الأجواء ملائمة لإيران أخرى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
في الأوقات الصعبة والحساسة التي تمرّ على الأنظمة الدكتاتورية وتشعر بأنها مهددة بالزوال، تلجأ عادة إلى التعامل بمنتهى الحذر وبدقة بالغة، خوفاً من أن يبدر عنها أي خطأ يجعل الأمور والأوضاع تنقلب في غير صالحها، وواضح أنَّ بعضاً من هذه الأنظمة يبذل مساعيه حتى الرمق الأخير كي لا يجد نفسه في هاوية السقوط.
ما بدر عن النظام الإيراني ويبدر بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية حتى الآن، يعكس حالة من القلق غير العادي والتوجس من الأعوام الأربعة القادمة، لا سيَّما أن للنظام تجربة مرّة جداً خلال الولاية الأولى لترامب، والسياسة المتشددة التي اتبعها ضده.
حالة القلق هذه، والتي لم تأتِ من فراغ وإنما من أسباب وعوامل مرتبطة بأوضاع النظام المتأزمة والتي يمكن القول إنها قد بلغت الذروة خلال الفترة التي أعقبت هجمة السابع من تشرين الأول (أكتوبر) وما تمخض عنها ويتمخض، وصولاً إلى عودة ترامب إلى البيت الأبيض وما يعنيه ذلك من فترة عصيبة من الصعب جداً على النظام التكهّن بنهايتها، لا سيَّما أنَّ النظام يراقب عن كثب كيف أنَّ العالم قد رحب بعودة ترامب بصورة توحي وكأن هذا العالم هو غير عالم الأمس وهذا بحد ذاته مؤشر يثير ما هو أكثر من الخوف والقلق.
إقرأ أيضاً: وشهد شاهد من أهلها
خوف وقلق النظام يعود إلى أسباب عدة، من أهمها الأوضاع الداخلية القلقة وغير المستقرة والنشاطات المتواصلة ضده من قبل الشعب الإيراني والدور الحيوي والفعال لمنظمة مجاهدي خلق في هذا الصدد، وهو دور يمتد إلى 45 عاماً المنصرمة، أي منذ تأسيس النظام، ونجاحها في فرض نفسها كطرف مهم في المعادلة السياسية الإيرانية القائمة، لا سيَّما أنَّ المنظمة قد تمكنت من جعل الاحتجاجات العفوية أو المستندة على أسباب اقتصادية اجتماعية وغيرها أن تتطور إلى أسباب سياسية، وهو الأمر الذي يحذر النظام منه كثيراً ويحرص على عدم حصوله. وبالنظر إلى الأوضاع القائمة في إيران، فإنَّ جميعها تبدو على أسوأ ما يكون وحتى إنها توفر الأرضية والمناخ الأكثر من ملائم لاندلاع انتفاضة جديدة لن يكون من السهل أبداً على النظام أن يسيطر عليها كما حصل مع الانتفاضات السابقة.
إقرأ أيضاً: عن قتل السجناء السياسيين في إيران
كما أنَّ مسألة عدم حسم خلافة خامنئي والخوف من وفاته خلال الأعوام الأربعة القادمة وعدم وجود من يمكن أن يملأ الفراغ الناجم عن رحيله، هي الأخرى تبرز خلال الولاية الثانية الأكثر صرامة لترامب، هذا إلى جانب المأزق غير العادي الذي يواجهه النظام فيما يتعلق بشأن تدخلاته في المنطقة والمنعطف الخطير الذي وصل إليه من جراء فقدان أهم وكيلين له في المنطقة لقواهما بصورة غير مسبوقة، ولذلك يطرح السؤال نفسه: هل النظام الإيراني قادر على التراجع عن إنجازاته في المنطقة؟ وهل يمكنه التخلي عن وكلائه؟ وهل خامنئي مستعد لتجرع هذا السم الذي قد يمهد الطريق للإطاحة به؟