إذا تصاعد الصراع العسكري بين إسرائيل وسوريا إلى حرب شاملة، سيواجه الكرد في روجافا، من خلال قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، العديد من التحديات والفرص. ستعتمد هذه الفرص على مواقفهم السياسية، تحالفاتهم العسكرية، والمصالح الإقليمية والدولية المتشابكة.

تأمين المناطق الكردية وحماية المناطق الاستراتيجية
في حالة تصاعد الصراع بين إسرائيل وسوريا، ستكون الأولوية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) هي تأمين المناطق التي تسيطر عليها من خطر الهجوم التركي، خاصة المناطق الغنية بالموارد مثل حقول النفط في روجافا. تتركز هذه الحقول في محافظتي الحسكة ودير الزور، وتشمل حقولًا استراتيجية مثل "الرميلان، السويداء، الشدادي، الجبسة، هول، واليُوسفية"، بالإضافة إلى حقول دير الزور مثل "العمر، التنك، التيم، والورد". تُعد هذه المناطق المصدر الأساسي للإيرادات في المناطق الكردية، حيث تنتج حوالي 380,000 برميل يوميًا. تمثل هذه الحقول قلب اقتصاد روجافا (الإدارة الذاتية)، وأي تهديد قد يؤثر بشكل كبير على قدرة "قسد" على الحفاظ على الاستقلال الذاتي وإدارة مواردها بشكل مستقل، خاصة إذا كانت هناك محاولات من قبل النظام السوري أو إسرائيل للسيطرة عليها. بناءً على ذلك، ستسعى "قسد" بكل جهد لتأمين هذه المناطق الغنية بالموارد في حال تصاعد الصراع.

مواجهة التهديدات المشتركة
يشكل الوجود الإيراني في سوريا تهديدًا مباشرًا ليس فقط لإسرائيل، بل أيضًا لـ"قسد"، التي تعتبر النفوذ الإيراني تهديدًا لمستقبلها السياسي في المنطقة. لقد عارضت "قسد" بشدة التوسع الإيراني في سوريا، وهو تهديد مشترك أيضًا لإسرائيل. في حال استمر التصعيد العسكري ضد النظام السوري، قد تجد "قسد" نفسها في وضع يسمح لها بالتعاون مع إسرائيل ضد هذا النفوذ الإيراني. ومع ذلك، سيظل التعاون مع إسرائيل محكومًا بالمواقف الدولية، وقد يبقى في إطار التنسيق غير الرسمي أو الاستخباراتي لمواجهة حزب الله عندما يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها في مناطق الشمال الشرقي (روجافا).

مكافحة الجماعات المتطرفة
"قسد"، التي كانت على الميدان في مواجهة تنظيم داعش، قد تجد نفسها في تنسيق غير رسمي مع إسرائيل عبر قوات التحالف الدولي إذا ظهرت تهديدات من الجماعات المتطرفة في مناطقها. رغم أنه من غير المتوقع أن يكون هناك تعاون عسكري مباشر بين "قسد" وإسرائيل، إلا أن كلاً من الطرفين شاركا في مكافحة تنظيمات جهادية مثل داعش في المنطقة. في هذا السياق، قد يتعاون الطرفان بشكل محدود، خصوصًا في مواجهة التهديدات الأمنية التي تطال مصالحهم المشتركة.

دور تركيا
نظرًا لأنَّ تركيا تشكل تهديدًا كبيرًا للوجود الكردي في المنطقة، فقد تصاعدت المخاوف من إمكانية مهاجمة روجافا في حال حدوث تصعيد عسكري في سياق الحرب بين إسرائيل وسوريا. رغم ادعاءات المسؤولين الأتراك بأنهم على استعداد للمفاوضات مع الأكراد، فإن رئيسة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية في روجافا، إلهام أحمد، أكدت أن المفاوضات تجري عبر وسطاء وليس مباشرة مع تركيا.

التحالفات العسكرية والسياسية
الولايات المتحدة تعد حليفًا رئيسيًا لكل من "قسد" و"إسرائيل" في مواجهة داعش والقوى المتطرفة. في حال وقوع صراع بين إسرائيل وسوريا، يمكن أن تلعب الولايات المتحدة دورًا في تسهيل التعاون بين الطرفين. قد تجد "قسد" مصلحة في التعاون مع إسرائيل، لا سيما ضمن سياق تأمين الدعم الأميركي لها واستمرار مصالحها في المنطقة. بالمقابل، روسيا، التي تعتبر حليفًا للنظام السوري، قد تقف ضد أي تعاون بين "قسد" وإسرائيل إذا اعتبرت أن ذلك يعرض مصالحها في سوريا للخطر. وبالتالي، سيعتمد موقف "قسد" من هذا التعاون على المواقف الروسية، التي قد تفضل مع الصين الحفاظ على استقرار النظام السوري.

السعي للاستقلال أو الإدارة الذاتية
سيسعى "قسد" بكل جهد إلى الحفاظ على الإدارة الذاتية أو الاستقلال في المناطق التي تسيطر عليها. في حال نشوب حرب شاملة بين إسرائيل وسوريا، قد تشعر "قسد" بأنها مضطرة للبحث عن حلفاء دوليين لتحقيق أهدافها السياسية، بما في ذلك تعزيز علاقاتها مع إسرائيل إذا كانت هذه العلاقات تخدم مصالحها الأمنية. ومع ذلك، قد تظل "قسد" حذرة من التورط في الصراع المباشر ضد النظام السوري، بينما تسعى للحفاظ على استقرار مناطقها وحمايتها من التصعيد العسكري.

الخلاصة
إذا حدث تصعيد عسكري شامل بين إسرائيل وسوريا، فإنَّ "قسد" ستكون في موقف معقد. من جهة، ستسعى لحماية مناطقها الغنية بالموارد الطبيعية مثل النفط في الشمال الشرقي. من جهة أخرى، قد تجد نفسها مضطرة للتعاون مع إسرائيل في بعض الملفات الأمنية، مثل مواجهة النفوذ الإيراني أو مكافحة الجماعات المتطرفة. في النهاية، سيعتمد موقف "قسد" على تحالفاتها الإقليمية والدولية، خاصة مع الولايات المتحدة، وعلى موقف روسيا من الوضع في سوريا. التركيز الرئيسي لـ"قسد" سيكون على ضمان استقرار مناطقها وتجنب التورط في صراع مفتوح، مع استغلال أي فرصة لتعزيز علاقاتها الدولية بما يخدم مصالحها الأمنية والسياسية.