فضاء الرأي

تظاهرات نيويورك تتحدى النظام

اتفاق القاهرة يشعل صراعات داخلية في إيران

المرشد الأعلى علي خامنئي
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في محاولة يائسة للخروج من مأزق آلية "الإعادة السريعة" (سناب باك) وتداعيات انهيار الاتفاق النووي، لجأ قائد النظام الإيراني علي خامنئي إلى خطابات الوحدة الزائفة، داعياً إلى دعم حكومته المتأزمة. وفي هذا السياق، أرسل وزير خارجيته عباس عراقجي إلى القاهرة للتفاوض مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بينما عطل البرلمان الصوري في طهران، آملاً في الجمع بين دبلوماسية التفاوض واستمرار التخصيب النووي. لكن هذه المناورات فشلت في احتواء الأزمة المتفاقمة، بل أشعلت حربًا داخلية ضارية داخل النظام، كاشفة عن انقساماته العميقة وهشاشته غير المسبوقة.

اتفاق القاهرة: شرارة الصراع الداخلي
لم يبدأ الهجوم على عراقجي إلا قبل سفره إلى القاهرة، حيث أثار الاتفاق الهش مع مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي، والذي طُرح في مجلس الحكام، جدلاً واسعًا. حاول عراقجي نفي الاتفاق لاحقًا، لكن ذلك لم يمنع تفجر الانتقادات داخل النظام. وكالة أنباء حرس النظام أفادت في 13 أيلول (سبتمبر) أن 71 نائبًا طالبوا بعقد جلسة استثنائية لمناقشة بنود الاتفاق، معربين عن استيائهم من تعطيل البرلمان. وكتبت إحدى وسائل الإعلام الحكومية: &"مع تعطيل البرلمان، وجهت انتقادات لاذعة لرئيسه محمد باقر قاليباف. والآن، ينتظر أكثر من 60 نائبًا قراره بعقد جلسة استثنائية للاستماع إلى توضيحات عراقجي ولاريجاني&".

ووصفت وسيلة إعلامية أخرى قرار تعطيل البرلمان لمدة 18 يومًا بأنه &"فشل استراتيجي&" في فترة حساسة من تاريخ إيران المعاصر، مشيرة إلى أن هذا القرار زاد من حدة الأزمة بدلاً من تهدئتها. هذه الانتقادات تعكس عمق الشرخ داخل النظام، حيث أصبحت محاولات الوحدة الزائفة غير قادرة على إخفاء الصراعات الفئوية.

هجوم شريعتمداري وأنصاره: اتهامات بالخيانة
وجه حسين شريعتمداري، ممثل خامنئي في صحيفة &"كيهان&"، ضربة قوية للاتفاق، متسائلاً: &"مع وجود وثائق تثبت تبعية غروسي للموساد، وتأكيد قانون البرلمان على تعليق التعاون مع الوكالة، بأي تفويض قانوني توصل عراقجي إلى اتفاق معه؟&". وأضاف في مقال آخر، مستشهدًا بتصريح سابق لعلي لاريجاني: &"عندما تنتهي الحرب، سنحاسب غروسي&"، مؤكدًا أن &"الاتفاق مع طرف خائن باطل قانونًا&".

كما وصف النائب محمود نبويان، أحد قادة التيار المتشدد، غروسي بأنه &"جاسوس&" و&"عميل مسؤول عن مقتل قادة وعلماء النظام&"، معتبرًا الاتفاق &"انتهاكًا لمصالح الأمة&" و&"تمهيدًا للحرب القادمة&". وذهب النائب حسيني كيا إلى حد اتهام وزارة الخارجية بـ&"التحايل على قانون البرلمان&"، مطالبًا باعتقال غروسي إذا زار طهران. هذه التصريحات تكشف عن حالة من الفوضى السياسية داخل النظام، حيث يواجه خامنئي تحديًا داخليًا غير مسبوق.

المقاومة الإيرانية: صوت الشعب في نيويورك
في ظل هذه الأزمات، يواصل الشعب الإيراني تحديه للنظام عبر حراكه الشعبي داخل إيران وخارجها. في 6 أيلول (سبتمبر) 2025، شهدت بروكسل تظاهرة حاشدة ضمت عشرات الآلاف من الإيرانيين، أعلنوا فيها دعمهم لـ&"الخيار الثالث&" الذي تقوده مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، والذي يدعو إلى تغيير النظام بقيادة الشعب ومقاومته المنظمة.

ويمتد هذا الزخم إلى نيويورك، حيث يتجمع آلاف الإيرانيين من أكثر من 40 ولاية أميركية، بدعم من شخصيات أميركية بارزة، في ساحة داغ همرشولد أمام الأمم المتحدة يومي 23 و24 أيلول (سبتمبر) 2025. التظاهرة، التي تنظمها منظمة الجاليات الإيرانية&-الأميركية والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، تهدف إلى إدانة حضور رئيس النظام مسعود بزشكيان، الذي يقود نظامًا يمتلك أعلى معدل إعدامات عالميًا ويرعى الإرهاب الحكومي. المتظاهرون يرفعون شعارات واضحة: &"لا للاسترضاء، لا للمشروع النووي، لا للحروب الخارجية، ونعم لتغيير النظام بقيادة الشعب&".

أزمة بلا مخرج: الشعب يواجه النظام
أصدر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بيانًا أكد فيه أن &"الأزمات الداخلية للنظام تنبع من التناقض الأساسي بينه وبين الشعب الإيراني&". وأضاف: &"لا مخرج متصور من هذه الأزمات، فقد ولى زمن المماطلة. سواء تصاعدت المواجهة مع المجتمع الدولي أو تراجع النظام، فإن تداعيات هذه الأزمات ستزداد&".

هذا الواقع يعكس ضعف النظام غير المسبوق، حيث تفاقمت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، مثل نقص المياه والكهرباء، ووصلت الإعدامات إلى أكثر من 1000 حالة في الأشهر التسعة الماضية، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

في هذا السياق، تمثل تظاهرة نيويورك فرصة تاريخية لإيصال صوت الشعب الإيراني إلى العالم. هذه التظاهرة ليست مجرد احتجاج، بل رسالة قوية ترفض الاستبداد والإرهاب، وتدعو إلى جمهورية ديمقراطية علمانية. المقاومة الإيرانية تدعو الأحرار والقوى المحبة للحرية للمشاركة في هذا الحدث التاريخي، مؤكدة أن إرادة الشعب الإيراني ستنتصر، وأن إيران الحرة ستكون ديمقراطية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف