حقيقتان قائمتان بعد سقوط البعث السوري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تولى حزب البعث السلطة في سوريا عام 1963، ودامت سلطة الحزب وحافظ الأسد الأب وبشار الابن مدة 61 عاماً. وفي العقود الستة الماضية، شهدت سوريا حكماً ديكتاتورياً ونظاماً بوليسياً خطيراً حكم الشعوب السورية بالحديد والنار، وأسكت جميع الأصوات المنادية بالحرية والديمقراطية. في تلك الفترة أيضاً، شهدت منطقة الشرق الأوسط أحداثاً خطيرة ومهمة، ولعب النظام البعثي في سوريا دوراً مهماً فيها، مثل الحروب العربية الإسرائيلية والحرب الأهلية في لبنان التي دامت أكثر من عقد من الزمن، فضلاً عن الحرب العراقية الإيرانية التي كانت سوريا وليبيا الداعمتين الوحيدتين لطهران من بين الدول العربية.
كما لعبت سوريا دوراً محورياً في هيمنة إيران على القرار اللبناني عن طريق حزب الله، فضلاً عن تدخلاتها في شؤون دول المنطقة كالعراق وتركيا والأردن وحتى بعض الدول الخليجية، بحيث أصبحت دمشق المطبخ السياسي وغرفة عمليات لجميع قضايا الشرق الأوسط. كما كانت دمشق إحدى أهم ركائز ما يسمى بمحور المقاومة الذي قادته إيران في المنطقة بوساطة أذرعها في العراق واليمن ولبنان، فضلاً عن دورها في التعاطي مع حضور ونفوذ روسيا.
اليوم ومع سقوط نظام البعث في سوريا، ستشهد المنطقة تغييراً جذرياً، وستحتدم الصراعات بين دول المنطقة من جانب، والقوى العظمى صاحبة النفوذ والمصالح من جانب آخر، فضلاً عن التوسع الإسرائيلي إذ تعد هذه نقطة تلاقي مصالح القوى الكبرى المتواجدة بقوة في المنطقة.
لا يختلف اثنان على أنه بسقوط نظام الأسد في سوريا، سينهار الهلال الإيراني الممتد في العراق وسوريا ومنه إلى لبنان، وبالتالي سيضعف الدور الإيراني في منطقة الخليج والشرق الأوسط بشكل عام. وسيكون لتركيا دور أقوى في المنطقة فيما لو هيمنت التيارات الإسلامية السنية المتطرفة على زمام الأمور في سوريا، كما حدث في العراق عندما هيمنت القوى الشيعية على السلطة بدعم من طهران.
إقرأ أيضاً: المرحلة الأصعب بعد نجاح الانتخابات في إقليم كوردستان
عليه، من السابق لأوانه التكهن بمستقبل سوريا السياسي ودورها المستقبلي وتأثيرها على المنطقة، لوجود قوى سياسية سورية عديدة مرتبطة بأجندات متعددة، تتقاطع مصالح بعضها مع بعض وتختلف في التوجهات والأهداف المستقبلية للساحة السورية.
ورغم كل ذلك، هناك حقيقتان قائمتان وبائنتان لا تحتاجان إلى التحليل والتفسير وهما:
أولاً: إنَّ حقبة نظام الحزب الأوحد في سوريا قد انتهت إلى غير رجعة. ولابد من مشاركة جميع المكونات السورية القومية والطائفية في إدارة البلاد وصناعة القرار في النظام المقبل مهما كانت تسميته. وفي حال محاولة طرف معين الهيمنة على إرادة وطموحات المكونات الأخرى، ستندلع حرب أهلية قومية وطائفية تحرق الأخضر واليابس، ولا يمكن التكهن بنهايتها ونتيجتها، وستمتد شرارتها دون ريب إلى الدول المحيطة التي تتشكل شعوبها من قوميات وطوائف وأعراق وإثنيات متعددة كتركيا والعراق وإيران.
إقرأ أيضاً: الحربة الفاشلة
ثانياً: إنَّ دور ما كان يسمى بمحور المقاومة الذي قادته إيران سيشهد في المرحلة القادمة انحساراً شديداً. وإن حاولت بعض أذرعها القيام ببعض التحركات للإيحاء بأنها ما تزال موجودة، فإن تلك التحركات ستكون محدودة وغير مؤثرة على أمن ومستقبل المنطقة، والخارطة الجديدة للشرق الأوسط التي ستؤمن مصالح القوى الكبرى وأمن إسرائيل في العقود المقبلة.