أصبحت دول العالم تترقب نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، خاصة بعد أن أعلن المرشح الجمهوري دونالد ترامب استعداده لإنهاء الحروب حول العالم. فإيران، التي تخاف صعود ترامب، باتت تتمنى فوزه، وهذا ما ذكره أكثر من محلل سياسي إيراني على شاشات التلفزة الفضائية كردة فعل على ما صرح به ترامب أخيراً من أن لا مشكلة لديه مع إيران. فالكل يتمنى السلام، والكل تيقن بأن أوراق السلام بيد أميركا.
روسيا تراقب عن كثب نتائج الانتخابات الأميركية آملة فوز ترامب لإنهاء معضلتها في أوكرانيا. أوروبا، التي تعاني من الأزمات، وخاصة أزمة الطاقة، تريد السلام وتسعى لإبعاد شبح الحروب التي ذاقت مرارتها في الحربين العالميتين الأولى والثانية. الصين تبحث عن السلام لإبعاد مرارات الحروب عن أراضيها واستقرار اقتصادها.
الحروب أنهكت اقتصاديات دول عديدة وشردت الملايين من الناس، ولم تعد الخيار الأفضل لمعظم دول العالم مع التطور التكنولوجي الهائل الذي أفرزته حرب لبنان وحرب أوكرانيا. الأيديولوجيات في الحروب أصبحت عديمة القيمة. كلمة الفصل اليوم للاقتصاد وللتكنولوجيا، والكل يعلم أنَّ الاقتصاد والتكنولوجيا يظهران ماهيتهما في السلام أكثر مما يظهران في الحروب. العالم تغير، ومن يراهن على القوة بالأمس أصبح على قناعة بأن الحروب ليست هي الحل.
سباق الانتخابات الأميركية بين مرشح الحزب الجمهوري ترامب ومرشحة الحزب الديمقراطي كمالا هاريس ليس كما يتصوره الآخرون، فقد أصبح صراعاً مصيرياً بالنسبة إلى الحزبين المتنافسين. الديمقراطيون أدركوا أن فوز الجمهوريين يعني نهاية الحقبة الأوبامية التي وضع أسسها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وأما الجمهوريون فيعتقدون أن فوز هاريس يعني الفوضى في مناطق العالم وداخل أميركا، مع إصرار الديمقراطيين على تهديم القيم الأخلاقية للمجتمع الأميركي بدعمهم التحول الجنسي والمثلية الجنسية وفتح باب الهجرة بدون قيد أو شرط.
إقرأ أيضاً: التحول الجنسي انحراف أم ثقافة
فقد شوهدت مسيرات ضخمة للمثليين تجوب شوارع أميركا خلال الأيام الماضية مؤيدة لهاريس، وهذا ما لا يتقبله معظم أبناء الشعب الأميركي. فأميركا تقف على مفترق طرق بين قبول الانحلال الأخلاقي المجتمعي وغزو المهاجرين غير الشرعيين والعجز الاقتصادي المخيف الذي يسعى إليه الديمقراطيون، أو عودة أميركا القوية المحافظة التي يسعى إليها الجمهوريون. فالقرار هو قرار الشعب الأميركي الذي يضع مصلحته فوق كل شيء.
الأميركيون من أصول عربية وإسلامية كانوا في السابق يؤيدون أي مرشح ديمقراطي، لكنهم اليوم اصطفوا بشكل قوي مع الجمهوريين. ومعظم الأميركيين من أصول آسيوية وأوروبية، وكثير من الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية، أخذوا يصطفون خلف الجمهوريين. لذلك، فإن احتمالات فوز ترامب ستكون ساحقة بالرغم من عدم ميل أكثرهم نحو شخصه.
إقرأ أيضاً: لماذا مقتل السنوار صدفة؟
ما يعيب الناخب الأميركي هو تأثره بالإعلام، وهذه مشكلة كبيرة لأن الإعلام في أميركا يركز على الجانب الشخصي للمرشح وليس الجانب الذي يخدم المجتمع. فمثلاً، يهتم الإعلام بأهمية وضرورة وجود امرأة تحكم الولايات المتحدة الأميركية أسوة بمعظم دول العالم، وتأكيداً لدور المرأة في الحياة، غاضين الطرف عن الأفكار التي تحملها هذه المرأة في حال وصولها إلى سدة الحكم. ورغم ذلك، تبقى المصلحة العامة هي التي تتحكم بسير الانتخابات.
سيكون يوم الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) هو يوم الفصل لأكبر وأهم حدث تاريخي فريد من نوعه في تاريخ أميركا والعالم، لأن مصير أميركا والعالم لأول مرة أصبحا مرتبطين ببعضهما داخل صناديق الاقتراع الأميركية.
التعليقات