يعيش أهالي غزة منذ أكثر من عام في مأساة حقيقية، تتلخص في فقدان الأمل بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) من العام قبل الماضي، ومعها استشهد ما يزيد عن 44 ألف فلسطيني وجرح نحو 108 آلاف آخرين، هذا بجانب المفقودين تحت الأنقاض.

ورغم هذه الحصيلة المأساوية للحرب، إلا أن الأهالي لا يزالون يدفعون ثمن الحرب التي تسببت فيها حركة حماس على أبناء القطاع، وهربت قيادات الحركة إلى دول أخرى للاحتماء فيها، تاركين الأهالي يصارعون الموت وحدهم أمام أداة القتل الإسرائيلية.

ومع قدوم الشتاء، تزداد معاناة أهالي غزة من فقدان الأساسيات التي تعينهم على البقاء أحياء، مثل الطعام، لا سيما مع التضييق الإسرائيلي على دخول المساعدات الإنسانية إلى داخل القطاع، وكذلك عدم وجود مياه نظيفة وصالحة للشرب. هذا بجانب انتشار الأمراض، خاصة بين الأطفال الذين تفتك بهم يوماً بعد الآخر في ظل غياب الرعاية الصحية في مناطق النزوح ودور الإيواء.

وهناك حوالى مليوني فلسطيني يعيشون الآن أصعب اللحظات تحت زخات المطر، ما يزيد من الإحباط بسبب قسوة الظروف المعيشية من ناحية، وترك حركة حماس لأهالي القطاع يصارعون وحدهم قسوة الظروف من ناحية ثانية. وهذا يؤدي إلى تصاعد التوترات والدعوات لاتخاذ إجراءات ضد حماس، وقد يصل الأمر إلى إقصائها سياسياً والبحث عن مصلحة الشعب بعيداً عن أي تيارات سياسية لا تريد إلا مكاسب فقط.

ومع هطول الأمطار، خاصة أن فلسطين المحتلة تتأثر بمنخفض جوي مصحوب بكتلة هوائية باردة ويطرأ انخفاض ملموس على درجات الحرارة، تتزايد مأساة الغزيين في خيام الإيواء، حيث تغرق الخيام بمياه الأمطار والسيول. ومع برودة الطقس ونقص المساعدات الغذائية، تعالت مناشدات الأهالي للمجتمع الدولي والأمم المتحدة بسرعة التدخل لإنقاذهم من المأساة التي لم تنتهِ حتى كتابة هذه السطور.

إقرأ أيضاً: الجاليات الفلسطينية في أوروبا ودورها الوطني

وتعرضت الخيام التي تؤوي آلاف النازحين الفلسطينيين في مناطق عديدة من قطاع غزة إلى أضرار جسيمة بعد تدفق مياه الأمطار داخلها وتضرر محتوياتها، كما حدث في مخيم ملعب اليرموك ومتنزه بلدية غزة ومنطقة مخيم الشاطئ والخيام المقامة في المدارس، وكذلك في وسط وجنوب القطاع، مثل وادي الدميثاء بالقرارة ومنطقة وادي السلقا ومحيط بركة حي الأمل وحرم جامعة الأقصى ومنطقة الشاكوش بمواصي رفح ومنطقة البركة وساكل البحر في دير البلح. وهنا يفقد الأهالي أي فرصة للنجاة على يد حماس أو المنظمات الإنسانية التي تتشدق بغزة دون أي وجود لها على أرض الواقع.

ونجد أن نحو مليوني مواطن من غزة يواجهون مخاطر كبيرة أمام قسوة الشتاء، وسط انتشار الأمراض بين الأطفال، خاصة نزلات البرد والأمراض التنفسية الناتجة عن سوء الطقس وسوء أوضاع المعيشة في الخيام، ما يجعلهم يعيشون في خوف مرير وحسرة قاتلة وحزن مميت.

إقرأ أيضاً: عودة الهدوء إلى جنين.. هل يخفض الضغط الاقتصادي؟

وفي ظل هذا الوضع غير الإنساني، من ينقذ حياة النازحين الفلسطينيين في المخيمات بقطاع غزة؟ ومتى تدرك إسرائيل أنها عليها السماح بإدخال مساعدتهم وإمدادهم بخيام وكرفانات إيواء للوقاية من أضرار فصل الشتاء والبرد القارس الذي لا يرحم صغيراً أو كبيراً؟

ومتى يدرك المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية دورهم بشكل جيد وعاجل في تقديم الدعم اللازم للنازحين الفلسطينيين، وضمان الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية في مواجهة هذه الظروف القاسية؟