فضاء الرأي

لذلك أقترح...

هاربون من الحرب في لبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إنَّ أميركا تسخر من العالم ولا تحترم حقوق الإنسان ولا تطلعات الإنسانية نحو الأمن والسلم لتوفير حياة آمنة ومستقرة لجميع أهل الأرض دون استثناء، بعيداً عن أجواء الحروب وما يترتب عليها من سفك للدماء الإنسانية، وإزهاق للأرواح البشرية، وتدمير للبنية التحتية للمجتمعات الإنسانية، وحرمان الناس من لقمة العيش وقطرة الماء وجرعة الدواء، وحرمانهم من الاستقرار وفرض الترحال عليهم هرباً من مآسي الحرب.

الإنسانية لديها قيم عظيمة وعالية المروءة للتسامح واللطف الإنساني والرحمة السلمية، وعند تطبيقها تنشر بين الناس الصفاء والوئام والتعاون والتضامن والعمل الجاد والمتواصل من أجل إسعاد البشرية. لكن، وللأسف، أميركا تحول دون الوصول إلى هذه القيم النبيلة وغيرها من التقاليد الإنسانية الكريمة والنوايا الحسنة لدى الخيرين من الناس والمنظمات والهيئات الإنسانية والدول بمختلف أصنافها الجغرافية وشتى ألوان حكوماتها.

أميركا المتعسفة بحق العالم والمتعجرفة بحق الإنسانية، والتي تبتز الجميع بقوتها وتفرض شُرودها المهينة عليهم، تستغل هيئة الأمم المتحدة بمختلف دوائرها، وفي المقدمة منها مجلس الأمن الدولي، لتسخيرها بالاتجاه الذي يخدم مصالحها ومصالح حلفائها في العالم، حقاً أو باطلاً.

وإزاء ذلك، في رأيها، سحقاً لأي تطلع إنساني سلمي عفيف يتعارض مع أهدافها وأهداف شرطيها في منطقة الشرق الأوسط، إسرائيل المحتلة لأرض فلسطين والجولان وغيرها من الأراضي العربية، ونيتها في احتلال المزيد على ضوء برامج ومخططات السياسة الخارجية المرتقبة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، والذي من فقراتها المستقبلية هو: "إن مساحة إسرائيل صغيرة ولا بد من توسيعها وليذهب العرب والمسلمون إلى الجحيم".

القوة الغاشمة موجودة بمختلف أشكال ردعها لكل من يحتج على قرارات أميركا، حتى في مجلس الأمن الدولي الذي تعلق عليه دول العالم آمالها في الوصول إلى حقوقها المشروعة، وتتوسم في قراراته ردع الظالم والانتصار للمظلوم. وإذا بالمزاج الدبلوماسي ورأي واجتهاد السياسة الخارجية الأميركية يفرض قراراته وإجراءاته الذاتية على قرارات هذا المجلس الدولية، ويعطّل قرارات الحق والإنصاف والعدل بالاتجاه الذي يحيل إلى دعم وإسناد حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل ضد أهل فلسطين في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، وتوسعت فيها باتجاه سوريا اليوم.

إقرأ أيضاً: الهجوم الإيراني على إسرائيل من زاوية عسكرية

إسرائيل، التي ترتكب اليوم مجازر وحشية ممنهجة، خاصة في الداخل الفلسطيني وبدعم كبير وضخم من قبل أميركا، قد قتلت ما يقرب من خمسين ألفاً وجرحت أكثر من مئة ألف، وهجرت فوق المليون إنسان من فلسطين ولبنان، ودمرت المنازل في البلدين على رؤوس ساكنيها، وعطلت الخدمات العامة من ماء وكهرباء ومستشفيات. وحتى من داخل أميركا خرجت أصوات إنسانية صارخة بأعلى أصواتها بالاستنكار والشجب، بخصوص ما يجري في غزة ولبنان، معتبرة ذلك جريمة بشعة ونكراء لا وجود لها في تاريخ الإنسانية.

ولكن، رغم ذلك الاحتجاج والاستنكار العالمي، حتى داخل أروقة الجامعات الأميركية ضد حرب إسرائيل، فإن أميركا لم يتحرك لديها الإحساس الإنساني في احترام وتقدير الرأي العام، لا في داخل أميركا ولا في الخارج، لوقف الحرب في غزة ولبنان. لا بل تصب الزيت على النار لكي تبقيها مشتعلة، وذلك من خلال استغلال حق الفيتو (والذي هو أبطل من الباطل). وكان آخر استخدام لهذا الجور والتعسف العالمي هو أن الولايات المتحدة عطلت صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف "فوري وغير مشروط ودائم" لإطلاق النار في غزة، عبر استخدام حق النقض مجدداً دعماً لحليفتها إسرائيل. في المقابل، صوتت بقية الدول الأعضاء لصالح مشروع القرار، ولكن ماذا يصنع تصويتها أمام حق النقض الذي هو فوق الأمم المتحدة وفوق ميثاقها وقراراتها؟

إقرأ أيضاً: واقعية هوكشتاين وطوباوية ميقاتي

أكرر، بما أن الإدارة الأميركية تستغل الهيئة العامة للأمم المتحدة بمختلف دوائرها، وفي المقدمة منها مجلس الأمن الدولي، لتحقيق مآربها وأهداف حليفتها وشرطي مصالحها في المنطقة العربية والشرق الأوسط، إسرائيل، كيان الاحتلال والعدوان المستمر والسافر، لذلك، اقترح على كل الدول المنصفة في العالم والمحبة للأمن والسلم العالمي، أن تقترح عليها الانسحاب من هيئة الأمم المتحدة وعدم العودة إليها إلا بعد تعديل استخدام حق الفيتو من قبل الدول الأعضاء، وإلغاء استخدام السماح الخماسي لهذا الحق، بحيث يشمل الكل أو تشكيل لجنة تدفع باتجاه زيادة الأعضاء المشمولين بهذا الحق، على أن يكون لهذه اللجنة الحق في دراسة استخدام أي دولة للفيتو وإبطاله إذا كانت تراه غير مشروع، وتقره وتعمل على تمريره إذا كانت تراه مشروعاً.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف