تركيا تُسقِط الأسد وتقطع أذرع الملالي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كأوراق خريف تتهاوى أوراق ملالي إيران في خريف 2024. بنادق الإيجار تحتضر في أوكارها، وتساقط أحجار الدومينو؛ وتركيا العميقة ترجمهم بحجارة من سجيل بعد صبر جميل ليصبحوا ماضياً. وبعد احتراق الأدوات في أيدي العابثين، يتملك الوجع ملالي إيران من الضربة التركية ما يدفع صحافتها إلى توجيه رسائل النظام على ألسنة الكتاب!
محصنٌ هو ذاك المُلِم بتفاصيل التاريخ القادر على قراءة مراحله وترابط الأحداث فيه ببعضها البعض، ليكون قادراً على فهم سياسات النظام العالمي والمجتمع الدولي وتناقضات تلك السياسات العارية من المبادئ والثوابت العامة.
بمراجعة التاريخ المعاصر لمنطقة الشرق الأوسط وإيران، نجد أن النظام العالمي قد أسقط الدولة القاجارية ووضع سلطة جديدة في إيران لتكون شوكة في خاصرة العرب ودول المنطقة، وفي مقدمتهم العرب وتركيا. وبعيداً عن إدراك خطيئتها، وجدت روسيا التي ساهمت مع البريطانيين في إسقاط القاجاريين نفسها ضمن الذين تضرروا مرحلياً من وباء سلاطين إيران المعاصرين في حقبتي الشاهنشاهية المخلوعة والملالي القائمة. ومن ضمن الخطايا التي وجدها النظام العالمي في السلطان رضا شاه هو تقاربه مع تركيا، فخلعوه ونفوه ونصبوا ابنه محمد رضا شاه على العرش. وكما تخلوا عن الشاه الأب، تخلوا عن الشاه الابن بعد نهوض الحركة الوطنية الإيرانية على يد الزعيم التاريخي الخالد الدكتور محمد مصدق.
وكذلك أحداث الطاحونة الفارغة في ستينيَّات القرن الميلادي الماضي عندما نزع أسلحة الحركة الكردية العراقية وتفاهم مع العراق وصولاً إلى توقيع اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران عام 1975 برعاية الجزائر. وبعد أربع سنوات من هذه الاتفاقية، ترك النظام العالمي شاه إيران ليواجه مصير الفَناء بمفرده في مواجهة اشتداد موجة المد الشعبي الرافض لسلطة الشاهنشاهية الاستبدادية. لكن الغرب ونظامه العالمي لم يكن ليسمح بنجاح الثورة الوطنية الإيرانية عام 1979 لتكون مكاسبها لصالح التيار الوطني تيار مدرسة مصدق، فجاءوا بالمُلا وعمامته ليكون مكان الشاه خليفة لسلطانه، مستمراً على نهجه وتستمر نفس تلك الشوكة بخاصرة المنطقة، لكنها لا تزال إلى اليوم برداء وعباءة الدين.
إقرأ أيضاً: مهزلة مفضوحة.. تعيين نائب سني كردي لبزشكيان
وتتعاظم بعد إسهامها في إسقاط العراق وتفتيته ونشر الفوضى فيه كي لا تقوم له قائمة، ويتهاوى من بعده المشرق العربي حجراً بعد حجر، ويسود الملالي المنطقة من حدود أفغانستان والقوقاز إلى بحر العرب، والبحرين الأحمر والمتوسط. وتتصل طهران ببغداد ودمشق وبيروت على أمل الوصول إلى عمان عاصمة الأردن. ومن أجل الغايات، كانت أقبح الوسائل والسبل مشروعة، ومن بينها هدم البلدان كـ(العراق بنشر الفتنة الطائفية والهيمنة الكاملة عليه وتغييب مفهوم الدولة فيه &- سوريا بالهيمنة الكاملة عليها وجعلها وكراً للعصابات وتهريب الأسلحة والمخدرات &- اليمن بالحروب والفتن وتغييب الدولة وتهديد الجزيرة العربية من خلال الموالين للملالي فيه &- فلسطين بنشر الفتن والفرقة بين أبنائها، وها هي غزة قد أصبحت ركاماً وعلى وشك الزوال من الوجود &- لبنان بتغليب سلطان وسلاح الميليشيا على الدولة &- الأردن بالمخدرات وتهريب الأسلحة وتهديد الحدود والأمن الوطني والاجتماعي فيه).
إقرأ أيضاً: نحو سياسة رشيدة تجاه إيران
ومن ضمن الوسائل القبيحة التي استخدمها ملالي إيران كانت فصائل مسلحة تابعة لحزب العمال الكردستاني التركي الذي يرفع السلاح في وجه الدولة التركية منطلقاً من الأراضي الإيرانية والعراقية، ومن قبل من الأراضي السورية. وتهيمن هذه الفصائل اليوم على مساحة كبيرة من سوريا بدعم أميركي وغربي دون مراعاة الشراكة السياسية والاستراتيجية بين تركيا والغرب، ولم يمس نظام الأسد ولا ميليشيات ملالي إيران هذه الفصائل بسوء، حريصين على إبقائها كشوكة بخاصرة تركيا وأداة من أدوات إدارة الصراع.
إقرأ أيضاً: عقيدة نظام الملالي وثورية الجواسيس
وكما استخدم الملالي تنظيم القاعدة في يوم من الأيام، استخدموا داعش أيضاً للقضاء على الحراك الوطني في العراق، وخاصة في المناطق السنية بعد أن ترك لهم نوري المالكي، رجل إيران، مليارات الدولارات وتسليحاً وتجهيزات ومعدات تكفي لتجهيز وتسليح دولة صغيرة. وكذلك الحال لضرب المناطق الثائرة في سوريا، فكانت تلكما الأداتين فاعلتين في إدارة الصراع وتحقيق الأهداف. وبالنهاية، وكما انتهى تنظيم القاعدة الموالي لملالي إيران في تسعينيات القرن الميلادي الماضي بشمال العراق في حينها، ينتهي سيناريو داعش بعد تحقيق الأهداف المرجوة ويتم تركيع المناطق السنية والعملية السياسية بالعراق، وتجميد الأوضاع في سوريا، وتشريد شعبها، وإطالة عمر نظام الأسد، وتواجد الملالي في سوريا لقرابة 13 سنة قاسية لم تُنهِك سوريا فحسب، بل أنهكت المنطقة بأسرها.