونوا سبباً للتنافر والكراهية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مقال ثمين
ابو تارا -

شكرا على هذا المقال الثمين والتحليل الصائب والدقيق والموضوع والمشكلة التى تؤرق وتقلق دول وحكومات الغرب والتى بدأت تتشدد وتعيد النظر فى قوانين اللجوء والتى ستكون نتائجها وخيمة على اللاجئين والهاربين من جور وظلم حكوماتهم والمعانين من شظف العيش الكريم بسبب عدم تأقلمهم مع مجتمعاتهم الجديدة وعدم مراعاتهم للعادات والتقاليد وا لقوانين والانظمة والتشريعات فى تللك الدول بعد ان اوتهم وحظنتهم وساعدتهم وكفروا بالنعمة فيما بعد . كثر الله من امثالك المتميزين والمبدعين

أحسنت سيدى الكاتب
قول على طول -

مقال صادق جدا ولكن خجول ..السيد الكاتب لم يذكر لماذا المسلمون فقط أينما ذهبوا لا يندمجون مع المجتمعات الجديده التى فتحت لهم الأبواب وعاملتهم بانسانيه يفتقدونها فى بلادهم الأصليه ؟ بل لماذا المسلمون لا يندمجون حتى مع بعضهم فى بلدهم التى تدين حتى بالمذهب نفسه ؟ الاجابه عن الأسئله السابقه بالصدق والشجاعه هى الحل وما عدا ذلك يعتبر هروب من المشكله ..يتبع

تابع ما قبله
قول على طول -

الاجابه بالصدق أن المسلم يرضع ثقافه عنصريه ارهابيه مقدسه ..ثقافة كراهيه لكل شئ وخاصة للكفار حتى وهو لاجئ عندهم ..ثقافة الولاء والبراء وثقافة القضاء على الكفار وتغيير المنكر حتى لو بالقوه ..ثقافة وأنتم الأعلون ..ثقافة أن الكفار سخرهم ربهم للمؤمنين ..ثقافة نفتح اوربا بالأرحام ان لم نقدر بالسيف ونرفع راية الاسلام على روما ..ثقافة واضطروهم لأضيق الطريق ..نقول تانى أم هذا يكفى ؟ ثقافه عنصريه وارهابيه دون شك. انتهى

حتى ولو عاد كل المهاجرين المسلمين فلن تنتهي العنصرية
فؤاد حديد -

سيلاحظ الكاتب ان هناك الملايين من المهاجرين من قارات العالم في البلدان العربية والمسلمة خاصة دول الخليج والجزيرة العربية من كافة الاديان و الاعراق ولا يفرض عليهم شيء من الإدماج القسري ولا يتدخل في شئونهم الدينية وأحوالهم الشخصية و ويمنحون كنائس و معابد ان الإدماج القسري والتضييق على المهاجرين وتهديدهم ضد شرعة حقوق الإنسان وفق المواثيق الدولية وحرية الانتماء والاعتقاد ،، ثانياً ان موضوع المهاجرين تتخذه بعض الاحزاب اليمينية المتطرفة سلماً للوصول للسلطة وذلك بتخويفهم من المهاجرين ، كما ان الأزمات الداخلية تدفع السكان الأصليين بتحميلها للمهاجرين بدل من مواجهة حكوماتهم بها ، واذا افترضنا عدم وجود مسلمين في أوروبا وأمريكا وكندا ، وانهم عادوا كلهم إلى أوطانهم الاصلية ، فإن الروح العنصرية ستتوجه نحو الآسيويين من هندوس وبوذيين والى الأفارقة مسيحيين وبوثيين ، لا تستطيع أوروبا العجوز الاستغناء عن المهاجرين فمن سيقدم الرعاية لملايين العواجيز ومن سيدسير دولاب العمل والإنتاج ،،

ان من يضطركم إلى أضيق الطريق اخوانكم اليهود
حدوقه -

يبدو ان المقال قد فتح شهية البعض للتنفيس عن احقادهم، لعلم هؤلاء ، فإن الغربيين يفضلون ان يكون جارهم اللصيق مسلم ، لما يرون منه سلوكه الايجابي الطيب. توقف مشروع الاسلامفوبيا الحقير ، وهناك الالاف من يعتنق الإسلام ويتعاطف مع قضايا المسلمين غزة كمثال، ان من يضطركم إلى اضيق الطريق هم اليهود،

اشمعنى دمج المسلمين واليهود لا ؟!
فؤاد حديد -

الاندماج القسري مناقض لحقوق الانسان و لا يطبق الا على المسلمين اما اليهود رغم ان الشريعة لديهم فيها حلال وحرام واحكام فلا يُطلق عليهم ، هل يعلم الكاتب ان اليهود في العالم الغربي لهم اقسام خاصة في المستشفيات لا يخالطهم فيها احد ،وغرف عمليات خاصة حتى لا تختلط دماءهم النقية بدماء الاخرين ، وان لهم حقوق وامتيازات لا يحصل عليها و يتمناها المسيحي الاوروبي وان لهم طعام خاص على الطائرات ، و انهم ممنوع عليهم الاختلاط في الكنيس وحال خروجهم منه يسير الذكور على رصيف و تسير الاناث على الرصيف الآخر وما احد وصفهم بالرجعية او التطرّف او الارهاب ولا برفض الاندماج ؟ !

الهجرة تتحمل تبعاتها أوروبا التي نهبت وتنهب اسيا وأفريقيا والشرق الاوسط
فاروق المصري -

إن اوروبا تتحمل لجؤ المسلمين وغير المسلمين اليها بعد ان نهب وينهب الاوروبيون خيرات تلك البلاد ولا زالوا وسلطوا عليهم الحكام الطواغيت المؤيدين الفاسدين فانتشر الفقر و العوز وفقدان الامل فاضطروا الي الهجرة في ظروف صعبة ، يقول الرئيس الفرنسي شيراك ويعترف ان اوروبا تنهب افريقيا طوال اربعمائة وخمسون عاما ، لا تلوموا المهاجرين ولوموا من كان السبب في هجرتهم من اوطانهم الغنية بالثروات التي تنهب على مدار الساعة ..

أضيق الطريق
حدوقه -

لا اعرف لماذا قام محرر التعليقات المحترم بحذف فقرات مهمة من تعليقي عن اساءة اليهود إلى مقدسات المسيحيين هل هو خوف من اليهود او مراعاة للمسيحيين مع ان هذه المعلومات معروفة و متداولة على نطاق واسع ما يصحش كده يا ايلاف اللبرالية.

أنا رأيي انه لا مانع من اجتياح شعوب اسيا وأفريقيا والشرق الأوسط للغرب ،،
سفروت -

والله أنا رأيي انه لا مانع من اجتياح شعوب اسيا وأفريقيا والشرق الأوسط للغرب ،،هذا الغرب المسيحي الذي نهب قارات العالم القديم اسيا وأفريقيا ولا يزال ينهبها حتى الساعة وقتل الملايين من سكانها و استرق ملايين اخرين لا ارى اي مانع ان يأخذ سكان المستعمرات سابقاً ثأرهم من الغرب ، ويستردوا ما نهب منهم ويفعلوا بهم ما فعله الغربيون بهم فالدنيا سلف ودين

اتفرج على المحبة والسماحة لدى المسيحي ؟!
حدوقه -

يقول الدكتور وديع أحمد ( الشماس سابقاً ) رحمه الله ، يقول الحمد الله على نعمة الإسلام نعمة كبيرة لا تدانيها نعمة لأنه لم يعد على الأرض من يعبد الله وحده إلا المسلمين. لقد مررت برحلة طويلة قاربت 40 عاما إلى أن هداني الله وسوف أصف لكم مراحل هذه الرحلة من عمري مرحلة مرحلة:- مرحلة الطفولة:- ( زرع ثمار سوداء كان أبى واعظا في الإسكندرية في جمعية أصدقاء الكتاب المقدس وكانت مهنته التبشير في القرى المحيطة والمناطق الفقيرة لمحاولة جذب فقراء المسلمين إلى المسيحية. * وأصر أبى أن أنضم إلى الشمامسة منذ أن كان عمري ست سنوات وأن أنتظم في دروس مدارس الأحد وهناك يزرعون بذور الحقد السوداء في عقول الأطفال ومنها: - المسلمون اغتصبوا مصر من المسيحيين وعذبوا المسيحيين. المسلم أشد كفرا من البوذي وعابد البقر. القرآن ليس كتاب الله ولكن محمد اخترعه. المسلمين يضطهدون النصارى لكي يتركوا مصر ويهاجروا..... وغير ذلك من البذور التي تزرع الحقد الأسود ضد المسلمين في قلوب الأطفال.وفى هذه الفترة المحرجة كان أبى يتكلم معنا سرا عن انحراف الكنائس عن المسيحية الحقيقية ا

صورة خبيثة ينبغي ازالتها ،
فاروق -

تشير الصورة إلى أسمته شغب المهاجرين المغاربة في فرنسا ، مع أن الفرنسيين الاقحاح أنفسهم إذا لم يعجبهم قانون في بلدهم ينزلون متظاهرين ويشتبكون مع قوات الامن ويثيرون الشغب ، لا ادري سبب اعتبار الجيل الثاني والثالث من المغاربة مهاجرين مع انهم ولدوا وانقطعت صلاتهم بموطن اجدادهم وآباءهم ، من جهة اخرى تعيش الاغلبية من المهاجرين في اوضاع ومدن غاية في البؤس ،،