بزشكيان: رجل ولي الفقيه يتوجه إلى الأمم المتحدة كسلفه بمباركة غربية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
على مر العقود، شهدت السياسة الإيرانية تزاوجًا متينًا بين النظام الحاكم ورجال الدين. أما بعد سرقة الثورة الوطنية الإيرانية في ثورة شباط (فبراير) 1979، فقد أسس الخميني عقيدة سياسية جديدة وفقًا لتشريع أسموه بـ"ولاية الفقيه"، الذي أصبح نهجًا لإدارة الدولة ومؤسساتها وتوجهاتها داخليًا وخارجيًا.
تستخدم دولة الخميني هذه مقدرات الشعب الإيراني في تنفيذ مخططاتها الجائرة في الداخل وتوسعاتها وتوجهاتها غير المشروعة في الخارج. ولأجل ذلك تعيّن هذه الدولة مسؤولي السلطة التنفيذية العليا من المخلصين الطائعين لها كأدوات مرحلية لإدارة شؤونها، ورئيس الجمهورية الخمينية من بين هؤلاء المسؤولين الذين يتم استخدامهم في النظام الإيراني كأدوات تمارس القمع والإجرام في الداخل، وتعكس وجه النظام وتتماشى وفق رغبات ولي الفقيه في الخارج.
وتعكس زيارة مسعود بزشكيان إلى نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة وجه النظام، كسلفه الذي تعهد أن يكون على خطاه ونهجه، كما تعهد بالسير وفقًا لإرادة خامنئي ولي الفقيه، وذلك في سياق ما دأب عليه النظام مع تجديد في التكتيك ومحاولات خادعة لتعزيز العلاقات الخارجية، لا سيما مع الغرب.
الخلفية التاريخية
في إطار سياسة النظام الإيراني القائمة على تصدير الثورة والتمدد الإقليمي، يتجه ملالي إيران إلى استخدام دبلوماسييهم كسفراء للأيديولوجية التي ينتهجونها، خصوصًا في المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة. وما بزشكيان وما سبقه من مسؤولين إلا أدوات للنظام وسياساته الخارجية، وقد عمل الجميع على فرض رؤية النظام في هذه المنظمة الدولية ومؤسساتها الفرعية.
ما أود قوله هنا هو أنه بالرغم من تغيّر الأشخاص، تبقى الأجندة والسياسة العامة ثابتة تحت راية "ولاية الفقيه". ويعمد هذا النهج إلى محاولة التأثير على القرارات الدولية واستخدام هذه المنابر لتبرير سياسات النظام سواء في الداخل أو الخارج، في ظل ظروف داخلية منهارة ودولية وإقليمية متوترة.
ملالي إيران، بعيدًا عن شكليات الضغوط المتزايدة بشأن ملفهم النووي، فإن تمددهم الإقليمي وتورطهم في الصراعات الإقليمية وتخبطهم السياسي يمثل أزمة كبيرة بالنسبة لهم، تستوجب تكتيكًا مرحليًا جديدًا. من هذا المنطلق، يحاول بزشكيان إعادة تجميل صورة النظام أمام المجتمع الدولي.
بالطبع، يحظى توجه الملالي الجديد بوجههم الجديد بزشكيان بمباركة غربية، خاصة من قبل تيار المهادنة والاسترضاء العالمي، الذي يبرر علاقاته مع نظام الملالي الرجعي برغبته في استمرار الحوار والتفاوض مع إيران بشأن ملفات حيوية، منها الاتفاق النووي. وبذلك يمنحون النظام فرصة المناورة على المسرح الدولي، وسيستخدم الغرب بزشكيان كما أسلافه، مثل خاتمي، كنقطة اتصال مهمة للحفاظ على قنوات الحوار مفتوحة، خاصة فيما يتعلق بقضايا الطاقة والأمن الإقليمي.
هل سيبقى نهج الأمم المتحدة قائمًا على سياسة قطب المهادنة والاسترضاء العالمي بشأن ملالي إيران؟
تطرح العلاقة بين الأمم المتحدة وإيران تساؤلات جدية حول طبيعة السياسة المتبعة تجاه النظام الإيراني الذي يقوده الملالي تحت راية "ولاية الفقيه". ففي الوقت الذي يتعرض فيه هذا النظام لانتقادات واسعة بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان، وسياساته الإقليمية العدوانية، ودعمه لميليشيات تعمل على زعزعة استقرار المنطقة، يتسم موقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بشكلين متناقضين: تقريع وتوترات مُعلنة في التصريحات، وتساهل ودعم على أرض الواقع.
يفتح هذا التساؤل باب النقاش حول ما إذا كانت الأمم المتحدة ستبقى في إطار سياسة المهادنة والاسترضاء تجاه ملالي إيران، أم أن هناك احتمالية لتغيير هذا النهج. وقد تبنت القوى الغربية والعالمية، على مدى عقود بما في ذلك الأمم المتحدة، نهجًا يقوم على المهادنة تجاه النظام الإيراني، والدافع الرئيسي خلف هذه السياسة هو رغبة بعض القوى الدولية في إبقاء ملالي إيران داخل المنظومة العالمية، وذلك بهدف التأثير على المسار السياسي والتجاري والاقتصادي والتنموي إقليميًا.
إلى متى سيبقى الغرب يستخدم نظام ولاية الفقيه كشرطي بلطجي يضربون به العرب والإنسانية؟
لطالما كانت العلاقة القوية بين القوى الغربية ونظام ولاية الفقيه في إيران محل جدل وتحليل واستهجان، خاصة في ظل ما يبدو أنه تعاون غير مباشر أو استغلال متبادل بين الطرفين. ففي الوقت الذي ينتقد فيه الغرب علنًا سياسات النظام الإيراني، نجد الغرب في الوقت ذاته داعمًا قويًا لهذا النظام، الذي جعل الغرب منه صانع أزمات ولاعبًا محوريًا هامًا فيما يجري في المنطقة.
تبدو صورة الملالي واضحة كشرطي مارق غير منضبط ينفذ أجندات تُملى عليه، كما كان حال الشاه المخلوع الذي كان يحمل لقب "شرطي المنطقة". وكان دور هذا الشرطي، ولا يزال، موجهًا إلى العالم العربي.
السؤال المُلِح الذي يطرح نفسه هنا هو: إلى متى سيبقى الغرب يعتمد على نظام ولاية الفقيه كأداة لتحقيق مصالحه الجيوسياسية، حتى وإن كان ذلك على حساب الشعوب العربية والإنسانية؟