فضاء الرأي

إيران والمواجهة المفتوحة.. تصعيد نووي يثير القلق الدولي

الرئيس مسعود بزشكيان يلقى خطاباً أمام البرلمان الإيراني
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بعد قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 21 تشرين الثاني (نوفمبر)، وصلت التوترات داخل نظام الملالي إلى ذروتها. أعرب المسؤولون عن قلقهم المتزايد بشأن التفعيل المحتمل لآلية إعادة فرض العقوبات بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231، التي قد تعيد فرض العقوبات الدولية على النظام الديني في إيران.

وفي اعتراف نادر بالفشل الدبلوماسي، أعرب حشمت الله فلاحت بيشه، الرئيس السابق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية للنظام، عن أسفه لما أسماه "الفرص الضائعة" خلال المفاوضات السابقة. وفي حديثه لصحيفة اعتماد التي تديرها الدولة، قال: "خلال مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة، أتيحت لإيران فرصة للمطالبة بتخفيف العقوبات مقابل تخفيف اليورانيوم المخصب لديها. والآن، يطالب هذا القرار بزيادة عمليات التفتيش وتخفيف اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة دون تقديم أي شيء في المقابل".

وأضاف: "يبدو أن الأوروبيين، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، ينتهجون استراتيجية الضغط الأقصى السريع ضد إيران".

ووصف المحلل التابع للدولة مهدي محمدي، الذي ظهر على التلفزيون الحكومي، القرار بأنه "الخطوة الأولى في مشروع سياسي أكبر يهدف إلى الضغط على إيران". وتوقع أن يصعّد الغرب إجراءاته في الأشهر المقبلة، وربما يصدر قرارات أخرى لتبرير تفعيل آلية الزناد.

واتهم محسن رضائي، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، القوى الغربية باستغلال قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية "لتحويل إيران إلى ورقة مساومة مع ترامب"، ملمحًا إلى مخاوف من تجدد السياسات الأميركية في ظل إدارة ترامب الثانية المحتملة.

وقد صاغ مسعود براتي، وهو محلل سياسي تابع للدولة، استراتيجية أوسع نطاقًا وراء القرار. وقال: “يستعد الأوروبيون، على غرار أميركا، لشهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، نهاية العام العاشر للاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن رقم 2231. وهم يهدفون إلى تهيئة المسرح إما لتفعيل آلية الزناد - وهو إجراء أحادي الجانب وغير عادل - أو استخدام تهديدها لفرض اتفاق جديد، وتمديد وتوسيع القيود على إيران”، محذرًا من أن مثل هذه الضغوط سوف تستمر.

ولجأ مسؤولون آخرون إلى تهديدات مبطنة، مما يشير إلى يأس النظام. وأعلن إبراهيم عزيزي، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، "لقد أعددنا أنفسنا لأي احتمال. أحد هذه الخيارات يشمل الخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي".

وخلال جلسة للبرلمان الإيراني في 24 تشرين الثاني (نوفمبر)، انتقد محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان، قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووصفه بأنه ذو دوافع سياسية ونتيجة للعداء الغربي. وحذر قاليباف من أنَّ ردّ طهران سيكون فوريًا: "لقد بدأ الرد المتبادل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالفعل، بما في ذلك تفعيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة".

وفي تهديد واضح، أضاف: "ستجبر هذه القرارات المدمرة والسياسية الدول على اتخاذ تدابير خارج بروتوكولات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لحماية أمنها القومي".

وانضم أئمة صلاة الجمعة في مختلف المدن الإيرانية، الذين يرددون تقليديًا نقاط الحديث التي يتبناها المرشد الأعلى، إلى جوقة القلق والتحدي المتزايدة في أعقاب قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفي طهران، أدان أحمد خاتمي، رجل الدين البارز وإمام صلاة الجمعة، القرار، ووصفه بأنه هجوم على سيادة إيران ومصداقيتها. وقال خاتمي: "إن القرار المناهض لإيران الذي أصدره مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا، يتطلب استجابة حازمة من السياسة الخارجية النشطة للجمهورية الإسلامية".

وربط القرار بأجندة أوسع نطاقًا ضد إيران، قائلاً: "إنَّ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يتهم إيران بانتهاكات حقوق الإنسان هو وصمة عار أخرى. كيف يمكن للأمم المتحدة أن ترفع رأسها عاليًا عندما تدين أمة تدعم المظلومين؟".

في همدان، انتقد حبيب الله شعباني قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووصفه بأنه متسرع وغير عادل، مشيرًا إلى أنه تجاهل الزيارة الأخيرة التي قام بها رافائيل جروسي إلى طهران. وقال: "على الرغم من اعتراف المدير العام بالتزامات إيران، فقد صدر هذا القرار قبل الأوان".

تكشف تعليقات شعباني عن محاولة النظام الفاشلة لاستخدام زيارة جروسي لمنع القرار، مما يسلط الضوء على عزلة طهران المتزايدة.

إقرأ أيضاً: التغطية على ضعف النظام الإيراني

ردد علي رضا بی‌نیاز، ممثل المرشد الأعلى في كيش، تحدي طهران من خلال تأطير الأنشطة النووية للنظام على أنها مشروطة بالمثل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية والقوى الغربية. وأكد: "إذا أردنا تلبية مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فيجب عليهم تلبية مطالبنا في المقابل. إن قبول طلباتهم بينما يصدرون قرارات ضدنا أمر غير مقبول".

وأضاف علي رضا: "إذا تعاونوا بشكل كامل مع الجمهورية الإسلامية، فهذا جيد. إذا لم يفعلوا ذلك، فلا ندين لهم بأي التزامات. ستقوم إيران بتخصيب اليورانيوم والسعي إلى الطاقة النووية السلمية بناءً على احتياجاتها الخاصة، بغض النظر عن رغباتهم".

يتعين على المجتمع الدولي أن يتجاهل تهديدات طهران وخطابها الناري، وأن يركز بدلاً من ذلك على أفعالها وانتهاكها المستمر منذ عقود للمعاهدات الدولية.

إنَّ سجل النظام في إخفاء أنشطته النووية والتهرب من المساءلة يؤكد اعتماده الاستراتيجي على الطموحات النووية كآلية للبقاء وتكتيك للابتزاز.

إقرأ أيضاً: الأجواء ملائمة لإيران أخرى

وفي خضم الضعف الشديد لجهاز الحرب بالوكالة الإقليمي، تضاعف طهران جهودها في سعيها للحصول على الأسلحة النووية، وتنظر إليها على أنها خط دفاعها الأخير ضد الضغوط المحلية والدولية المتزايدة.

ولمواجهة هذا التهديد، يتعين على المجتمع الدولي تفعيل آلية الارتداد بشكل عاجل وإعادة فرض قرارات مجلس الأمن الستة، وهي استجابة حاسمة طال انتظارها. ومع ذلك، فإن الحل النهائي لمعالجة سلوك طهران الخبيث وضمان الاستقرار الإقليمي يكمن في تمكين الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة من إحداث تغيير في النظام وتفكيك هذه الدكتاتورية مرة واحدة وإلى الأبد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف