طهران وانتخابات مارس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أثارت تصريحات المسؤولين الإيرانيين ووسائل الإعلام المختلفة، بما فيها تلك المحسوبة على النظام، بشأن الانتخابات البرلمانية الأخيرة، الاهتمام ليس في إيران وحدها، بل وفي المنطقة عموماً، والعالم أيضاً. هذه التصريحات لم تأت من فراغ، بل كانت نتيجة طبيعية وانعكاساً حقيقياً لأزمة الشرعية التي يعاني منها نظام الولي الفقيه في طهران.
لقد مثلت الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي أجريت في الأول من آذار (مارس)، بمعدلات مشاركة شعبية هي الأقل تاريخياً على الإطلاق، استفتاءً حقيقياً حول مدى مشروعية هذا النظام.
وفي هذا الصدد، كتبت وكالة " أنباء انتخاب " الرسمية: "لاشك في أن انتخابات هذه الفترة البرلمانية، هي الانتخابات البرلمانية الأقل قوة في تاريخ الجمهورية الإسلامية. والحقيقة أنها الانتخابات الأكثر ضعفاً في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
وفي إشارة إلى المقاطعة الواسعة النطاق لهذه الانتخابات، صرح وزير الخارجية الأميركي الأسبق مايك بومبيو قائلاً: "في الأول من مارس، أجرى النظام الإيراني انتخابات صورية أخرى. ومرة أخرى، قرر الشعب الإيراني مقاطعتها. ما شهدناه في ذلك اليوم كان انعكاساً لما رأيناه في انتفاضة 2022 عندما قال الشعب الإيراني: الموت للظالم، سواءً كان الشاه أو المرشد".
من جهته، قال فلاحت بيشه، رئيس لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان السابق: "تظهر النتائج أن الانتخابات البرلمانية هي هزيمة وليست انتصاراً". وأضاف في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح" الرسمية: "في تاريخ الانتخابات الإيرانية، لم يحدث أن تمت تعبئة جميع موارد البلاد لجذب الناس إلى صندوق الاقتراع. تم استخدام كل الوسائل المتاحة، من المناشدات، والإغراءات، إلى التهديدات".
في الحقيقة، يمكننا قراءة نتائج هذه الانتخابات، ومآلاتها من خلال ثلاثة محاور: الأول انهيار ثقة الشارع الإيراني بالمؤسسة الحاكمة، دستورياً، وسياسياً.
ثانياَ: انهيار ثقة النظام بنفسه. والتي تجلت في التصريحات الجريئة لبعض مسؤوليه، ووسائل إعلامه المختلفة، والتي حملت في طياتها انتقاداً وإن كان غير مباشر، لمجمل سياسات النظام. وهو ما يؤيد الحقيقة القائلة إن النظام منفصل تماماً عن واقعه .
ثالثاً: استحقاقات المرحلة، أو استحقاقات المرحلة الحالية، وقد استوفت جميع شروطها الموضوعية، حيث من المرجح أن تشمل احتجاجات شعبية مستمرة، وواسعة النطاق، يتبعها انشقاقات هائلة في بنية النظام السياسية، والعسكرية، وهي التي تسبق عادة التغيرات الكبرى في السياسة، والثقافة، وأنظمة الحكم، وحركة التاريخ الحتمية.
إن نظام الولي الفقيه الحاكم في طهران، فضلاً عن قمعه، وقهره، وعقمه السياسي، لا يزال يعمل بعقلية السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي الميلادي، في حين تعيش بقية البشرية في العقد الثالث من الألفية الثالثة! وهي نفس الحالة المرضية، التي أصابت الاتحاد السوفييتي قبل سقوطه، وأصابت كثيراً من الأنظمة الشمولية الأخرى حول العالم، بدءاً بنظام تشاوشيسكو في رومانيا، وأوغستو بينوشيه في تشيلي، انتهاءً بزين العابدين بن علي في تونس ونظام معمر القذافي في ليبيا.