ميزانية الأمن والدفاع في إيران بزيادة 200 بالمئة وإعدامات تضاهي الزيادة
هل رصد نظام الملالي زيادة الميزانية هذه لمواجهة من كشفوا سترهم ونكّلوا بشرفهم أم سيستخدمونها في مكافأة جواسيسهم وتعزيز قدراتهم وإعلاء شأنهم في قواميس وسجلات الخيانة؟
هل ستنتهي معاناة الشعب الإيراني بزيادة ميزانية الأمن والدفاع بمقدار 200 بالمئة يذهب معظمها لحرس الملالي والباقي للأجهزة القمعية لتعزيز قدراتهم وكفاءتهم القمعية بتقنيات يتم استيرادها من الغرب ذي الوجهين؟
لماذا لم يرفعوا ميزانية التنمية والرعاية الاجتماعية بهذا المقدار علهم يحدّون من تسارع تنامي معدلات الفقر والجوع والبطالة وسوء الخدمات، أو على الأقل ينتظمون بدفع رواتب ومستحقات العاملين في كافة قطاعات العمل والإنتاج كالتعليم والصحة والتعدين، أو يخفضون من أسعار المحروقات والضرائب العبثية المفروضة على الشعب؟ بمعنى أنه إذا فرضتم على الشعب الموت والبغي والفساد والفقر والجوع والبطالة، خففوا الضرائب وأسعار المحروقات.
أيها الرائي والقارئ من بعيد، لا يغرنك ما توحي به الصور؛ فبعض الصور بليغة في تعبيرها، لكن أغلبها في إيران مخادعة. يكفيك نبش بسيط في قلوب وأفئدة الناس لتنهال عليك جبال من الشكاوى والهموم الموجعة للقلوب الحية. يكفيك أن تقف في أروقة المحاكم وأمام السجون لتسمع وترى العجب العُجاب. أما إن سكنت بعيداً عن علية القوم بين عامة الناس، وهم الأغلبية الساحقة، فلا تنظر إلى حركتهم في وقت النهار، وإنما استمع إلى همومهم وشجارهم ومشاحناتهم التي يتناقلها صمت الليل. الليل الذي يتحول سكونه إلى شكوى وأنين من سوء الحال والفاقة، وسرعان ما يتحول ذلك إلى ضرب وعنف، ليس لرغبة في العنف والضرب، وإنما بسبب العجز والقهر وعدم القدرة على سماع أي شكوى تتعلق بالمعيشة في ظل العجز التام عن تلبية أدنى متطلبات الحياة البسيطة، حياة الكفاف.
لو أن لسلطة الظلام الحاكمة في إيران ذرة من الحياء والشعور بالمسؤولية، لنظرت بإنصاف ورشد وحكمة إلى القضايا العالقة بالمحاكم والكم الهائل من السجناء. لوجدت أن أغلب القضايا تتعلق بسلطتهم الباغية التي لم تمس حرية الشعب فحسب، بل مست كرامته وشرفه ولقمة عيشه. وبالتالي، يمكنها حل المشاكل والأزمات من جذورها طالما لديها القدرة على وضع هكذا ميزانيات عظيمة. لكن كيف لمن اعتاد على ممارسة الطغيان والقتل والسرقة والنهب أن يشعر بمعاناة الناس وهو مسؤول عنهم؟ أما بالنسبة لنظام الملالي، فالأمر لا يعنيه. يقف موقف المتعاطف البليد الذي لا شيم ولا مروءة فيه.
لم يكن في الخيال أن تمتهن النساء والأطفال من كلا الجنسين حِرفاً شاقة وصعبة ومضنية لأجل العيش. لم يكن في الخيال، وقد حدث وأصبح أمراً طبيعياً، وجد من خلال اشتداد الحاجة وعدم التزام السلطة برعاية مواطنيها. ومن هؤلاء النساء، نساء كردستان إيران اللائي يعملن بالحمالة (مفردها حمال) أو ما يسميها البعض بالعتالة (مفردها عتال)، مهنة فيها مغامرة بالموت أو السجن، لكن الدافع من أجل الحياة والكرامة يهون بلاء الموت والسجن.
مهزلة نواب رئاسة ومحافظين من الأقليات
من هؤلاء الأكراد أو العرب أو البلوش الذين يعينهم نظام الملالي نواباً بالرئاسة أو محافظين أو مسؤولين كبار؟ هل هم فعلاً من المنتمين لهذه الفئة من الشعب، أم أنهم من رجال النظام المخلصين ولا ولاء لهم لما تمتد إليه جذورهم؟ بدلاً من تعيين نائب لرئيس جمهورية الملالي من الأكراد أو البلوش أو العرب، أو حتى رئيس من الآذريين، احترموا وارحموا مواطنيهم واعتنوا بهم.. ماذا يفعل نائب أو رئيس ينفذ ما تُملى عليه من سياسات وأوامر ولا يملك من أمره شيئاً، وماذا يفعل نائب كردي لرئيس جمهورية الملالي عندما تكون صلاحيات وأوامر وتعليمات مدير عام بديوان الرئاسة أهم منه وتسري عليه رغم أنفه.. وبالنهاية سيستمر هذا النوع من النواب أو المحافظين في خيانتهم لمواطنيهم وفي إخلاصهم بخدمة النظام مكتفين بامتيازاتهم ورغد عيشهم.. هذه المسرحية الهزلية ليست بجديدة لكنها لم تصل إلى مستوى نائب في رئاسة الجمهورية إلا هذه المرة.. ورقة جديدة في سيناريو ولعبة جديدة يغازلون بها الغرب المهادن لكنها ستحترق كسابقاتها من الأوراق التي حرقتها الأيام.
ميزانية بزيادة 200 بالمئة وإعدامات تضاهي الزيادة
كم هو متناغم هذا النظام مع عمامته وعباءته ولحاه وشعاراته.. في نِسبه وتناسبه.. في نسبة السجناء والمشردين.. في نسبة الجهل مع المتعلمين.. في نسبة الموتى الأحياء مع الموتى ممن أتاهم الأجل، في تناغم الزيادة في الميزانية مع طموح وتوجه اللصوص والمجرمين، واليوم يتناغم حجم القتل الحكومي تحت مسمى الإعدام مع زيادة الـ200 بالمئة في الميزانية فقد أثبت الطبيب الرئيس مسعود بزشكيان أنه أهل لها للمسؤولية وأعدم مئات الأشخاص في المئة يوم الأولى له في المسلخ، مبرراً ذلك أنه من صيانة الأمن في البلاد.. هل تحكمون بشراً من حجارة لا حياة ولا عقل فيها ولا ردة فعل لها.. هل إعدام أهل الرأي والفقراء صيانة للأمن.. هل إعدام من أجبرتموه على الجريمة صيانة للأمن.. تعدمونهم صيانة للأمن فماذا عن كبار لصوصكم.. وكبار جواسيسكم الذين باعوا قادة حماس وحزب الله هل ستتحلون بالشجاعة وتعدمونهم أيضاً أم ستدفنون رؤوسكم في الوحل كعادتكم وترفعون عوراتكم لترفرف عالية بفخر.
في كل الأحوال لن تكون الزيادة في الموازنة لأي مواجهة يدعونها بعد مشروع الجواسيس المتطور.. لكنها ستكون فعليا لقمع الشعب الإيراني وزيادة بؤس شعوب المنطقة وتهديد دولها.
التعليقات