يشهد شمال قطاع غزة عملية إبادة وتطهير عرقي، حيث تستهدف قوات الاحتلال بشكل همجي كل مناحي الحياة، وتقوم بارتكاب الجرائم عبر قتل البشر وهدم المباني والمنشآت والمربعات السكانية في مخيم جباليا شمال غزة، مما أسفر عن استشهاد وإصابة المئات في تحدٍ صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واستمرار نهج الاستهداف الوحشي للمدنيين.

ما يحدث في قطاع غزة وشمالها حرب تهدف إلى اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وجذوره. وإن هجوم الاحتلال على شمال غزة وحصار مربعات سكنية كاملة وقصفها بالبراميل المتفجرة وإبادة المئات، يشكل انحطاطًا أخلاقيًا ودمويًا لا يمكن وصفه، حيث يخضع جيش الاحتلال فعليًا السكان بأكملهم للقصف والحصار وخطر المجاعة، فضلًا عن إجبارهم على الاختيار بين النزوح الجماعي أو مواجهة القتل أو الاعتقال.

القصف على شمال غزة مستمر بلا توقف، وأمر جيش الاحتلال مئات الآلاف بالإخلاء دون أي ضمانات بالعودة، ولا توجد طريقة آمنة للمغادرة بينما تستمر القنابل في التساقط، فيما يقوم بملاحقة العائلات وفصل النساء والأطفال عن الرجال واحتجاز العديد من الأشخاص تمهيدًا لاعتقالهم وإخفائهم في مناطق اعتقال سرية غير معروفة.

الوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وأصبحت سياسات حكومة الاحتلال وممارساتها في شمال غزة تهدد بإفراغ المنطقة من جميع الفلسطينيين. وإننا نواجه بالفعل ما يرقى إلى مستوى الجرائم الفظيعة، والتي تمتد إلى جرائم ضد الإنسانية، حيث تقف الكلمات عاجزة عن وصف دموية الاحتلال وقذارة أفعاله وممارساته ووقاحته المنافية لسلوك البشر وعلاقات الإنسان الطبيعي، ويعكس سلوك الاحتلال طبيعته الدموية المتطرفة وأصبح أكثر عنجهية ولا يكترث للقانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان.

الهجوم والحصار المستمر، وإعدام المئات من الأبرياء وتركهم تحت ركام منازلهم وعلى جوانب الطرقات، دليل واضح على طغيان وسطوة كيان الاحتلال المستقوي بالدعم الأميركي واستغلال الصمت الدولي الذي تنكر لمبادئه وقيمه الإنسانية. إن استمرار الإدارة الأميركية في تجاهل معاناة الشعب الفلسطيني والشراكة والتواطؤ مع الاحتلال ودعمها المطلق بالسلاح والمال والجنود هو السبب الرئيسي لما يحدث من إبادة ومجازر جماعية في شمال قطاع غزة وباقي أنحاء القطاع.

ولا يمكن الاكتفاء بإصدار بيانات الإدانة والاستنكار من قبل المجتمع الدولي، فهي لم تعد كافية أمام هذا الإجرام والتوحش الإسرائيلي، ولا يمكن الاستمرار بإصدار بيانات شجب وإدانة أمام حرب الإبادة الجماعية، حيث اعتاد الاحتلال وحكومته على هذه الردود وأصبحت تشجعه على الاستمرار بارتكاب المجازر اليومية بحق أبناء الشعب الفلسطيني.

ما زالت المؤسسات الدولية تتبنى إصدار البيانات للأسف، ومع كل مجزرة دموية تصدر بعض الدول بيانات الشجب والإدانة والقلق والتعبير عن رفضها لممارسات الاحتلال. لكن هذا الأمر أصبح لا يؤثر على الاحتلال ولا يؤسس لمواجهته. ويجب تخطي مرحلة البيانات واتخاذ خطوات عملية ملموسة تضغط بموجبها على حكومة الاحتلال لوقف حرب الإبادة الجماعية.

لا بد من تعزيز آليات للردع، والحل الوحيد أمام هذا الإجرام هو اتخاذ خطوات عملية عقابية ضد دولة الاحتلال وحكومتها المتطرفة. كما لا بد من تحرك المجتمع الدولي بشكل مستقل وفوري لإنقاذ السكان الذين يتعرضون للذبح والتنكيل، ووقف حرب تستهدف الوجود والهوية الوطنية الفلسطينية، بهدف إفراغ الأرض وإقامة مستعمرات جديدة تأوي متطرفين ومجرمين فارين من العدالة.