فضاء الرأي

هل يسكت حزب البعث السوري؟

رجل سوري طلى ألوان علم المعارضة على وجهه للاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

هناك حقيقة في حكم سوريا تم تغييبها وإقصاؤها ووضع بشار الأسد بدلًا منها، وهي حقيقة أن الحاكم الفعلي لسوريا هو حزب البعث، وما بشار الأسد إلا عضو في هذا الحزب تم اختياره ليكون على رأس الحكومة خلفًا لأبيه الذي كان يحكم سوريا بالنهج ذاته.

حقيقة أهداف الأحزاب ذات الهوية العربية يعرفها القاصي والداني من العرب، كما يعرفها المثقف والواعي والجاهل والأمي على حد سواء، وهي باختصار تحرير الأرض العربية من الوجود الاستعماري وتحرير المواطن العربي من التبعية له.

لذلك، تم تأسيس حزب البعث في سوريا بقيادتين: قطرية لقيادة هيكل الحزب في كل قطر عربي، وقومية لتقود تنظيم الحزب بشكل كامل وتتولى قيادة الحكومة القومية العربية التي سيؤسسها الحزب بعد تحرير الأقطار العربية جميعًا من حكوماتها القطرية. وقد كان شعاره ورسالته الأيديولوجية وفق استراتيجية تحرير أرض العرب والشعب العربي من الاستعمار وجعلهما أمة عربية واحدة من المحيط إلى الخليج تحت سلطة وطنية عربية واحدة يديرها الحزب نفسه.

بحسب الحزب، كان هذا الشعار (أمة عربية واحدة… ذات رسالة خالدة)، ثم اختار طريق الكفاح المسلح، على حد زعمه، والذي يسميه البعض (طريق المؤامرة) على الأنظمة العربية الحاكمة من أجل إسقاطها وانتزاع السلطة منها وكذلك تحرير الأراضي العربية المحتلة، مثل فلسطين، وإدارة دفة الحكم في أي قطر يتمكن الحزب فيه من إسقاط حكومته. ويستمر في هدفه بإسقاط الحكومات القطرية في البلدان العربية الواحدة تلو الأخرى حتى يتمكن من إسقاطها جميعًا، ثم يقوم بتأسيس حكومة وحدوية ديمقراطية تحت سقف الانتماء القومي العربي.

لذلك أجد أن حزب البعث في سوريا لن يسكت عما حصل من إسقاط حكم بشار الأسد، فهو يمثل إهانة له ولنهجه الثوري العلماني. الحزب الذي حكم سوريا 54 عامًا لا يقبل بالهزيمة وسيتحرك عبر التنظيم والطرح السياسي لرص صفوف المنتمين إليه واستقطاب التيارات الشخصية والفئوية وضمها إلى صفوفه، ثم يمتشق أسلحته ويدخل في صراع مسلح من أجل الأخذ بالثأر، لكن دون أن يعلن عن ذلك. سيسير على طريق دعوة تحرير الأرض السورية من الأفكار السلفية الهدامة الرجعية المتخلفة، وأيضًا تحرير الأرض السورية من الاحتلال التركي العثماني الإمبراطوري الذي يريد إعادة الأرض العربية إلى حضيرة الاستعمار العثماني.

إقرأ أيضاً: إلى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر

هذا ما يستبينه الحزب من أجل التحريض على السلفية الدينية والأطماع العثمانية الممثلة بتركيا التي رفض الحزب التطبيع معها لأنها تحتل الأراضي السورية. وأعتقد أنه سينجح في حالة اختياره طريق الكفاح المسلح ضد فصائل المعارضة السورية الإرهابية التي رفع وحرر قائدها الجولاني قوائم بأسماء منتسبي الجيش والشرطة وقوى الأمن السورية التابعين لحكومة نظام حزب البعث عبر بشار الأسد، والذي قرر الانتقام منهم تحت ذريعة محاسبتهم، ومن ثم معاقبتهم على ما ارتكبوا بحق الشعب السوري من أعمال عدوانية، هذا على حد زعم هذه الفصائل الإرهابية المدعومة من أميركا وإسرائيل وتركيا وقطر، والتي تسمي نفسها المعارضة السورية.

وعليه، لا بد من العودة والإشارة هنا ثانية إلى أن بشار الأسد ومن قبله والده لم يكونا يحكمان سوريا باسميهما الشخصيين، ولا بانتمائهما الديني للطائفة العلوية، ولا لأي انتماء آخر فئوي أو شخصاني، وإنما حكما سوريا من خلال الطرح الأيديولوجي للكابينة الفكرية لحزب البعث، المبني على قيادتين: القومية، المنتمية إلى القومية العربية، والقطرية، المنتمية لكل قطر يحكم فيه الحزب أو له تواجد فيه ضمن إطار الطبقة السياسية، فضلًا عن القاعدة الجماهيرية، التي لا بد أن تكون في الحالة السورية خاصة، قاعدة عريضة وواسعة جدًا من مختلف الفئات العمرية ومن كلا النوعين.

إقرأ أيضاً: الإعلام الخبيث وحرب إيران وإسرائيل

أما قيادات الحزب العليا، وخاصة في القيادتين القومية والقطرية، فأغلبهم سياسيون وضباط كبار لديهم خبرة في السياسة والإدارة والقتال والمناورة. لن يسكتوا على التهم الموجهة إليهم من قبل مجموعة من القتلة المجرمين الإرهابيين، على حد زعمهم، ولن يسلِّموا أنفسهم لهم ولن يستسلموا. لذلك سيختارون طريق الكفاح المسلح ضد المعارضة وسوف يتصدون لهم، وسيكون هناك صدام مسلح وشيك بين الطرفين، وقد حصل هذا بالفعل في مدينة اللاذقية، إذ في حادث هو الأول من نوعه، قُتل 15 إرهابيًا من هيئة تحرير الشام خلال اشتباكات مع عناصر من أنصار الرئيس السوري بشار الأسد في اللاذقية غرب البلاد.

ما جرى في اللاذقية قد يكون البداية، وستدفع هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى في قادم الأيام أثمانًا باهظة في الأرواح والمعدات، مما قد يدفعها إلى الانهيار والانكسار.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف