فضاء الرأي

التنسيق العربي وتوحيد الجهود وإعادة إعمار غزة

مركباتٌ تنقل جثامين أربعة رهائن سُلِّموا عقب اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس في غزة، إلى المركز الوطني للطب الشرعي في تل أبيب، في 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2025
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لقد شكّل الدور العربي الفاعل والجهود التي أسهمت في التوصل إلى وقف الحرب في قطاع غزة دوراً كبيراً في مواجهة التحديات الراهنة، وأبرزت أهمية استمرار العمل من أجل تحقيق مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، الأمر الذي يتطلب استمرار التنسيق العربي وتوحيد الجهود في مواجهة السياسات الاستعمارية الإسرائيلية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة بأسرها.

وتستمر في المقابل الجهود الفلسطينية من أجل نجاح السلطة الوطنية الفلسطينية في الإصلاح المؤسسي والتحضيرات للانتخابات العامة. ويجب على الحكومة الفلسطينية أن تعمل على تحديث البنية الإدارية وتعزيز الشفافية، والإسراع في إعداد دستور حديث لدولة فلسطين، والاستفادة من التجارب الدولية الرائدة في هذا المجال، مع التأكيد على أهمية إنجاز الهوية الوطنية وحصر التسجيل السكاني للفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس وأماكن الشتات، وإصدار الرقم الوطني وبطاقة التعريف الفلسطينية وجوازات السفر باسم دولة فلسطين لجميع الفلسطينيين في أنحاء العالم كوثيقة رسمية مستفيدة من تجارب الدول المعاصرة في هذا المجال، ومنها الاتحاد الأوروبي.

وقف الحرب والعدوان وجرائم حرب الإبادة الجماعية يشكّل خطوة أساسية نحو استعادة الحياة الطبيعية للشعب الفلسطيني في غزة بعد سنتين من المعاناة، وهذه الخطوة ليست نهاية الطريق، بل هي بداية مرحلة جديدة يجب أن تقود إلى استعادة الأمن، وتوحيد المؤسسات الوطنية في الضفة وغزة، وبث الأمل بالاستقرار. إن وقف الحرب وحده لا يكفي لإنهاء المأساة، فالضمان الحقيقي للأمن والسلام، ولمنع تكرار ما حدث، هو العمل على تمكين الحكومة الفلسطينية من القيام بدورها الكامل واستعادة تواجدها في قطاع غزة، ضمن مسؤوليتها الوطنية تجاه الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده.

إغاثة غزة وإعادة الحياة إليها وإدارتها ليست مكسباً سياسياً، بل مسؤولية وطنية وإنسانية كبيرة، وواجب وطني يجب أن تتحمله الحكومة الفلسطينية. كما أن مراجعة مشروع التهجير القسري تتطلب العمل مع مختلف الأشقاء والأصدقاء على تعزيز صمود أهلنا وضمان بقائهم في أرضهم، من خلال دعم خطة الحكومة الفلسطينية للتعافي وإعادة الإعمار التي حظيت بإجماع عربي وإسلامي ودولي، وأكدها إعلان نيويورك الأخير.

انتهاء هذه الحرب وما حملته من معاناة وتضحيات وآلام يجب أن يفضي إلى حل سياسي يجسد الدولة الفلسطينية على الأرض. إن تنفيذ برنامج التعافي وإعادة الإعمار في ظل هذه الظروف المعقدة يحتاج إلى دعم عربي ودولي كبير، مع التأكيد على أن أي دور دولي يجب أن يكون داعماً ومسانداً لا بديلاً عن الدور الفلسطيني، ولا بد من استمرار الجهود خصوصاً في مجالات قطاعات الصحة والتعليم والمياه والطاقة والبلديات وغيرها، وأهمية تمكين الحكومة الفلسطينية من متابعة عملها كونها هي الجهة الشرعية والمسؤولة عن الحكم والإدارة في كامل الأراضي الفلسطينية.

لا بد من مواصلة الجهود العربية والدولية من أجل حثّ الولايات المتحدة على اتخاذ خطوة تاريخية ومهمة للاعتراف الأميركي بدولة فلسطين، كون هذا الاعتراف سيحمل وزناً سياسياً ومعنوياً كبيراً على الساحتين الإقليمية والدولية، وسيكون له صدى خاص في العالمين العربي والإسلامي، لا سيما لدى الدول التي تتابع عن كثب المواقف الدولية والأوروبية تجاه القضية الفلسطينية. كما تبرز أهمية تعزيز الاعتراف بدولة فلسطين والمشاركة الفاعلة في جهود إعادة إعمار غزة وصياغة أفق سياسي جديد ينهي الاحتلال ويعيد الأمل إلى الشعب الفلسطيني.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف