في مواجهة نظام يعتاش على إشعال الحروب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
منذ استيلاء الخميني وفريق المعممين على السلطة في إيران قبل 44 عاماً وإعلان جمهورية إسلامية ذات طبيعة معقدة ترفض تقبُّل الآخر على الصعيد الدولي، وتقمع الحريات العامة على الصعيد الداخلي، عبّرَ الشعب الإيراني عن رفضه هذا النظام الشمولي الذي لا يقل سوءاً عن نظام الشاه، ونفذ مظاهرات وانتفاضات واعتصامات ضده قمعها النظام بقوة واعتقل المشاركين فيها وأخضعهم لمحاكمات صورية قادت إلى تعليقهم على المشانق رجالاً ونساءً.
بمرور السنين، اكتشف الملالي أن الإعدامات وحدها ليست كافية لإطالة عُمر نظام الولي الفقيه، فالفساد مستمر في كافة مفاصل الدولة، وحرس النظام أصبح يسيطر على العديد من الشركات والمؤسسات الحكومية ويبتلع مواردها، والفقر ينتشر في المجتمع. وعندما يجد الإنسان نفسه فقيراً جائعاً محروماً من أبسط حقوقه، لا يجد ما يخسره، ولا تخيفه المشنقة ولا رصاص القوات الأمنية. وكمثال هزت انتفاضة وطنية في العام الماضي نظام الملالي بأكمله، وكانت على وشك الإطاحة به، ويؤكد الخبراء والمسؤولون الأمنيون في النظام إنها، لو اتسعت نطاقاً، لقادت إلى إسقاط النظام برمته.
بعد تلك الانتفاضة، سيطر الخوف على النظام بأكمله من احتمالات تكرارها. ويعترف خبراء النظام أن هناك انتفاضات أكبر في الطريق. يقول الدكتور محسن ريناني، الأستاذ الجامعي وأحد محللي النظام المشهورين : "لم يعد هناك أمل تقريباً في الحكومة! النظام محاط للغاية بالباحثين عن الريع لدرجة أنه لم يعد قادرًا على إحداث التغيير. لقد تم استنفاذ رأس المال الاجتماعي للحكومة". وقال الملا محمد تقي أكبر نجاد مدير معهد الفقه والحضارة الإسلامية: "بهذا الأمر سيكون سقوط النظام حتمياً...".
إقرأ أيضاً: مقال لأكثر من مليون!
واقترح خبراء داخل النظام على المرشد الأعلى علي خامنئي الاعتراف ببعض الحريات ومحاولة تحسين الوضع الاقتصادي للشعب. ووفقاً لسلطات النظام، فإنَّ أكثر من 80 بالمئة من الشعب الإيراني يرزح تحت خط الفقر، وأكثر من 40 بالمئة تحت خط الفقر المطلق، ورواتب العمال والمدرسين وغيرهم لا توفر سوى ما يكفي لمدة 10 إلى 15 يوماً من الطعام.
بناءً على ذلك، بات من الضروري للنظام الحاكم أن يجد وسيلة أخرى - إلى جانب الإعدامات - تساعده على إبعاد الأنظار عن أزماته الداخلية وتوجيهها إلى أزمات وحروب في المنطقة، تماماً كما فعل عندما دخل في حرب الثماني سنوات مع العراق، واستفاد من دورها في تهدئة الغليان الشعبي في الداخل وتوجيه الأنظار نحو ساحات القتال، فاشتعلت الحرب التي خطط لها النظام في غزة بهجوم نوعي منسق ومُفاجئ شنته حركة حماس على إسرائيل، والذي بدأ في صباح يوم السبت 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وباشرت إسرائيل بقصف غزة بشكل مكثف. هذه الحرب التي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين، حققت للنظام الإيراني هدفه في إطالة عمره وتأجيل الإطاحة به من قبل الشعب بواسطة انتفاضة جديدة. وقد قال أحمد قادري إبيانه، الخبير السياسي والأمني للنظام، عبر تلفزيون آفاق الرسمي في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023: "إن طوفان الأقصى كان عوناً غير مرئي لأنه أوقف تكرار انتفاضة 2022-2023، وكان هذا العون غير المرئي في صالح إيران تماماً". وقال وزير إعلام النظام الملا إسماعيل الخطيب، إن "هدف النظام من شن الحرب في المنطقة هو عرقلة انتفاضة الشعب الإيراني وقمع الاحتجاجات وفرض هيمنة النظام على دول المنطقة".
إقرأ أيضاً: استعدوا.. الغزو الفضائي قادم!
ولم يكتفِ نظام الولي الفقيه بإشعال الحرب واستخدام أذرعه وميليشياته في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن لتوسيع نطاقها، بل صار يتباهى ويفتخر بأنه هو الذي أشعلها، تحت ذريعة الانتقام لقائد الحرس قاسم سليماني الذي قُتل في غارة أميركية بالعراق، واعتبر المتحدث باسم الحرس، رمضان شريف، عملية اقتحام الأقصى أنَّها انتقام لسليماني، وشدد خامنئي شخصياً، الأحد 31 كانون الأول (ديسمبر) 2023، في لقاء مع عائلة سليماني، على استمرار التحريض على الحرب في المنطقة تحت عنوان تعزيز جبهة المقاومة، وقال: "إن أهم دور وخدمة لسليماني كان إعادة إحياء جبهة المقاومة في المنطقة". وأشاد وثمن جهود إسماعيل قاآني القائد الحالي لفيلق القدس التابع لحرس النظام الإيراني، وقال: "يجب أن يستمر خط تعزيز جبهة المقاومة".
واليوم، ما هو الحل الناجع والإجراءات المطلوبة لإنهاء معاناة الشعب الإيراني وشعوب المنطقة؟! يرى قائد المقاومة الإيرانية مسعود رجوي أنَّ النظام الإيراني يقف وراء هذا الترويج للحرب، ويؤكد: "لقد قلنا مرارً وتكراراً إن من يريد السلام في الشرق الأوسط عليه أن يستهدف رأس الأفعى وهي الفاشية الدينية الحاكمة في طهران، إن خامنئي قال بوضوح مرات عديدة إنه إذا أوقف الحرب خارج حدود إيران، فعليه أن يخوض حرباً ضد الشعب المنتفض والشباب الثائر في كرمانشاه وهمدان وأصفهان وطهران وخراسان، لكن النظام الرجعي يسرح ويمرح الآن في المنطقة وهو على يقين من تقاعس أوروبا وأميركا، وأنه لن يدفع ثمنا كبيراً لتجنب انتفاضة الشعب الإيراني، لكن نار الانتفاضة ستشتعل مع جيش الجياع".
إقرأ أيضاً: إسرائيل والعدالة الدولية
ونفهم من فحوى كلام رجوي أنَّ سياسة الاسترضاء التي تنتهجها الدول الغربية والعربية مع النظام شجعت هذا النظام على القمع الدموي للشعب الإيراني في الداخل وترويج الحرب وتصدير الإرهاب في المنطقة، ومع الكشف عن "رأس الأفعى" الداعي للحرب في بيت ولاية الفقيه، تتجلى كل يوم أبعاد جديدة لخنجر خامنئي وخيانة القضية الفلسطينية في دول المنطقة والعالم العربي. خلال هذه الفترة، قامت العديد من وسائل الإعلام والشخصيات العربية بتحليل أخطبوط نشر الحروب وغرز مخالبه في المنطقة، مستشهدة بأمثلة واضحة على دور خامنئي التدميري في المنطقة، وطالما أن نظام الملالي موجود في السلطة فلن يتوقف عن شن الحرب والتدخل في المنطقة ولن يسمح بحل القضية الفلسطينية، وقال وزير خارجية خامنئي حسين أمير عبد اللهيان "إن القضية الوحيدة المشتركة بيننا وبين إسرائيل هي معارضة حل الدولتين".
وبالرغم من أنَّ النظام الحاكم في إيران يحاول استغلال الحرب في غزة لشراء الوقت لنفسه وتأجيل الانتفاضة، إلا أنَّ المقاومة الإيرانية أكدت منذ اليوم الأول أنَّ الخاسر الاستراتيجي في هذه الحرب هو نظام الملالي، وأن دخان الحرب التي أشعلها سيعمي عيونه لأنه سعى إلى لُقمة أکبر من فمه، وخلافاً لشعاراته ودعواته للحرب، فإن نظام الملالي ضعيف للغاية ومعرض للخطر داخل إيران، وتستمر أنشطة المجموعات المعارضة الموالية لمجاهدي خلق، والتي لعبت دوراً قيادياً في الانتفاضة الوطنية، رغم اعتقال واختفاء 3600 منهم، وقد وسعت نشاطاتها لكسر الأجواء الخانقة وإشعال انتفاضة جديدة، والآن هو الوقت المناسب للوقوف بحزم أمامه بالسياسة الصحيحة وسحب مكاسب النظام من سفك الدماء من حلقه.
إقرأ أيضاً: أكيتو... وأحزان القدس!
وفي رسالتها الأخيرة إلى مؤتمر في برلين، وجهت مريم رجوي رسالتين محددتين إلى حكومات الغرب وخصوصاً الاتحاد الأوروبي: "بدايةً، لا حل للأزمة والحرب الكارثية في الشرق الأوسط بتجاهل أصل هذه الحرب وأصلها، أي الاستبداد الديني الحاكم في إيران، ثانياً، إن أربعين عاماً من استرضاء هذا النظام هو سبب مهم للحرب وعدم الاستقرار في المنطقة، ومن أجل تجنب تكرار أخطاء الماضي، لا بد من اعتماد سياسة حاسمة ضد النظام ودعم نضال الشعب والمقاومة الإيرانية لإنهاء هذا النظام". وقالت رجوي: "نقترح حلاً يتضمن هذه الإجراءات الأربعة:
أولاً: إدراج الحرس ضمن قائمة الارهاب.
ثانياً: تفعيل آلية الزناد في قرار مجلس الأمن 2231 وضمان التنفيذ الكامل لقرارات المجلس المتعلقة بالمشاريع النووية للنظام والعقوبات الشاملة.
ثالثاً: اعتبار النظام تهديداً عاجلاً للسلم والأمن العالميين وإدراجه تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
رابعاً: الاعتراف بنضال الشعب الإيراني من أجل إسقاط النظام والكفاح الشجاع للشباب الثائر ضد حرس النظام.
سيدفع الشعب الإيراني ثمن هذا الحل، لكن الإطاحة بهذا النظام ستجلب السلام والأمن للعالم أجمع".
التعليقات
ماذا يفعل لكم المجتمع الدولي؟
قول على طول -إن السؤال الذي يطرح نفسه حول جدوى محاولات إصلاح الشعوب العربية يعكس تحديات كبيرة. لا يقتصر هذا التحدي على إيران فقط، بل يمتد ليشمل العديد من البلدان العربية. هل يقوم المجتمع الدولي بدور فعّال في تحسين أوضاع هذه البلدان؟ اعتقد ان التغيير إن لم يحدث من داخل الشعوب نفسها، فإن المساعدة الدولية تظل غير فعّالة. هل المجتمع الدولي ملزم بالعمل على خدمة الشعوب العربية وفق إرادتها؟ وهل يمكن التعاون لتحقيق التقدم من دون اللجوء إلى التدخل القوي؟ هل يعني تدخل المجتمع الدولي لإصلاح الأوضاع استعداده لتقديم تضحيات وتركيز جهوده على تحسين الحياة للشعوب، أم سيكون هناك تضحيات أخرى؟ ولو حصل وتدخل المجتمع الدولي لمساعدتكم، هل يا ترى تشكرونه أم ماذا؟
سؤال
قول على طول -لماذا لا يتم توجيه هذه المطالب إلى الدول العربيه والاسلاميه، عوضاً عن مطالبة المجتمع الدولي ؟ الأقربون أولى بالمعروف والمسلم للمسلم كالبنيان المرصوص