فضاء الرأي

أفواه الغزيين تخرج عن الخدمة

طبيب يقوم بإعطاء طفل فلسطيني في خان يونس جنوب قطاع غزة لقاح شلل الأطفال 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2024
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

"لماذا تبقى الأفواه في الخدمة بلا ماء ولا غذاء ولا دواء ولا من يسمع النداء؟"

المقتلة المطحنة التي لا زالت تدور عبر قتل الأحياء وقتل سبل الحياة وطحن الأشياء في غزة، أياً تكن حجراً أو شجراً، وبعد أن أخرج الجناة المحتلون المشافي وسيارات الإسعاف والمسعفين والأطباء والممرضين وأجهزة وسيارات الإنقاذ ورجالها، والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس، ولم يبقوا حجراً على حجر إلا من لا زال ينتظر، ولم يبقوا للحياة على أرض غزة مكاناً آمناً، ولولا أنَّ بعض الحيوانات باتت تجد في لحم الشهداء قوت يومها لما كان لبعضها ممن نجا من القصف أن يواصل الحياة.

في غزة، كل شيء ضروري للحياة تمكن الجناة من إخراجه عن الخدمة، وبعد أن منعوا الغذاء والماء والدواء والغطاء، فلا سقف إلا السماء، ولا رداء إلا الأسمال التي مضى على عمرها أكثر من عام، ولم يبق لأفواه الغزيين من سبب لفتحها للصراخ من قعر البئر لعل أحداً من خارج البئر يسمعهم، وبما أن أحداً هناك لا يرفع يديه عن أذنيه ليسمع، فقد صار بإمكاننا القول إنَّ العالم خارج دائرة فعل المقتلة، ومن يذود عن أهلها بيديه قد أصدر قراره بإخراج أفواه الغزيين واللبنانيين عن الخدمة، بعد أن تراجع عن أي فعل مهما كان بسيطاً لمدهم بالغذاء والماء والدواء، وأغلق أذنيه أمام صراخهم بوقف المقتلة المطحنة.

إقرأ أيضاً: نتنياهو الثابت المهزوم برغبة الجميع

هذا العالم أبداً ليس بعاجز، بل إن بإمكانه بلحظة واحدة أن يوقف الجناة القتلة من واشنطن ومأجوريهم في تل أبيب، ومع ذلك يواصل الصمت وإمداد القاتل بكل ما يحتاج ليواصل المقتلة المطحنة هذه بلا خجل. ولو أن هنا بعض خجل وبعض أخلاق وبعض قيم لما وقع ما يقع على الأرض الآن، ليس في فلسطين ولبنان فقط، ولكن في السودان وشرق أوروبا وغيرها وغيرها.

الشيطان يستقيل
بسبب الإبداع الخرافي في الشر والإجرام والجريمة التي تمارسها الولايات المتحدة بكل وقاحة، وأمام ما يجري على أرض غزة ولبنان، والقدرة الفائقة على الوقاحة بحيث تمنح القاتل كل ما يحتاج للقتل وتتمنى عليه في العلن فقط أن يمنح المقتول بعض الطعام والماء أو بعض الدواء. وهي ترعى مقتلة بشعة في السودان وتدير صراعاً صامتاً ضد الصين، وتسرق مال روسيا علناً لتحصل على أثمان الأسلحة التي تمنحها لأوكرانيا لتقاتل روسيا، وتحرم على إيران الدفاع عن أرضها وتعتبر دفاعها إرهاباً، وتمنح نفسها حق حماية قاتلها المأجور في تل أبيب وتسمّي ذلك دفاعاً عن النفس، في حين يصير الانحياز الإيراني لجهة المظلوم جريمة تستحق العقاب.

إقرأ أيضاً: النساجون والفلاحون والبحارة والمظلومية

خرجت أفواه الغزيين عن الخدمة، وتكاد أصوات اللبنانيين أن تخرج ويخرج معها ضمير وأخلاق العالم وقوانينه وأنظمته، وتخرج معها كل الأصوات التي تجوب عواصم الدنيا مطالبة بوقف المقتلة المطحنة على فلسطين ولبنان. وإن لم يرفع ملايين الأحرار أكفهم قبل أصواتهم إلى جانب أحرار فلسطين ولبنان كما تفعل قوى محور المقاومة وبأشكال كثيرة، وليس السلاح وحده هو السبيل، وإلا فإن الأفواه في كل جهات الأرض ستخرج عن الخدمة يوماً إن ظل شيطان حضارة العصر الإمبريانولوجي (إمبريالية المعرفة) هو من يدير الموت في كل جهات الأرض بأيدي وكلائه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف