تعامل الجانب الحاكم في إيران بجدية تامة مع الهجوم الإسرائيلي على بلاده، وقد تجلت هذه الجدية والاهتمام في ما قاله المرشد الأعلى الإيراني آية الله السيد علي خامنئي، الأحد، أمام جمهور من الحضور، حيث صرح بأن الهجوم الإسرائيلي "لا يجب المبالغة فيه أو التقليل من شأنه"، دون أن يوجّه دعوة إلى شن ضربة انتقامية فورية.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقد صرّح الأحد أيضاً حول الهجوم الجوي لجيشه قائلاً: "إن الضربات الإسرائيلية ألحقت ضرراً بالغاً بإيران، وإن القصف حقق جميع أهدافه". وأكمل: "ألحقنا أضرارًا جسيمة بقدرات إيران الدفاعية وقدرتها على إنتاج الصواريخ الموجهة نحونا"، على حد زعمه. وأضاف "ضربنا رأس الأخطبوط"، معتبراً أن "الهجوم كان دقيقًا وقويًا وحقق كل أهدافه"، وأعرب عن شكره وامتنانه للولايات المتحدة "على التنسيق العميق والمساعدة".
وأميركا ادعت مراراً وتكراراً أنها لم تشارك في هذا الهجوم رغم علمها المسبق به، غير أن هذا الادعاء غير صادق، فالطائرات التي شاركت في الهجوم أميركية الصنع، وكذلك الأسلحة، فضلاً عن استخدام الطيران الإسرائيلي الأجواء العراقية لتنفيذ الهجوم من مناطق عراقية تحت السيطرة الأميركية.
ومع ذلك، هناك خبث غير معهودة في الإعلام الأميركي والإسرائيلي، حيث يسعى الطرفان إلى إبقاء الأجواء بين إيران وإسرائيل مشحونة بالغضب والتوتر عبر تسريب أخبار تهدف إلى شحن نفوس الحكومات المعنية بالمشاعر العدوانية، مما قد يؤدي إلى صدام بينهما على مستوى سلاح الجو، سواء بالصواريخ أو الطائرات. وقد يدفع هذا التوتر الطرفين إلى تصعيد الصراع إلى حرب واسعة تؤثر على مصالح وأمن دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط.
إقرأ أيضاً: غزة وانتهازية الرئيس الأميركي
ومن بين الأمثلة البارزة على هذا الدور الخبيث للإعلام الأميركي، ما ذكره موقع "أكسيوس" الأميركي الذي أكد أن إسرائيل أرسلت رسالة إلى إيران، الجمعة، قبل يوم من شن غاراتها الجوية الانتقامية، محذرة الإيرانيين من الرد. هذه الرسالة تحمل في طياتها سيناريو جرى إعداده مسبقاً للهجوم الإسرائيلي على إيران، بتفاهم وتنسيق تحت الرعاية الأميركية، حيث تم اختيار أهداف عسكرية داخل إيران ليست ذات أهمية قصوى.
أما الإعلام الإسرائيلي، فبدوره لم يخلُ من الخبث وعدم المهنية في نقل الأخبار، حيث سخرت بعض وسائل الإعلام العبرية من الهجوم الذي شنه الجيش الإسرائيلي على إيران فجر السبت، وسادت حالة من السخرية بين الأوساط الإعلامية الإسرائيلية حول النتائج المحدودة للقصف، بالرغم حملة التهديدات الكبيرة التي سبقتها من قبل الحكومة الإسرائيلية.
إقرأ أيضاً: من صور عجز الحكومة العراقية
وكان من أبرز التعليقات الساخرة تلك التي جاءت على لسان مراسل قناة "كان" الإسرائيلية، روعي كايس، الذي غرد قائلاً: "لو كنت أنا خامنئي، لعدت إلى النوم، وتحققت مما حدث في الصباح". في المقابل، تناولت بعض الصحف التي تتمتع بشيء من المصداقية، مثل "وول ستريت جورنال"، الهجوم الإسرائيلي بلغة جدية، وأشارت إلى وقوع إصابات بليغة في مواقع عسكرية داخل إيران، حيث تم تنفيذ الهجوم المعقد على مدار ساعات عدَّة، بمشاركة عشرات الطائرات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت تصنيع الصواريخ ومواقع الدفاع الصاروخي في ثلاث محافظات إيرانية مختلفة، مما أسفر عن مقتل أربعة جنود.
وأرجو ألا يُفسَّر كلامي بأنه مجرد سخرية عابرة، بل إنه استهزاء مقصود يهدف إلى تأجيج المشاعر العدائية بين الطرفين، وتحريض كل منهما على التصعيد العسكري، في الوقت الحاضر والمستقبل.
التعليقات