حكومة كوردستان التاسعة: خمس سنوات من البناء والتحدي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في حين تبدو خارطة العراق مليئة بالتحديات الاقتصادية والسياسية، تبرز في منطقة إقليم كوردستان حكومتها الوزارية التاسعة كواحدة من المحطات البارزة في مسار التنمية الإقليمية. فقد أصدرت دائرة الإعلام والمعلومات برئاسة مجلس وزراء الإقليم تقريرًا مفصّلاً &- من حوالى 28 صفحة &- يوثّق ما حققته التشكيلة الوزارية التاسعة خلال خمس سنوات، في خطوة تهدف إلى تعزيز مبدأ الشفافية أمام الرأي العام والباحثين والصحفيين.
التقرير الذي تم توزيعه يحمل بيانات أكثر دقة من أي إصدار سابق، واستعرض محاور عدة، تضمّنت الأمن المائي والغذائي والصناعي، والبنية التحتية للطرق والإعمار، والإصلاحات الإدارية، وتوطين الرواتب، وإعادة تنظيم القروض. كما تطرّق للتوسع في الإنتاج الكهربائي، مشيرًا مثلاً إلى رفع القدرة من مستوى يُقدّر بـ 2360 ميغاواط إلى نحو 4200 ميغاواط، بحسب ما ورد في التقرير الأصلي من الحكومة الكردستانية.
إلا أنَّ المصادر المفتوحة تشير إلى أن الوضع الكهربائي تطوّر بشكل أكبر من ذلك بكثير: فبحسب تصريحات وزير الكهرباء في الإقليم، بلغ الإنتاج حوالى 8189 ميغاواط، مع خطط لإضافة أكثر من 1000 ميغاواط إضافية خلال العام المقبل. كما أفاد التقرير بأن الحكومة الإقليمية أطلقت مشروعًا اسمه مشروع روناكي (Light / &"النور&") للاستفادة الكاملة من شبكات الكهرباء، مع ربط أكثر من 500 ألف مشترك بالشبكة، وتقليص عدد المولدات الخاصة إلى ما يزيد عن 2100 مولد خاص.
أحد أبرز محاور التقرير هو الاستثمار: فقد أشارت الحكومة إلى تنفيذ حزمة استثمارات تتجاوز 24 مليار دولار في مختلف القطاعات، بفضل التسهيلات التي وفرتها التشكيلة الوزارية التاسعة. وتفصيلاً، تم إطلاق أكثر من 564 مشروعًا استثماريًا ضمن فترة الحكومة، موزعة على قطاعات الصناعة، التجارة، السياحة، الإسكان، التعليم، الصحة، الزراعة، وغيرها.
فيما يتعلق بإصلاح الإدارة وتوفير الرواتب، أشار التقرير إلى أن الحكومة أنجزت عملية توطين رواتب الموظفين وإعادة هيكلة القروض، كجزء من خطة لرفع الشفافية وتقليص الأوجه غير الرسمية للرواتب. كذلك واصلت الحكومة العمل في البنى التحتية: بناء المدارس والجامعات، وتوسعة الطرق، وتحسين القطاعات الصحية، وتأمين الماء والكهرباء، وجمع ومعالجة النفايات.
على صعيد التحول الرقمي، ركّزت الحكومة على رقمنة الخدمات الحكومية والمصرفية، عبر مشروع يُشبه الـ &"تطبيق حسابي&" لإنشاء نظام مصرفي رقمي شامل في الإقليم، والاستغناء بالتدريج عن الإجراءات الورقية، ضمن رؤية تتماشى مع التطورات العالمية.
أما من حيث فرص العمل، فقد سعت الحكومة إلى خلق بيئة قانونية تشجّع الاستثمار المحلي والأجنبي &- ومن ثم فرص العمل &- عبر الإعفاءات والتسهيلات، وفق ما ذكرت مصادر لوحة الاستثمار الكردستانية، حيث تم إطلاق مشاريع تزيد قيمتها على 12 مليار دولار، منها أكثر من 5 مليارات دولار مشتركة بين مستثمرين محليين وأجانب.
من الناحية الدبلوماسية والدولية، أولت التشكيلة الوزارية التاسعة اهتمامًا بتعزيز مكانة الإقليم خارجيًا، من خلال تأسيس بعثات دبلوماسية جديدة، والمشاركة في مؤتمرات دولية، والعمل على إبراز دور الإقليم في تعزيز السلام والاستقرار الدولي، وصولًا إلى تنفيذ مشروع “الحزام الأخضر” في مدينة أربيل، وهو مشروع تنمية حضرية يهدف إلى إنشاء مساحة خضراء عرضها كيلومتران حول شارع عرضه 150 مترًا، لتحسين البيئة الحضرية وتعزيز المساحات المفتوحة.
بالرغم من ذلك، تبقى التحديات قائمة. فمصادر مستقلة تشير إلى أن القدرة التقنية للإنتاج الكهربائي في الإقليم تصل إلى نحو 8.2 غيغاواط، لكن الإنتاج الفعلي كان أقل من ذلك بسبب نقص الوقود والمياه ومشكلات تحصيل الفواتير. كما أن بعض التقارير تؤكد أن عدد ساعات التيار المنزلي ما زالت محدودة في بعض المناطق.
وأخيرًا، يمكن القول إن حكومة التشكيلة الوزارية التاسعة لإقليم كوردستان حققت قفزات واضحة في التنمية والبُنى التحتية والتحول الاقتصادي والإداري، بالرغم من الظروف المعقّدة. وها هي تُسلّم مشوارًا شريفًا ببيانات مكشوفة أمام الجمهور، ربما ليس مثالياً في كل المناحي، لكنه يمثّل انتقالًا واقعياً من “البناء بعد الأزمة” إلى “بناء ذاتي مستدام”. وقد شكّلت هذه الخمس سنوات محطة محورية في مسار الإقليم للتوجه نحو المزيد من الاستقرار والنمو.