قصة لغز بنك المدينة بين قليلات وابو عياش

من سرقه وما علاقته بجرائم الاغتيال؟
قصة لغز بنك المدينة بين قليلات وابو عياش

ريما زهار من بيروت: لم يغب عن رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة في بروكسل، طلب استرداد المدعى عليها الموقوفة غيابيًا رنا قليلات، التي أوقفت في ساوباولو. قليلات ستكون في لبنان قبل نهاية الأسبوع، خصوصًا بعدما أبدى العديد من الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم من ضحاياها تحركَا ضاغطًا لإقناع ذويها بضرورة التحرك لإحضار ابنتهم الى لبنان. لكن السؤال الذي ما زال يقض التحقيق اللبناني وحتى الدولي هو من سرق "بنك المدينة"؟ ومن أمن الحماية لهذه السرقة؟ وما علاقة "العطاءات" المسجلة بجرائم الاغتيال التي شهدها لبنان؟

قصة انهيار
في منتصف العام 2003، انهار بنك "المدينة" بعدما تبخرت منه اموال بلغت نحو 1.65 مليار دولار، ووردت اسماء اشخاص عدة من المتورطين، وشملت لائحة المتهمين اكثر من 90 شخصية سياسية وامنية وعسكرية ومالية، وحتى قانونية.

امبراطورة في السجن
هل تعود رنا قليلات إلى سجنها اللبناني؟

من موظفة إلى امبراطورة اعمال واحتيال
رنا قليلات :الصعود والسقوط المدويان

أموال وطموح ودعم استخباراتي غير محدود
رنا وطه قليلات... الشقيقان الشقيان

أخبار أخرى
البرازيل تمهل لبنان 60 يوما لاسترداد قليلات

رنا قليلات تحاول الانتحار

هل هي رنا قليلات اللبنانية؟

قليلات ستستجوب في قضية الحريري وتُسترد وفق الـ 1595

السلطات البرازيلية توقف رنا قليلات

ومنذ العام 2002 وقضية بنك "المدينة" موضع دعاوى ودعاوى مضادة امام القضاء انتهت بتوقيف رنا قليلات 14 شهرا، وبصدور ثلاث مذكرات توقيف غيابية في حق عدنان ابو عياش وتوقيف شقيقه ابراهيم ابو عياش اشهرا الى جانب آخرين من بينهم موظفون في المصرف. ورافقت التوقيفات شائعات عن شبكة اخطبوطية وألغاز احاطت بقضية هذا المصرف وامواله وهدايا باهظة وزعت عشوائيا.

وكثرت الاقاويل والتحليلات في هذا السياق فمنهم من يعتقد أنه حتى قبل انهياره، كان بنك المدينة مفتاحا لعمليات مالية لسياسيين في الظل، فضلا عن كونه طريقة، تمكن من خلالها البنك المركزي العراقي تحت سلطة صدام حسين من تبييض الاموال. ودفعت خلال هذه الفترة مبالغ نقدية طائلة ثمنا لسيارات وعقارات، تردد ان امينة السر التنفيذية للبنك رنا قليلات أهدتها لشخصيات رسمية معروفة.

وكانت هيئة التحقيق الخاصة لمكافحة جرائم تبييض الأموال قد أصدرت قرارًا بتاريخ 10/7/2003 اتهمت بموجبه عدنان أبو عياش باقدامه بالاشتراك مع آخرين على سرقة أموال بنك المدينة وبنك الاعتماد المتحد بمئات ملايين الدولارات الأميركية فضلًا عن المبالغ الأخرى بالعملة الوطنية واجراء قيود وهمية بوثائق مزورة لتغطية هذه السرقة.

وثمة اعتقادات أخرى بأن بعض أموال البنك خصصت لتمويل عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري خصوصًا وأن تقرير المحقق الدولي ديتليف ميليس يلمح الى أن ثمة مؤشرات مهمة تدل على احتمال وجود صلة بين انهيار البنك من جهة واغتيال الحريري من جهة ثانية، الا ان أحدا لم يتمكن حتى الآن من تأكيد ان هذه المؤامرة تم تمويلها من حسابات البنك.

وتتجه الانظار اليوم الى الملفات الجديدة والقديمة المتوقع ان ينجزها القضاء اللبناني ومصرف لبنان والإدارة الموقتة لبنك المدينة، والمتعلقة بالفساد والاختلاسات وتبييض الأموال عبر بنك المدينة. لكن بما أن اللائحة التي أحالها حاكم مصرف لبنان بصفته رئيسًا لهيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان، تتولى مكافحة تبييض الأموال، الى النيابة العامة التمييزية في 6/2/2003 ثم عاد وسحبها في 19/3/2003، ثم أحالها من جديد في 10/7/2003 على النيابة العامة التمييزية نفسها، لم تتضمن أسماء أهم الضالعين في ملف بنك المدينة وبنك الاعتماد المتحد، فمن الطبيعي وفقا لبعض المصادر المتابعة لملف المدينة ان لا يتضمن التقرير الثاني لمصرف لبنان عن وضع بنك المدينة منذ العام 2000 اي اسماء لشخصيات بارزة.
فما هي المعطيات التي يوردها المتهمون بضياع اموال البنك والقيمون على متابعة هذا الملف؟

ابو عياش
يبرىء الاخوان عدنان وابراهيم أبو عياش نفسيهما من فضيحة البنك ويلقيان اللوم على رنا قليلات، ويقولان انه "لم يصدر لتاريخه اي حكم بحقنا في ملف "بنك المدينة" العالق امام القضاء، وان الداني والقاصي يعلم اننا نحن من تعرض للسرقة من اشخاص كانوا حائزين، في الحقبة السابقة على تغطية ادت الى نهبنا ونهب المصرفين اللذين نملكهما بالشراكة".

وجديد الملف وشؤونه، ما يدعيه رئيس مجلس ادارة بنك المدينة عدنان أبو عياش، بأنه حوّل الى حساب البنك في مصرف لبنان 150 مليون دولار اميركي وديعة شخصية بناء على طلب حاكم مصرف لبنان كما أفاد بذلك الأخير في كتاب الى النيابة العامة التمييزية لكن رنا قليلات سحبت هذا المبلغ أيضًا بدعوى تغطية حسابات مدينة باسمها.

ويذكر الاخوان أبو عياش أنهما يملكان "ما نسبته 40 من اسهم المصرفين ولم نكن لننهب اموالنا، خصوصًا اننا كنا الجهة الاكثر تعرضا للنهب".
ويعتبران "ان المتابع لملفات بنك المدينة يلاحظ ان المدعوة رنا قليلات من ضمن خطتها للاستيلاء على اموال عدنان ابو عياش واموال المودعين قد عمدت الى التزوير اينما سنحت لها الفرصة، وقد ظهر ذلك جليا في اثناء التحقيق في الشكاوى العالقة لتاريخه امام القضاء ونذكر منها: تزوير السويفتات في عمليات البنك المصرفية، تزوير دفاتر حسابات التوفير، تزوير تواقيع حاكم مصرف لبنان، تزوير تواقيع الدكتور عدنان ابو عياش في العديد من المراسلات الى مصرف لبنان اضافة الى العديد من التعهدات المختلفة".

ويبدو ان عدنان ابو عياش قرر كشف فصول هذه القضية والفضائح التي احاطت بها، من هنا كانت الشكوى التي قدمها في اميركا (مانهاتن) ضد رنا قليلات ومديرين في "المدينة"، وفي حال تعثرها يتجه الى اللجوء الى لجنة تحقيق دولية، اذ ان امكاناته تسمح له بالمضي الى أبعد ما يمكن من أجل معرفة مصير أمواله وأين سرقت، كما يقول وكيله، الذي كشف كذلك ان ايداعات ابو عياش في المصرف بلغت اكثر من مليار دولار في فترة ما قبل الازمة في "المدينة" وبعدها، وان كل هذه الاموال تبخرت.

ويتهم أبو عياش رنا قليلات انها بيّضت أموالًا لمصلحة حكومة صدام حسين من خلال حساب سرّي في "بنك المدينة". ويتهمها أيضًا بأنها حوّلت 3.5 ملايين دولار إلى منظمة سياسية تمويهية ويقول أبو عياش إنه بين العام 1998 ومطلع 2003، ضخّ 1.2 مليار دولار في المصرف، لكنّه اكتشف لاحقًا أن قليلات غشته وجعلته يعتقد أنها تضع أمواله في حساب باسمه فهذا الحساب لم يكن موجودًا على حد قوله.

وورد في الدعوى القضائية أن "المشروع الفاسد" الذي أنشأته قليلات ضمّ أفرادًا من عائلتها وصديقها وموظفين آخرين في "بنك المدينة". ووفقا لـ"أبو عياش" إنه إلى جانب الخسائر الشخصية التي تكبّدها، خسر المودعون 800 مليون دولار. ويعتبر وكيل ابو عياش ان الادارة الموقتة في المدينة "تتصرف كأن المصرف قيد التصفية. وقد بيع اثاث فيه من دون وجه حق وموجودات وفروع، في حين ان لا قرار قضائي بالتصفية"، ملمحا الى ان ملف تبييض الاموال لم يفتح لأنه يطاول جهات اقليمية او لبنانية، متحدثا عن شخصيات مستفيدة من بينها امنيون وسياسيون ورؤساء بلديات واحزاب ومؤسسات اجتماعية.

قليلات
بطلة فضيحة بنك المدينة رنا قليلات تقدمت في 6/7/2004، بشكوى مباشرة لدى قاضي التحقيق الاول في بيروت حاتم ماضي مع اتخاذ صفة الادعاء الشخصي على كل من عدنان وابرهيم ابو عياش، وريمون يونان وبول دينسدال ومالكوم كريك، افراد عصابة الانتربول وصالح صعب صهر آل ابو عياش وكل من يظهره التحقيق في جرائم تزوير واستعمال مزور، واختلاق الجرائم وافتراء، والتهويل وابتزاز المال واحتيال، وطلبت ادخال مصرف لبنان وحاكمه بصفته الشخصية.

وارفقت الشكوى التي تتضمن وثائق ومستندات بـ9 ابراءات ذمة مسجلة رسميا موجهة من عدنان وابرهيم ابو عياش الى حاكم مصرف لبنان يفيد اهمها بتحويلات منهما الى المصرف المركزي لسداد سلفات قيدت على حساب قليلات في بنك المدينة وشقيقه لتغطية النقص في سيولة المصرفين، وتفيد بوضوح الى تعهدهما سداد المبالغ الاضافية المتوجبة لكافة المودعين، ثم تكليفها متابعة المفاوضات مع الحاكم لقفل ملف المصرفين.

وفي المستندات الملحقة ايضا، مشروع حل من عدنان ابو عياش بتاريخ 7 شباط /فبراير2004 اي بعد خمسة ايام على توقيف قليلات، يعلن فيه موافقته على "حل مقبول يضمن كل حقوقي، ويدفعني الى سحب جميع الدعاوى الشخصية المرفوعة ضد الغير والمتعلقة بقضية بنك المدينة"، مرتبطة بنقل مبلغ 300 مليون دولار الى حساب خاص واسترداده كل الشيكات المحررة منه وقيمتها مليار و200 مليون دولار.