هناك الكثيرون ممن يعتقدون أنّ الجمهورية الإيرانيّة هي التي تشكّل تهديداً حقيقيّاً لدول المنطقة، انطلاقاً مما يسمعون من تصريحات المسؤولين الأميركيّين والغربيّين، التي تعتبر تضليلاً ولا تمتّ إلى الحقيقة بأي صلة، ذلك أنّ التصريحات تنكبّ أساساً على البرنامج النووي الإيراني الذي يعتبرونه خطراً على منطقة الشرق الأوسط. فهم يزعمون أنّ إيران تسعى إلى امتلاك قنبلة نووية، علماً أن لجاناً عديدة من الوكالة الدوليّة للطاقة النووية قد سبق لها أن زارت مواقع إيران النووية عدة مرات، ولم تعثر على ما يُثبِت أن الجمهورية الإيرانية تعتزم في برنامجها النوويّ السير في اتجاه الحصول على القنبلة النووية. في حين أن إسرائيل قامت بتطوير برنامجها النووي وتمتلك أسلحة نوويّة، ولا أحد من المسؤولين في أميركا والغرب يتحدث عن ذلك، وكأنّ إسرائيل مُسالمة ولا تُهدّد بلدان المنطقة رغم توفرها على أسلحة نووية. للعلم، فالكيان الإسرائيلي هو من يُهدّد الأمن والاستقرار في المنطقة، ويتضح ذلك من خلال الحروب التي شنّها ولا يزال منذ احتلاله للأراضي الفلسطينيّة عام 1948.

إقرأ أيضاً: إبادةُ شعبٍ أمام مرأى ومَسمع مِنَ المجتمع الدولي

لقد عمدت إسرائيل، ومنذُ إقامة "دولتها" على الأراضي الفلسطينيّة عام 1948 بقوّة السلاح، إلى أن تعثو في الأرض فساداً، حيث تلقّت دعماً ماليّاً ومساندة لا محدودة من بريطانيا الاستعماريّة، التي قامت بإمدادِها بالأسلحة والعتاد الحربيّ لمحاربة الفلسطينيّين وتهجيرِهم من أرضهم من أجل إيجاد وَطنٍ لليهود المُشتَّتين في ربوع العالم، وقد نجحت في ذلك. ومنذ ذلك العهد، تتلقّى إسرائيل دَعماً مالياً وعسكريّاً من الدول الغربيّة والولايات المُتحدة الأميركيّة، وذلك قَصدَ تثبيت أركان "دولتها" في منطقة الشرق الأوسط. لم يقتصر دور إسرائيل على إنشاء دولة على الأراضي الفلسطينيّة، وإنّما يتعدّى هدفها إلى التّوسُّع في المنطقة والاستيلاء على مزيد من الأراضي وبسْط نفوذها على دول المنطقة من خلال تطوير قدراتها الاقتصاديّة والعسكريّة لِتصبح أعظم دولة في الشرق الأوسط. وها هي اليوم تشنّ حرباً على الشعب الفلسطينيّ من أجل إبادة أكبر عدد منه وتهجير ما تبَقّى منه خارج أرضه، لتستوليَ بعد ذلك على جميع ربوع فلسطين، بالإضافة إلى تدخُّلها العسكري في لبنان وتدمير جنوب البلد بهدف إجلاء سكان المنطقة وضمّها إلى (دولة إسرائيل الكبرى)، علاوة على محاوَلة استيلائها على جزء من سوريا، من أجل تحقيق الفكر الصهيوني القاضي بتوسيع (الدولة اليهودية) وفق الشعار الذي يحمله هذا الفكر (من البحر إلى النهر).

إقرأ أيضاً: لا المظاهرات ولا المفاوضات يمكنها إنهاء الحرب على غزة

إسرائيل هي التي تُهدّد أمن المنطقة العربيّة واستقرارها وليست إيران، فإسرائيل هي التي تشُن حرباً تلو الأخرى على دول المنطقة. أما الجمهورية الإيرانيّة فهي دولة تسعى جاهدةً إلى تطوير بلدها في جميع الميادين، وخصوصاً في الميدان العسكريّ، قصد مواجهة إسرائيل التي تُهدّد أمنها وأمن حُلفائها في المنطقة. تعمل أميركا على إضعاف إيران من خلال فرض عقوبات جائرة عليها حتى لا تُنافس الكيان الإسرائيليّ، الذي تريد أميركا أن يكون هو الأقوى والأعظم في الشرق الأوسط.