من اليهود إلى الكورد الفيلية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في النصف الأول من القرن الماضي، ومع بداية تأسيس الدولة العراقية، بدأت تظهر حركة تجارية وعلمية وصناعية داخل البلد، فازدهرت الصناعة والتجارة والفن والسينما والأسواق، وكان معظم أشخاص ونجوم هذا الازدهار السريع هم من اليهود العراقيين. وكالعادة، يصبح الناجح داخل المجتمع الفاشل محط أنظار الحاسدين؛ فعندما حانت اللحظة التي قررت فيها بعض الجهات السياسية مضايقة يهود العراق كردة فعل على ما كان يفعله اليهود داخل فلسطين، ظهر الحقد المخفي عند الناس، فهاجموا بيوت ومحلات اليهود في ليل معتم، وكأنَّ اليهود العراقيين هم من قام بإيذاء الفلسطينيين وكأنهم لم يكونوا عراقيين، ولم يكونوا الأبناء الأصليين لهذا البلد، ولم يكونوا هم من وضع اللبنة الأولى لبناء العراق الجديد، فشردوهم وسرقوا أموالهم واستولوا على محلاتهم وبيوتهم.
لكن بعدها، شعر العراقيون بالندم لأنهم غدروا بمن أضفى على حياتهم الروح الجديدة، وعرفوا بأنَّ اليهود كانوا شكلاً من أشكال العراق الجميل، وأحسوا بأنَّ العراق فقد فعلاً ركناً من أركان جماله، وبقي الفراغ الذي تركه اليهود المرحلين إلى إسرائيل يؤلم العراقيين لحد يومنا هذا، لأنه ما من حق لأحد أن يهجّر ابن البلد مهما كانت الأعذار.
إقرأ أيضاً: خفايا صراعات المنطقة
ورغم ما تعرض له اليهود من ظلم، إلا إنهم وجدوا وطناً يحتضنهم ويعيد لهم كرامتهم ويعيد لهم حقوقهم، فخفف عنهم ألم الغدر، حيث استقبلتهم إسرائيل بكل ترحاب، لكن مهما يكن من أمر، يبقى بلدهم الذي نشأوا وعاشوا فيه هو الأجمل في مخيلتهم.
إذاً، السر الأعمق لغدر بعض العراقيين باليهود هو الغيرة والحسد لسرعة صعود نجومية اليهود في الحياة السياسية والاقتصادية والتجارية والعلمية والرياضية والفنية للعراق الجديد بعد الاستقلال.
لم تمضِ سوى بضع سنوات على ترحيل يهود العراق حتى أصبح الكورد الفيلية هم الذين يسدون الفراغ الذي عانى منه العراق بغياب اليهود، فأصبح التجار الفيلية يتحكمون بالتجارة والصناعة، وأصبح الكورد الفيلية يتحكمون بكل مفاصل الحياة والتطور في المجتمع.
إقرأ أيضاً: أطفال ضائعون
ومما تفوق به الكورد الفيلية على اليهود هو وجود طبقة المثقفين الفيلية الذين تسيدوا الساحة الثقافية العراقية لعقدين أو ثلاثة، وأصبحت بصمتهم واضحة في كل مجال ثقافي وأدبي وعلمي واقتصادي.
وبما أنَّ الكورد الفيلية لم يكونوا أقلية قليلة، بل كانوا أقلية مجتمعية كبيرة، وجميع أفرادها لهم نشاط اجتماعي ملموس، وحتى نساؤهم كن وجه العراق النسوي في الثقافة والفن والرياضة والمعرفة، وحتى في السياسة، فكانت عملية التخلص منهم بنفس طريقة التخلص من اليهود العراقيين صعبة جداً.
وكيف يتم التخلص منهم؟ وإلى أي بلد يتم ترحيلهم؟ هذه أسئلة كانت تراود الجهات التي تسعى لإيذاء المجتمع العراقي من خلال بتر جزء جميل منه، مثلما فعلوا مع اليهود.
وبعد مخاض عسير من التفكير، وجدوا إيران البلد المناسب لطرد الفيلية إليه، نظراً لوجود بعض الروابط بين فيلية العراق وفيلية إيران، فبدأت الحملة، ولكن هذه المرة من قبل السلطات الحاكمة، ثم تدخل الحاقدون الشامتون ليستولوا على بيوت وممتلكات الكورد الفيلية بنفس طريقة السيطرة على ممتلكات اليهود.
إقرأ أيضاً: كل ما يفعلانه لن يجدي نفعًا
كان من حسن حظ العراق أنَّ حملات التهجير والقتل لم تشمل جميع الكورد الفيلية، وإلا لأصاب العراق عورة لم يسترها شيء بعدها أبداً، فشملت عملية التهجير جزءاً مهماً فعالاً من الكورد الفيلية، وتم تغييب وقتل عشرات الآلاف من شباب الفيلية الذين لم تُعرف مقابرهم وطريقة قتلهم إلى الآن.
بهذا السلوك الظالم يكون قد تحقق الهدف وهو إبعاد الفيلية عن الحياة السياسية والثقافية والتجارية، والتخلص من تأثيرهم المباشر.
التخلص من يهود العراق والتخلص من شريحة مهمة من الكورد الفيلية أضعف العراق كثيراً وأعاده عقوداً إلى الوراء، لأن يهود العراق وفيلية العراق هم سماد العراق الحديث، أينما وجدوا تنفست بهم الحياة، ولحد اللحظة، للأسف الشديد، هناك ضيق نفس شديد عند بعض المحسوبين على العراق، يحاولون التقليل من شأن الكورد الفيلية، ويحاولون إبعادهم عن التأثير بالحياة السياسية والثقافية، ويتربصون بهم، ويضيقون عليهم في استرداد حقوقهم.
إقرأ أيضاً: ما هو الإسلام السياسي؟
فهؤلاء، حتى لو تخلصوا من اليهود، وتخلصوا من الفيلية، وتخلصوا من الإيزيدية، وتخلصوا من المسيحيين، فإنهم لن يتوقفوا عند هذا الحد، سيعملون على التخلص من بعضهم بعضاً خطوة بعد خطوة، لأنَّ في قلوبهم مرض لم ولن يُشفوا منه، وكل مآسي وويلات هذا البلد كانت من صنع أيادي هذه الفئة المحسوبة على العراق والمدعومين من خارج الحدود.
متى ما عادت الحقوق الطبيعية لجميع المظلومين من أبناء هذا البلد، تكون قد عادت الحياة والروح للبلد، بغير ذلك يبقى العراق عليلاً يجر أذيال الخيبة، ولن تقوم له قائمة.
التعليقات
صحح معلوماتك
حسين -على السيد الكاتب المحترم تصحيح معلوماته التي اوردها في مقاله ... اولا من ساهم بتهجير اليهود الفرهود هي منظمات صهيونية دخلت الى العراق بغطاء المحتل البريطاني ، وذكرها مسؤول اسرائيلي توفى قبل عام او اكثر عن عمر 97 سن في مقال نشره في الصحف الاسرائيلية ، بانه ساهم مع منظمة صهيونية في التفجيرات بالاحياء اليهودية في العراق وساهم في بث الفرهود لتلك العوائل اليهودية العراقية ودفعها للهجرة الى فلسطين المحتلة ... وثانيا ان التجار العراقيين بمختلف مكوناتهم ، مسلمين ( سنة وشيعة ) ومسيحيين ، كرد وعرب وتركمان، كانوا ايضا من كبار التجار وليس فقط اليهود ... وعوائل عراقية كبيرة معروفة بتاريخها التجاري بالعراق وفي المنطقه عبر الحدود ، منذ الاحتلال العثماني ، لهذا ليس فقط الكرد الفيليين من سيطر على التجارة في العراق بعد تهجير اليهود...بل جزءا يسيرا منهم وتعاونوا مع عوائل تجارية عراقية عريقة ايضا في عموم مدن العراق ، في البصرة والموصل وكركوك والسليمانية واربيل وبغداد والنجف وكربلاء والانبار والعمارة وغيرها ... نعم تعرض الاخوة الفيلين الى عمليات ابادة وتهجير مبرمج
الانكار والكذب والمؤامره
فول على طول -دأب المسلم على استخدتم ثلاثة أسلحه للرد على ما يقال عن الاسلام وما يفعله الذين أمنوا ..الأسلحه هى : الانكار أو التكذيب أو الكذب أو المؤامره ..مثلا داعش هى النسخه الاصليه من الدين الأعلى بكل أفعالهم واقوالهم واثباتاتهم التى هم أنفسهم يظهرونها على الملأ لكن يأتى مسلمون كيوت يقولون : داعش لا تمثل الاسلام أو داعش صناعة مخابرات غربيه ..وكأن الناس أغبياء والذين أمنوا فقط هم بشر ولهم عقول ..يتبع
تابع ما قبله
فول على طول -أيام عبد الناصر الزعيم الخالد فى مصر قامت حرائق ونهب للمتلكات اليهود بما عرف بحريق القاهره والاعلام الناصرى العربى الساقط أذاع أن الذى فعل ذلك هم اليهود أنفسهم وطبعا قام عبد الناصر باعلان وترهيب اليهود بأن عليهم مغادرة مصر خلال 48 ساعه ..طبعا تم نهب ممتلكات اليهود والاستيلاء على بيوتهم ...ومازال الاعلام العربى الساقط يؤكد أن الذى أحرق القاهره هم اليهود ومازال الأغبياء من المؤمنين يصدقون ذلك سواء عن قصد أو عن غباء لكن أعتقد الاثنين معا ..يتبع
تابع ما قبله
فول على طول -فى عراقكم السعيد تم قتل وتهجير المسيحيين والاستيلاء على ممتلكاتهم وبمساعدة الجيران المسلمين ..وبرغبه الحكومه بل أن أعضاء الحكومه تقاسموا الغنيمه مع الدواعش ...وينكرون أن داعش لا تمثل الاسلام مع أنهم هم النسخه الاصليه من الدين الحنيف وما فعلوه هو نفس ما فعله رئيس العصابه وعصابته من بعده حتى اليوم ..فى مصر نفس الأفعال ومرات كثيره تم قتل مسيحيين مصريين ويتم تبرئة الجناه وتسمع خطاب مهترئ بأن مصر تتعرض لمؤامرات خارجيه لضرب الوحده الوطنيه واثارة الفتنه الطائفيه ..مع أن الفاعل مصرى وجار للمسيحى ولم يأتى من الخارج ...نقول تانى أم هذا يكفى ؟ مهما قلنا فان الغباء والتناحه وعدم الضمير والكذب هم أسياد للموقف .ناس جلودها تخينه ووجوهها خشب أو نحاس . انتهى
تابع ما قبله
فول على طول -يعد غزوة مانهاتن الشهيره واحتفاء الذين أمنوا بالغزوه واعلان اسامه بن لادن وشركاه عن مسئوليته بالغزوه والافتخار بها خرج علينا الكثير من المخبولين والمشعوذين يؤكدون أن الغزوه من صنع المخابرات الامريكيه ...لك أن تتخيل كمية الهبل والشعوذه والغريب أن الكثيرين جدا صدقوا ومازالوا يصدقون هذا الخبلان ..أمه يأنف من الغباء نفسه .