فضاء الرأي

هل ينجح الغرب في إسكات الأصوات المتضامنة مع فلسطين؟

جنود إسرائيليون في قطاع غزة
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كان اقتحام مقر شركة دفاع في فيلتون بالقرب من بريستول في المملكة المتحدة على يد ناشطين من منظمة "فلسطين أكشن" بمثابة حادثة هزت دولة إسرائيل خلال الأيام الأخيرة، حيث تسبب في أضرار بالملايين في مقر الشركة الإسرائيلية.

وجاء هذا الحادث ليضع النشطاء الفلسطينيين أمام اتهامات بالإرهاب بعد اقتحام مقر الشركة، وكان من ضمنهم معلمة حضانة وخريجة أكسفورد. ولكن ما الذي دفعهم لفعل ذلك، خاصة بأدوات بسيطة مثل المطارق والسياط والفؤوس؟

في الحقيقة، تمارس دولة الاحتلال الإسرائيلي الإرهاب الجماعي على الشعب الفلسطيني بل وعلى العالم كله. وتصدر للعالم انطباعاً بأنها دولة لا تعترف بالإنسانية، ولا يهمها طفل جائع أو مريض، أو أسرة مشردة في أماكن الإيواء في غزة، أو حتى صغار وكبار يفقدون آباءهم وأمهاتهم كل لحظة. فهي لا تريد إلا أن تسيطر على كل بقعة في فلسطين بدم بارد، وتسعى لإفشال أي جماعة تدافع عن نفسها أو حتى عن القضية.

من الواضح أن المنظمة الفلسطينية التي نفذت هذا الهجوم تحت مسمى "فلسطين أكشن" تريد الرد على إسرائيل بنفس الطريقة التي تمارسها دول الاحتلال ضد أهالي غزة. ولكن هذه الجماعة أو المنظمة بدائية وتستخدم وسائل هجوم ودفاع بسيطة، إلا أنها أرادت أن توجه رسالة إلى دولة الاحتلال مفادها أنهم صامدون، وأن للمواجهة بقية، حتى وإن كانت حركة حماس خارج الصورة والمشهد السياسي تماماً.

ومن المعروف أن تلك الجماعة كانت لها سابقة في آب (أغسطس) الماضي في المملكة المتحدة أيضاً، عندما داهمت مصنع شركة "إلبيت سيستمز"، حيث ارتدى أعضاؤها سترات حمراء ودخلوا المستودع، واستخدموا المطارق الثقيلة لتحطيم العناصر الموجودة داخله. كما اعتدوا على أفراد طاقم الأمن في المصنع الذي تملكه شركة إسرائيلية. بعد ذلك، نشرت الواقعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد وُجهت إليهم تهمة إثارة الشغب العنيف، والاعتداء الذي أدى إلى إلحاق أذى جسدي خطير للعاملين في المصنع.

وفي ذلك الوقت، وجهت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية اتهامات إلى سبعة أشخاص بالتسبب في أعمال شغب عنيفة بعد اقتحام مبنى تابع لشركة الدفاع الإسرائيلية "إلبيت" في جنوب غرب إنجلترا.

إقرأ أيضاً: الأمراض والأوبئة تجتاح غزة بصمت

أما عن موقف هذه الجماعة، فقد بررت "فلسطين أكشن" ذلك برفضها الاتهامات بالعنف ضد الشرطة وموظفي الأمن، وقالت إن السلطات أطلقت "حملة تشهير" للتأثير على نتيجة المحاكمة. كما رفضت أن يتم ترهيبها للسماح بحدوث إبادة جماعية في فلسطين، وكأنها تقول للغرب: "أنتم تبررون الإرهاب الداخلي وتدافعون بكل قوة واستبسال عن إرهاب إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني المعذب، الذي يواجه الموت يومياً منذ أحداث السابع من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، وللشهر الحادي عشر على التوالي".

وفي وصفها لنفسها، قالت الجماعة على موقعها الإلكتروني إنها تهدف إلى "تفكيك التواطؤ البريطاني مع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي"، كما أكدت أن العمل المباشر ضد شركة إلبيت هدفه استهداف مصدر العنف الاستعماري والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وتقويض استفادة إلبيت من المجازر الإسرائيلية اليومية.

ومن المعروف أيضاً أن أكبر شركة لتصنيع الأسلحة في إسرائيل توفر نحو 85 بالمئة من الذخائر البرية والجوية التي يستخدمها جيش الاحتلال. وبالتالي، تقوم هذه الجماعة بهذه التصرفات لتلفت انتباه العالم ضد صفقات السلاح التي تورد يومياً لإسرائيل من أجل إبادة الشعب الفلسطيني.

إقرأ أيضاً: متى ترفع إسرائيل يدها عن مستشفيات غزة؟

منذ تأسيسها في عام 2020، أجبرت حركة "فلسطين أكشن" على إغلاق مصنع شركة إلبيت في أولدهام بشكل دائم، ودفعت الشركة إلى التخلي عن مقرها الرئيسي في لندن. وفي عام 2022، أدت الاحتجاجات التي قامت بها المجموعة إلى إلغاء عقود بقيمة 280 مليون جنيه إسترليني (358 مليون دولار) بين وزارة الدفاع البريطانية وشركة إلبيت سيستمز. وهذا دفع العديد من الشركات البريطانية والأوروبية إلى قطع العلاقات مع إلبيت بشكل دائم.

ورغم كل هذا، يبدو أن الغرب يريد محاكمة المتعاطفين مع القضية الفلسطينية بتهم الإرهاب. فالغرض من ذلك هو إسكات الأصوات المتضامنة مع القضية الفلسطينية، وهو في الوقت نفسه دعم غير مباشر لإسرائيل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف