أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الإثنين، أنه وجّه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي يحثّه فيها على الضغط على الحكومة العراقية لوضع حد لهجمات تشنّها "ميليشيات موالية لإيران" على إسرائيل.

رغم أن هذه الرسالة تغمرنا بالفرح الواسع والبهجة العارمة وتثلج صدورنا، مع المؤمنين بأن فصائل المقاومة العراقية المسلحة قد أصابتكم بضرباتها المتلاحقة بالوجع المرعب والطعن القاتل، وأيقظت عوامل الخوف الدائم في قلوبكم من آثارها المدمرة في الحاضر والمستقبل، ولولا ذلك لما استنجدت يا وزير الخارجية الإسرائيلي بمجلس الأمن الدولي متوسلاً لإنقاذ إسرائيل من ضرباتها.

رغم أنَّ فصائل المقاومة العراقية المسلحة هي فصائل حشد شعبي مكونة من شباب نذروا أنفسهم وبإمكانياتهم الذاتية لمقاتلة أعداء الأمتين العربية والإسلامية، وحققوا انتصارات باهرة داخل العراق وخارجه على قوى الشر والظلام ومنها إسرائيل المحتلة، إلا أن وزير الخارجية الإسرائيلي يطلب النجدة من مجلس الأمن الدولي لإنقاذه من ضرباتها. وهذا يعني أن المقاومة العراقية والمقاومات الأخرى قوتها تضاهي قوة دولة، ما يدل على أن المسؤولين الصهاينة يخشونها كدولة وليس كفصائل مسلحة.

ولكن فلتخرس أيها المعتدي المحتل لأرض فلسطين العربية، ففي العراق ليست هناك ميليشيات تابعة لإيران ولا لأي جهة خارجية أخرى، إنما هي فصائل مقاومة مسلحة تتصدى للمعتدي الغاشم، وهو أنتم، ومن يعادي العرب والمسلمين بقوة واقتدار وبإرادة عراقية محضة تحت قيادة عراقية مستقلة تماماً. وتنفذ تلك الفصائل خططها العسكرية بواسطة هيئة أركان عراقية خالصة ومستقلة تماماً.

مع ذلك، تلتقي هذه الفصائل مع كافة فصائل المقاومة المسلحة في الجمهورية الإيرانية الإسلامية، وفي فلسطين، وفي لبنان، وفي اليمن تحت عنوان واحد هو "محور المقاومة والممانعة"، الذي يهدف إلى تنسيق جهود المقاومة وتوحيد طاقاتها وترتيب ضرباتها في الاتجاه الزماني والمكاني نحو العدو الصهيوني، وهو دولتكم اللقيطة دولة الاحتلال والبطلان.

بأيّ حق توجه رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي تدعوه فيها إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية ضد نشاط فصائل المقاومة الإسلامية الذي ينطلق على شكل صواريخ وطائرات مسيرة نحو مقرات الاحتلال من أرض العراق، أرض مهد الحضارات سومر وبابل؟ العراق هو أرض الانتصار والدعم والإسناد لإخوتهم في فلسطين وفي لبنان ضد عصابات العدوان الصهيونية التي تغتصب أرض فلسطين وتشعل الحرب الضروس التي لا مثيل لها في تاريخ البشرية ضد المدنيين.

إقرأ أيضاً: من صور عجز الحكومة العراقية

أنتم قتلتم النساء والأطفال، وهدمتم المنازل على رؤوس ساكنيها، ودمرتم البنية التحتية في قطاع غزة والضفة الغربية، وكل ذلك تمهيداً لتوسيع مساحة الاحتلال بناءً على ما منحه لكم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حين قال: "مساحة إسرائيل صغيرة وطالما فكرت في توسيعها". هذا دليل على عدم استقرائه لمعطيات الواقع في المنطقة العربية في هذا القرن، الذي اختلف كثيراً عما كان عليه في القرن العشرين.

ولكن انظروا اليوم: العرب والمسلمون الذين توحدوا لنصرة أهل فلسطين هم العراق، واليمن، ولبنان، وإيران، الذين أذاقوكم الأمرين بأسلحتهم المصنوعة محلياً التي لا تضاهي بالمئة واحدة من نوعية وكفاءة أسلحتكم الفتاكة. فكيف بهم إذا توحدوا وهم 22 قطراً عربياً و36 دولة إسلامية وهبّوا نحوكم تحت عنوان طوفان "المسجد الحرام"؟

إن شاء الله، سيحصل هذا، وسيندحر الاستعمار والاحتلال، وتتحرر أرض فلسطين وتعود إلى أهلها الصابرين المتشبثين بإيمانهم بالله.

إقرأ أيضاً: ترامب زارع الخوف

ولكن أعود إليك يا جدعون ساعر متسائلاً: أي معادلة ظالمة تتبناها حكومتك وأنتم ترفضون إيقاف الحرب وتضعون مختلف العراقيل بوجه لجان الوساطة، ومنها شروط تعجيزية، من أجل استمرار الحرب تحت ذريعة تحقيق "النصر المطلق"، الذي حوله رجال المقاومة إلى أضغاث أحلام.

كن يا ساعر واقعياً، وحرك ضميرك على طريق الحق. انظر إلى الأمور نظرة استقرائية وفق منطق السلامة للجميع. كان المطلوب منك أن تناشد رئيس وزرائك بنيامين نتنياهو أن يتخلى عن أهدافه السوداوية، وليس مجلس الأمن، لكي يوافق على وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، ومن ثم إعطاء الفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم المستقلة على حدود العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.