فضاء الرأي

كيف يخدم التصعيد في الضفة الاستيطان؟

عناصر من الأمن الفلسطيني عند حاجز طريق في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة بعد اشتباكات مع مسلحين
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

رغم مرور عام وشهرين على الحرب في غزة، إلا أن الوضع في الداخل الفلسطيني ما زال مشتعلاً. بين غزة والضفة الغربية، يحاول الاحتلال الإسرائيلي إشعال الأوضاع هناك وزعزعة استقرار الوضع الأمني حتى تنتج فوضى عارمة تمكّنه من تحقيق أهدافه واحتلال بقية الأرض.

ومؤخراً، تصاعدت الحوادث الأمنية في الضفة الغربية بقصد من سلطات الاحتلال، خاصة في مناطق مخيم جنين وطولكرم. ازداد نشاط المجموعات المسلحة الخارجة عن سيطرة السلطة الفلسطينية لتظل الفوضى قائمة ومستمرة دون أي تهدئة.

في الأشهر الأخيرة، شهدت الضفة الغربية مواجهات متكررة بين المجموعات المسلحة والسلطة الفلسطينية. ونشطت هجمات تلك الفصائل في جنين وطولكرم، وهما منطقتان أصبحتا رمزاً للتوتر الأمني المتصاعد، حيث تتواجد مجموعات مسلحة تتبنى نهج المقاومة وتشكل تحدياً لفرض سيادة القانون. كما تشتبك بشكل متكرر مع قوات الاحتلال الإسرائيلي وكذلك مع السلطة الفلسطينية، وتنفذ عمليات عسكرية، وهو ما زاد من تعقيد الوضع الأمني في الضفة الغربية.

كل هذا ساهم في زيادة حالة الفوضى وعدم تحقيق الأمن للسكان. لكن إذا نظرنا إلى الطرف المستفيد من هذا الوضع، فهو إسرائيل بالتأكيد، لأنها لا تريد أي استقرار لفلسطين. كما ترغب في إظهار السلطة الفلسطينية في وضع ضعيف حتى يخلو لها الجو لتنفيذ أغراضها واحتلال الضفة، كما فعلت في غزة، حيث دمّرتها بالكامل ثم احتلتها.

لكن السلطة الفلسطينية تدرك جيداً أن هناك عوامل خارجية تحاول زعزعة استقرار الوضع الأمني في الضفة الغربية، وتدفع الفصائل المسلحة إلى الاشتباك مع السلطة، مما قد يؤدي إلى فوضى من شأنها صرف الانتباه عن الوضع في غزة. وقد حثت فصائل مختلفة داخل فلسطين الجماعات المسلحة على وقف المواجهات مع السلطة الفلسطينية، لأن مثل هذه الصراعات لا توفر سوى الشرعية للاحتلال لغزو الأراضي واحتلالها.

إقرأ أيضاً: غزة.. الشتاء يقترب والتسوية السياسية تبتعد

وعلى الفصائل الفلسطينية أن تدرك أن تصاعد المواجهات مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية يفتح الطريق أمام إسرائيل لغزو الأراضي وتعزيز وجودها على الأراضي الفلسطينية، بذريعة إنهاء ما أسمته بالمواجهات المسلحة التي قد تؤثر سلباً على أمن إسرائيل. هذه ليست إلا حيلة من الكيان المحتل لبقاء قواته داخل مناطق الضفة الغربية، وتفويت الفرصة على الفلسطينيين للتوحد وتجنب الانقسام، حتى لا يتكرر سيناريو غزة في الضفة مستقبلاً.

أيضاً، هناك بعض الأطراف الإقليمية التي تسعى إلى دعم مجموعات معينة داخل الضفة الغربية، مما يعمّق حالة الانقسام ويزيد من هشاشة الوضع الأمني. هذا بالتأكيد يخلق حلقة مفرغة من العنف المتبادل، ويزيد من التوتر الداخلي الفلسطيني. كما يؤكد مدى غياب الوحدة الوطنية بين مختلف الفصائل الفلسطينية، ويُضعف الموقف الفلسطيني الداخلي، ويفسح المجال أمام تصاعد الفوضى الأمنية وتعزيز وجود الاحتلال بل وتوسيع عملياته على أراضي الضفة.

إقرأ أيضاً: الجاليات الفلسطينية في أوروبا ودورها الوطني

من المهم أن يعي الجميع ضرورة وجود سلطة قوية في الضفة الغربية، لأنها الإطار الشرعي والوحيد القادر على إدارة شؤون الضفة الغربية وتحقيق الأمن والاستقرار للشعب الفلسطيني، بل وحماية الأمن القومي الفلسطيني. فالسلطة الفلسطينية هي الجهة الوحيدة المخوّلة بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وحمايته من الفوضى والانفلات الأمني. ومحاربتها يعني إفساح المجال أمام مجموعات متعددة الأجندات لتهديد السلم المجتمعي وزيادة الانقسام الفلسطيني، بل وفتح الأبواب أمام الاحتلال لاحتلال كل شبر من أرض فلسطين.

وجود سلطة موحدة في فلسطين سيكون ورقة رابحة قادرة على إفشال أي محاولات خارجية لاستغلال الفراغ الأمني من أجل تحقيق أجندات لا تخدم المصلحة الفلسطينية العليا، وبالتالي تعزيز الدعم السياسي والشعبي للسلطة وحفظ مقدرات الشعب الفلسطيني.

إقرأ أيضاً: عودة الهدوء إلى جنين.. هل يخفض الضغط الاقتصادي؟

كما أن وجود سلطة موحدة في فلسطين سينهي الفوضى ويعيد تذكير الجميع بممارسات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، التي امتدت إلى تشريد الأهالي وتجويعهم وتركهم في مناطق الإيواء يصارعون الموت بدون أي حقوق إنسانية تُذكر. فوجود السلطة وتعزيز دورها يؤكد على وجود صوت رسمي يعبر عن أزمة أهالي غزة وضرورة إنقاذهم من الموت المحدق بهم كل يوم، مع أهمية دورها في حشد الدعم العالمي تجاه فلسطين، خاصة من المنظمات الحقوقية والإنسانية العالمية، ضد ما يرتكبه الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني.

أيضاً، وجود السلطة له دور كبير في استعادة الاستقرار في الضفة الغربية مجدداً، ومن ثم البدء في العمل على القضايا الملحة، كانسحاب الاحتلال من مناطق الضفة بشكل تدريجي، ثم تعزيز الاستقرار بها، وبعد ذلك إعادة بناء الاقتصاد من جديد. يبدو أن كل ذلك يمثل أجندة تسعى السلطة الفلسطينية لتنفيذها في الفترة المقبلة. ولكن، هل تعي الفصائل المسلحة أهميتها وضرورة إعلاء مصلحة الوطن على أي شيء آخر؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
دور سلطة العار لن يوفر الامن المزعوم للضفة المبتلعة صهيونياً
بلال -

لا يحتاج الاحتلال إلى مبرر، فهو يعمل على ابتلاع الضفة ويعمل على قضمها شيئاً فشيئاً، وينكل بالفلسطينيين ويحرق مزارعهم وأطفالهم، وفي الضفة اليوم قرابة مليون مستوطن ويجري تدنيس المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، وهناك مشروع مصرح به يرمي إلى إخلاء الضفة من سكانها إلى الأردن. ان الدور اللئيم والخبيث الذي تقوم به سلطة أوسلو العميلة من قمع للأحرار واغتيالهم يصب في مصلحة الاحتلال ولن يوفر الامن المزعوم للفلسطينيين.

تواطؤ صانع الكيان الغاصب
عبدالحميد -

تقرير جديد يفضح التواطؤ العسكري البريطاني غير المعلن والخطير في حرب الإبادة على غزة، من دعم استخباراتي يومي إلى المشاركة المباشرة في قتل الأبرياء، وسط دعوات متصاعدة لمحاسبة بريطانيا على جرائمها بحق الفلسطينيين.

كيان لا امان له مهما اقام من جدران
بلال -

في ظلّ تصاعد عمليات تهريب السلاح ، لجأ الاحتلال إلى ثلاث طرقٍ سعياً منه لإحباطها والقضاء عليها. أولى هذه الطرق، الإعلان مجدداً عن نيته بناء جدار حدودي على طول الحدود مع الأردن، وهو مشروع صهيوني أمنيّ متعثر منذ عشرات السنوات بسبب خلافات داخلية حول مصدر تمويل تكلفته الفائقة، ومن غير الواضح إذا كان سيخرج هذا المشروع إلى حيز التنفيذ في الوقت القريب. وجاءت الإشارة إلى ذلك نهاية تموز/ يوليو 2023، بعد نشر الاحتلال خبراً غير مفصّلٍ عن إحباطه "عملية تهريب كمية كبيرة من الأسلحة" عبر الحدود. الخلاصة أن هذه الدولة التي وقعت اتفاقي سلام مع جارتيها الشرقية في الأردن والجنوبية مع مصر، تمعن في محاصرة نفسها بنفسها، تحقيقاً لمقولة "دولة الجدران"، وهي تخشى أن تؤتى من هذه الحدود العربية، سواء بتهريب السلاح، أو بتنفيذ العمليات.

الضفة قلب المشروع الصهيوني وسيحصل فيها افظع مما حصل في غزة
بلال -

الضفة هي قلب المشروع الصهيوني التوراتي، وما حصل في غزة بروفة لما سيحصل في الضفة، في الضفة قرابة مليون مستوطن مسلح، السلطة الامنية الفلسطينية تجرد الفلسطينيين من أسلحتهم، وعليها تدور الدوائر يوماً.

لم يتبق من الضفة الغربية سوى 30 بالمئة مقطعة الأوصال
بلال -

العمال، الفلسطينيون 200 الف وبعد إيقافهم عن العمل، استعادوا سؤالاً سياسيّاً غُيّب لسنوات، وهو سؤال المقاطعة وصوابية العمل في السوق الإسرائيليّ. وقد أصبح البحث عن إجابة هذا السؤال أكثر تعقيداً مع السنوات بفعل سياسات السلطة الفلسطينيّة اقتصاديّاً وسياسيّاً: فلا تنتهج السلطة سياسات حكوميّة من شأنها تعزيز اقتصادٍ وطنيّ يستوعب هؤلاء العمّال، ولا هي تدعم قطاع الزراعة، ولا تواجه بجديّة غولَ الاستيطان الذي سرقَ الأرض ولم يُبقِ في الضفّة إلا حوالي 30% منها مكتظة بالسكان ومقطعة الأوصال.