بايدن وخامنئي.. وهوليوود!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يبدو أن الإدارات الأميركية كلها، منذ قصف سايغون في فيتنام حتى قصف دير الزور في سوريا والقائم في العراق وصنعاء في اليمن، لم تستطع الخلاص من عقدة هوليوود.
فعلى مدى عقود من الزمن، وهي عقود كثيرة، زيّن صناع السينما في هوليوود للأميركيين فكرة السوبر-بطل الأميركي الوحيد الذي يحمي أميركا وحده، ويهزم أعداءها وحده، ويدافع عن الديمقراطية في العالم وحده، وينافح عن الحريات في العالم وحده، ويطيح المستبدين عن عروشهم وحده، ويعيد الحقوق السليبة وحده، ويدمر الجيوش الجرارة في الميدان وحده...
تربت أجيال كاملة من الأميركيين على بطولات سيلفستر "رامبو" ستالون - مع محبتي وتقديري له - خصوصًا حين دحر جيشًا من الروس في جرود أفغانستان، وعلى أساطير أرنولد شوارزينغر وجايسون ستاثام وبروس ويليس وتوم كروز وميل غيبسون... وغيرهم - مع محبتي وتقديري لهم كلهم - ممن رسخوا في أذهان الأميركيين صورة السوبر - أميركي القهار.
كان ابتكار هذه الشخصيات بمنزلة رسالة أرادت أميركا أن ترسلها إلى كل أعدائها، وبعض أصدقائها أيضًا، مفادها: هذا تمثيل لواقع نريد العالم أن يرى بعضه، كي لا يراه كله!
حين انهار برجا مركز التجارة العالمي في نيويورك في 11 سبتمبر، وقف الأميركيون مذهولين أمام هول الفاجعة: ما كانت فاجعة العملية بذاتها بمقدار ما كانت فاجعة الاستيقاظ من حلم البطولة الفارغة. وكرت سبحة الفواجع: العراق وأفغانستان وسوريا... لكن الدروس والعبر لم تُفد كثيرًا.
اليوم، تقطع القاذفات الأميركية الاستراتيجية أكثر من 10 آلاف كيلومتر من حيث كانت جاثمة في الولايات المتحدة، على ذمة القيادة الوسطى الأميركية طبعًا، لتقذف 125 صاروخًا على مواقع خالية من القادة الإيرانيين في المناطق الحدودية بين سوريا والعراق. وتقلع المقاتلات الجبارة، أميركية وبريطانية، من حاملات الطائرات في البحر الأحمر لتقصف مواقع حوثية في مختلف محافظات اليمن... وفي العمليتين، الأمل الأميركي معقود على أن يفهم علي خامنئي الرسالة: إننا جادون في الرد متى وصلت السكين إلى نحورنا.
هل وصلت الرسالة؟ نعم وصلت. لكن، هل اقتنعت إيران؟ نعم... لم تقتنع! فمن يسمع تصريحات جماعات الحشد الشعبي وغيره من أذرع إيران في المنطقة، يعرف أنها لن تستكين، وأن غارات قليلة لن تلغي دورها.. لكن، في المقلب الثاني من الجواب، ثمة سؤال: ألم تعلن طهران براءتها علمًا من دماء صديقيها المقاومين في سوريا والعراق؟ بلى فعلت، وهذه هي حدود الغارة، وحدود مفاعيل الرسالة... لا أكثر، وكان الله يحب المحسنين.
إقرأ أيضاً: سُعار السلطة وسُعار القوة
أما الحوثيون، فهم الآن رأس حربة طهران بوجه العالم.. ربما يكون أمتع ما يشاهده بايدن اليوم هو المؤتمر الصحافي الذي يعقده يحيى سريع، الناطق بلسان الجيش الحوثي، وهو يصيح في آخر البيان... "صادر عن القوات اليمنية". ألم تحذر الرياض مرارًا من خطورة ما يجري في اليمن؟ ألم تستشرف الرياض ما يمكن أن يكون، فحذرت منه طويلًا، وعانت منه كثيرًا، وما أصغى إلى تحذيراتها العالم، حتى وصل الأمر إلى ما وصلنا إليه؟
هنا، لعلنا نلاحظ بقاء أقوى عساكر إيران وأقربهم إلى الجبهة مع إسرائيل خارج المعادلة كلها.. فحزب الله غير معني، كما يبدو، بكل هذه المتاهة الهوليوودية الإيرانية &- الأميركية. صحيح أن صواريخ أميركا أصابت بعض مراكزه في سوريا في الغارة الانتقامية، لكن الأمر يبقى في إطاره "المحدود". ويبدو أيضًا أن طهران تحيّد حزب الله الآن.. فهو الوحيد الذي لا تضحي به، أما النجباء والزينبيون وحزب الله العراقي وأمثال هؤلاء، فحجارة صغيرة على رقعة المنطقة.
إقرأ أيضاً: رهائن لدى الولي الفقيه
من يقرأ بين سطور النار، يعرف أننا مقبلون على تسوية كبرى. فلا واشنطن تريد التصعيد، ولا طهران. فمن يريده إذًا؟
أمل البشرية اليوم أن تتحقق هذه التسوية، وأن تخرج هوليوود من أعماق جو بايدن، قبل أن يستوي دونالد ترمب على العرش الأميركي.. فهذا ليس متأثرًا بهوليوود فحسب، إنما يظن نفسه بطلًا في أكثر أفلامها تشويقًا.
سترك يا رب!