الترابط بين حرب أوكرانيا والحرب في منطقتنا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بين الحرب الأوكرانية الروسية والحرب الإيرانية الإسرائيلية والفكر العسكري الصيني والحرب في البحر الأحمر وما يجري في غزة أوجه تشابه وترابط كثيرة ومتقاربة، وتكاد تكمل بعضها بعضاً. كيف؟
التصريح الذي أدلى به مسؤول عسكري أميركي كبير، وفيه قال إنَّ الدفاعات الجوية الروسية التي تستخدمها إيران أثبتت فشلها وعدم فاعليتها في صد الهجوم الجوي والصاروخي الإسرائيلي، حيث عجزت عن كشف أو إسقاط أي صاروخ أو طائرة من بين العديد من الصواريخ والطائرات الإسرائيلية التي ما يزال يكتنف الغموض عددها والطريق الذي سلكته نحو الداخل الإيراني، يعطي صورة عما يمكن أن تشهده الجبهة الروسية في أوكرانيا، حيث يطالب الرئيس الأوكراني فلادمير زيلنيسكي الولايات المتحدة وحلف الناتو مراراً وتكراراً بتزويد الجيش الأوكراني بدفاعات جوية غربية الصنع، لكنه لم يحصل إلا على دفاعات جوية مصدرها مخازن حلف وارسو القديم، وتوجد في كل من المجر وبولندا ورومانيا وغيرها من دول الحلف السابق.
ويمثل التصريح المشار إليه رسالة إلى روسيا مفادها أننا لو زودنا أوكرانيا بسلاح جو غربي ودفاعات أرضية جوية غربية لانهارت القوات الروسية في وقت سريع، وقد مثلت الهجمات الإيرانية الإسرائيلية المتبادلة في الآونة الأخيرة اختباراً لمدى قدرة الدفاعات الأرضية على صد الهجمات الجوية، ومدى فعالية القدرات القتالية الجوية عند كل من روسيا وأميركا، وفي النتيجة التي أوضحها المسؤول العسكري الأميركي، فشل السلاح الروسي في التعرض للطائرات الأميركية الصنع، مما جعل إيران تخرج بخيبة أمل كبيرة من مستقبل صراعها مع أميركا وإسرائيل، حيث تواجه صعوبات في ضرب أي هدف داخل إسرائيل رغم صغر مساحة هذه الأخيرة، وفي نفس الوقت خرجت إسرائيل باطمئنان وراحة بال لأنها أصبحت تشعر بأنها مع السلاح المتطور الذي تمتلكه وضعف الدفاعات الروسية الصنع التي تعتمد عليها القوات الإيرانية، قادرة على ضرب أي هدف داخل إيران أو سوريا أو لبنان وبكل سهولة.
إقرأ أيضاً: روسيا ستخسر الحرب مع الغرب
أما الصين، فقد تجنبت تزويد أي طرف بسلاحها المصنع داخلياً وذلك لسببين، الأول أنَّ السلاح الصيني بكل أشكاله هو سلاح روسي بالأساس مطور محلياً، وثانياً خوفاً من فشل أسلحتها، وبما ينعكس سلباً على موقفها الصلب بالنسبة إلى قضية تايوان، فالصين حريصة على عدم إظهار عيوبها لتبقى "بعبعاً" يخشاه الآخرون. والصين بالأساس تمتلك عقيدة عسكرية تختلف عن العقيدة العسكرية الروسية، وهذه العقيدة هي التي كانت إيران تستخدمها إبان الحرب العراقية الإيرانية، واستخدمتها في الهجوم الأخير على إسرائيل وتلوح بها دائماً ضد اعدائها، وهي مبنية على كثافة النيران الهجومية، وتحشيد ملايين المقاتلين على الأرض، وإرسال المئات من المسيرات والصواريخ في آن واحد، والتهديد بزيادة العدد إلى الآلاف في وقت واحد. ومعلوم أن إيران كانت ترسل عشرات الآلاف من المقاتلين لاحتلال منطقة بمساحة كيلومتر مربع واحد في الحرب مع العراق، وحققت نجاحات ميدانية كثيرة بذلك، لكن في سنوات الحرب الأخيرة، أصبحت هذه العقيدة فاشلة بسبب تنوع أساليب القتال عند الجيش العراقي، مما آدى إلى قلب الموازين لصالح العراق في السنتين الآخيرتين للحرب بالتحديد، ولكن إيران في تهديداتها لأميركا وإسرائيل عادت من جديد إلى نفس العقيدة الصينية السابقة، إلا وهي الكمية والكثافة القتالية، ولكن هذه المرة باستخدام الصواريخ والمسيرات، فقامت بخزن عشرات الآلاف من الصواريخ والمسيرات في مواقع بجنوب لبنان وسوريا واليمن والعراق، إضافة إلى مئات الآلاف من الصواريخ والمسيرات داخل إيران، وكانت تراهن على الكمية كأسلوب للردع، بأن تطلق مئة أو مئتي صاروخ وطائرة مسيرة في آن واحد فتعجز الدفاعات الأرضية والجوية للعدو ععن التصدي لها، وترضخ قوات العدو صاغرة مستسلمة. لكن بعد الهجمات الأخيرة على إسرائيل، شعرت إيران بخيبة أمل كبيرة ومرارة شديدة بفشل وعدم أهمية أو فعالية كم المقذوفات، عندما تم إسقاط جميع الصواريخ والمسيرات الإيرانية قبل وصولها إلى الأراضي الإسرائيلية، فأصيبت طهران بصدمة كبيرة، حتى أن تصريحات المسؤولين الإيرانيين كانت تدل على الشعور بالهزيمة، وقد يؤدي ذلك قريباً إلى تغيرات جوهرية في سياسات إيران في الشرق الأوسط عامة ومع إسرائيل والولايات المتحدة خاصة، لأنها بدأت تشعر بأن ليس بيدها شيء تراهن عليه بعد اليوم، فكل ما كانت تراهن عليه كان وهماً.
إقرأ أيضاً: ليست مسرحية
لقد كانت إيران تعتقد أنها دولة مثل الدول العظمى لها قوات ردع حقيقية، وأعتقد من الناحية النظرية أن المواجهة المرتقبة بين إسرائيل وإيران انتهت قبل وقوعها، وسيبدأ تدريجياً تلاشي الدور الإيراني في المنطقة دون الحاجة إلى حروب واسعة. وهذا الشيء نفسه سينعكس على الحرب الروسية الأوكرانية وكذلك سينعكس على الايدلوجية العسكرية والسياسية الصينية في منطقة الشرق الأدنى، فهنا يجب الاعتراف بأن فارق التطور التكنولوجي قد حسم الأمور قبل حدوثها، وأظن أن لا جدال عن هيمنة التكنولوجيا الغربية على بقية دول العالم سوا أكانت عسكرية أو فضائية أو مدنية أو بحرية أو كل أنواع التكنولوجيا البحثية.