يا أهل غزة فجروا سلاحكم النووي الآن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
منذ أربعة عشر شهراً بالتمام والكمال والمقتلة المطحنة تتواصل على أرض غزة، ونحن نواصل إحصاء الشهداء والجرحى ممن يمكن التقاط أجسادهم من تحت الركام، ولا نلتفت إلى أن من بقوا هناك أكثر بكثير ممن يتم استخراجهم أو الوصول إليهم. ولا أحد منا يسجل قوائم أو إحصائيات لمن يموتون من المرض والجوع والعطش وقلة الدواء أو من القهر والحزن والوجع. وبنفس العقلية، نحصي جرحانا ممن أصيبوا بالرصاص أو بعض الرصاص، ولا نلتفت أبداً لمن جُرِحَ في نفسه، ولا نريد أن نقتنع أن كل إنسان على أرض غزة جريح، وأنواع الجروح لا حدود لها.
في غزة نار من كل حدب وصوب وترك موجع من كل جهات الأرض. ولا أحد هناك يدري عما يجري في الخارج، وكأني بهم يتساءلون: هل اندثرت البشرية ولم يبقَ على الأرض إلا ناس غزة؟ وأعتقد أن من يسأل مثل هذا السؤال هو على حق بسؤاله؛ فلو أن هناك أحياءً خارج غزة ممن كتبوا ووقعوا ونشروا وقرأوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لما كانوا انتظروا إلى هذا الوقت، وهم يعلمون أن في غزة مقتلة ومحنة ونقمة.
أين هم الذين يؤمنون بما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي يحتفل به العالم يوم العاشر من هذا الشهر من كل عام، وهو ينص في المادة الثالثة منه نصاً: "لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه"، وفي المادة الخامسة ما نصه: "لا يُعرّض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو للمعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة"؟
أين هم الذين يؤمنون بالقرآن الكريم ويحفظونه ويرددونه في اليوم الواحد مرات ومرات؟ ألم يقرأوا الآية الكريمة القائلة نصاً: "من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً"؟ أم أن الإيمان عندهم محض قراءة وتسميع للنصوص، وأن الله أرسل لهم آياته ليتباروا ويقيموا ماراثونات في الحفظ والتسميع لا أكثر ولا أقل؟
أين هم الذين يؤمنون في الكتاب المقدس عن رسالة الرسول بولس إلى أهل غلاطية: "لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلَا يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلَا حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَاُنْثَى، لِأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ"؟ أم أن المسيحية تأخذ تعاليمها من بايدن وترامب، فهم لا يرون أن الناس جميعاً واحد في المسيح يسوع؟
أين هم اليهود الذين يؤمنون بما قاله الحاخام شمعون بن جملائيل في اختزاله للوصايا العشر: “يقوم الكون على ثلاثة أشياء: العدل والحق والسلام”؟ أم أن اليهودية اختزلت بأقوال سموتريتش وبن غفير؟
أتباع بوذا ينتظرون عودته للأرض ليعيد السلام إليها، وكذلك ينتظر المسلمون واليهود والمسيحيون وكل الناس من يأتي ليخلصهم، وهو إعلان عجز قاتل وإعلان براءة من وجوب فعل الخير من قبل الإنسان بنفسه.
يا أهل غزة، لم يأتِ المهدي بعد، ولم يعد المسيح ولا المشيح ولا بوذا، وبالتالي فكل من هم خارج أرضكم وناسكم لا يملكون إلا الانتظار لكي يأتي من يخلصكم، فهل ستواصلون أنتم الانتظار أيضاً؟
إقرأ أيضاً: أيها الصامتون انتظروا دوركم
لم يحن أبداً وقت عودة أحد من السماء، فاخرجوا أنتم لملاقاته، لعلكم تسرعون طريقه إلى إعلان السلام على الأرض؛ فالبشرية المنتظرة عاجزة وغبية. فالذين قالوا بوجوب حضور المخلص لم يقصدوا انتظاره بل السعي إليه.
يا أهل غزة، لا تنتظروا خلف أبطال مقاومتكم ولا تختبئوا خلف دمهم، ولا تنتظروا غودو، فلم يأتِ بعد. فغودو أنتم بأنفسكم، وأنتم تملكون قنبلة نووية لا يملكها أحد.
اخرجوا من بين خيامكم وركام بيوتكم بأسمالكم وجوعكم، وواجهوا الدنيا بأكف عارية وصدور واثقة. فإما أن تكتشفوا أن خارج غزة لا بشر، وبالتالي فإن الله أورثكم الأرض وما عليها لأنكم وحدكم من يستحقها، وإما أن تنطفئ بنادق الأعداء أمام بريق عيونكم وبراءة أطفالكم، ولعل الرجال خارج غزة ينكسون عيونهم احتراماً للثقوب في ثيابكم وحفاظاً على قداسة أجسادكم، وإلا فإن الموت واحد، وإذا كان لا بد منه، فالموت في الطريق إلى السماء أفضل من الموت تحت الركام.
إقرأ أيضاً: هل لا يزال الانتصار ممكنًا؟
يا أهل غزة، لا توجد قوة على وجه الأرض أقوى من السلاح النووي الذي تطلقه أكفكم العارية وأمعاؤكم الخاوية. ولن تستطيع كل الأسلحة أن تسلب من قلوبكم إيمانكم بالحياة. وإذا استطاع الأعداء قتل مليون غزي يمشون تحت سماء الله، فمعنى ذلك أن هذه الأرض لا تستحقكم وكفى.
لا تنتظروا أكثر، فلقد أعلن الناس خارج غزة الموت، ولم يبقَ من الأحياء إلا أنتم. فلا تنتظروا من الأموات إغاثتكم، وليس لكم والله إلا أنتم ولا أحد سواكم، فاخرجوا الآن، الآن بذواتكم العارية من زيف حقوق الإنسان ونفاق القانون الدولي ولصوصية الأمم المتحدة وكفر منظمة المؤتمر الإسلامي وتشتت جامعة الدول العربية، وانتصروا للإنسانية، فلم يبقَ منها إلا أنتم ومن قاتل أو لا زال يقاتل معكم أو من سينضم لكم.