ثقافات

مذكرات الفريق اول الركن صالح صائب الجبوري

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سيف الدين الدوري: حقق كتاب "صفحات من تاريخ العراق المعاصر 1914 -1958 ... مذكرات الفريق اول الركن صالح صائب الجبوري" (الناشر: منتدى المعارف - بيروت) وراجعه اللواء الركن المتقاعد علاء الدين حسين مكي خماس الذي يتحدث عن الفريق الجبوري الذي شغل منصب رئيس اركان الجيش العراقي لمدة سبع سنوات للفترة من عام 1944 الى 1951 . ثم انتقل الى السياسة ليشغل عدة مناصب وزارية منها وزارات المواصلات والنقل والاشغال والاعمار ، ثم اصبح عضوا في مجلس الاعيان بمجلس الامة الى ان حدثت ثورة 14 تموز 1958 وعندها قرر ان يتقاعد عن العمل حتى انتقل الى جوار ربه عام 1993 . والفريق صالح صائب الجبوري المولود عام 1898 ببغداد .

أكمل دراسته العسكرية ببغداد واسطنبول ثم التحق بالجيش العثماني في تشرين الثاني سنة 1915 بمنصب آمر فصيل في جبهة القتال في " جنا قلعة" في شبه جزيرة غاليبولي وهي من اشد المعارك التي وقعت خلال الحرب العالمية الاولى. وبعد إنسحاب البريطانيين من جبهة قتال" جنا قلعة" إنتقل الجبوري مع الفرقة العاشرة المنتسب اليها الى جبهة القفقاس في أوائل سنة 1916 واشترك في جميع المعارك ضد الجيش الروسي. وبعد قيام الثورة الشيوعية في روسيا قاتل ضد القوات الارمنية التي حلت محل القوات الروسية ومن ثم ضد القوات البريطانية في أذربيجان الروسية والتي جرى إنزالها في " باكو" لايقاف تقدم الجيش العثماني في الاراضي الروسية. وقد جرح الجبوري ثلاث مرات وذلك في 24 نيسان 1916 و23 تموز 1916 و28 أيار 1918. ثم عاد الى العراق في حزيران 1919 وقرر البقاء فيه لانفصاله عن الحكم العثماني بعد ان اصبح العراق من حصة بريطانيا آنذاك بموجب اتفاقية" سايكس بيكو" التي اقتسم الحلفاء المنتصرون بالحرب ممتلكات الدولة العثمانية السابقة.يتحدث عن اللواء علاء الدين فيقول انه شخصية من شخصيات العراق الحديث ومن الذين ساهموا في بناء دولته العصرية وأوصلوها الى ما كانت عليه في نهاية العهد الملكي في العراق ذلك العهد الذي يشهد الجميع الان ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين وبعد مرور اكثر من خمسين عاما على 14 تموز ذلك اليوم الذي انتهى فيه الحكم الملكي تلك النهاية المفجعة والتي لم يكن أعضاء العائلة المالكة يستحقونها على ان العهد الملكي كان العهد الذهبي للعراق، ولو قدر له الاستمرار فلربما كان وضع العراق الان مختلفا تماما عما هو عليه اليوم. ويضيف اللواء علاء الدين فيقول ان الفريق الجبوري انه شخصية عسكرية لها إسم لامع في أوساط الجيش العراقي من خلال مآثره وما قدمه للجيش العراقي من خدمات حتى اصبح احد الاقطاب الذين نهضوا بالعراق وأقاموا صرحه بعد أن اجتاحته الجيوش الغازسة مرتين ، الاولى عام 1917 عندما سقطت بغداد بيد الجنرال البريطاني " مود" والثانية عام 1941 عندما سقطت بغداد بيد القوات البريطانية على أثر الحرب العراقية - البريطانية عام 1941 وأحداث ما يعرف بثورة رشيد عالي الكيلاني. لقد كان الجبوري رحمه الله من صنف الرجال الذين بنوا بعقولهم وبسواعدهم العراق واوصلوه الى عهده الذهبي أيام العهد الملكي . ومذكرات الفريق اول الركن التي كانت في تلك الفترة تعادل رتبة "عميد" وهي رتبة لم ينلها الا أربعة ضباط كبار في الجيش العراقي لانها لا تمنح الا لذوي االمآثر الحربية والبطولات والذين قضوا زهرة عمرهم وهم على صهوة الجياد شاهرين السلاح في وجه العدو .تتنناول حقبة مهمة جدا من تاريخ العراق الحديث ، حقبة ما قبل التأسيس الى ثورة 14 تموز ، كما تكشف ايام الجبوري قبل ان يدخل السلك العسكري يوم كان العراق تحت الحكم العثماني ، ثم عندما اصبح ضابطاً وشارك في جبهة" الدردنيل" ومعركة" جنا قلعة" المشهورة تاريخياً وغيرها من المعارك الهامة خلال الحرب العالمية الاولى، وبعد انهيار السلطنة العثمانية وما اعقبها من دخول القوات البريطانية الى بغداد فإنه عاد وشارك في تأسيس الجيش العراقي وبنائه وتأسيس الحكم الوطني وتابع تطورات الجيش وتوسعاته وتشكيلاته وصنوفه المختلفة وتدخلاته في السياسة ، ثم إنقلاب بكر صدقي والحرب العراقية البريطانية عام 1941 وإنكسار الجيش العراقي ثم مشاركته في حرب فلسطين عام 1948 الى أن اصبح واحدا من افضل الجيوش العربية وأقدرها على الحرب والقتال. عند تشكيل الجيش العراقي تم تعيين الجبوري في 20آب 1921 في الفوج الثاني ثم اشترك بدورة دار التدريب وبعد نجاحه عيّن معلما فيها وثم معلماً في الكلية العسكرية وفي مدرسة الاسلحة الخفيفة. في ايلول 1927 أوفد الى انكلترا للالتحاق بأحد ألوية الجيش البريطاني مدة سنة وإشترك بدورات مدرستي" نذرآفون" و" هايث" وهي المدينة الواقعة على الساحل الجنوبي لبريطانيا .وهما مدرستان متخصصتان في الاسلحة الخفيفة والمتوسطة ونجح بدرجة ممتاز. عند عودته الى العراق في أواخر 1928 تم تعيينه بمنصب آمر جناح الرمي في مدرسة الاسلحة الخفيفة وضباط الصف. وفي سنة 1931 اشترك بدورة كلية ألاركان العراقية لمدة سنتين وتخرج بدرجة(أ) أي ممتاز وعيّن معلماً في الكلية. وفي أواخر عام 1933 عيّن بمنصب مرافق أقدم للملك غازي وهو برتبة مقدم ركن . وفي 21/8/1941 انيطت به قيادة الفرقة الاولى ومقرها بغداد. وفي أواخر عام 1944 اسندت اليه رئاسة أركان الجيش وهو برتبة أمير لواء ركن. يتحدث الفريق اول الركن صالح صائب الجبوري عن نشأته ودراسته في اسطنبول وخوضه معارك عديدة ثم يتناول ثورة العشرين في العراق فيقول انها فتحت باب الاستقلال والتخلص من نير الاحتلال البريطاني الذي كان العراقيون ان تتاح لهم الفرصة في تقرير مصيرهم بانفسهم وتاليف حكومة وطنية طبقا للعهود التي سبق ان اعطاها الحلفاء. ثم يتحدث عن تشكيل اول حكومة عراقية برئاسة عبد الرحمن النقيب وفيها الفريق جعفر العسكري اول وزير دفاع يوم 6 كانون الثاني 1921 . تعتمد نظام التطوع، ويضيف الجبوري وحينها دعيتُ للالتحاق بالجيش العراقي عند بدء تشكيل الوحدات المقاتلة ثم عينتُ آمر فصيل في الفوج الثاني ومقره في الثكنة الشمالية " الكرنتينة" ببغداد . ويضيف انه في 23 آب1921 حضرتُ مراسم تتويج الملك فيصل الاول ممثلاً للجيش ومعي قطاع عسكري من الفوج الذي أنتمي اليه. ثم يتحدث عن حركات الفرات في عامي 1935-1936 وانقلاب بكر صدقي حين كان يعالج في جيكوسلوفاكيا وبعد اغتيال صدقي حيث صدرت اوامر نقل وهو ما يزال في الخارج فنقل الى آمرية اللواء الثاني في الديوانية ثم الى كركوك وهو ما يزال في الخارج وبعد ذلك تم تعيينه ضابط ركن الاول للفرقة الثانية في كركوك..ومنها قدم الى المجلس العرفي العسكري برئاسة العقيد عزيز ياملكي وعضوية المقدم محمود حلمي والمقدم سعيد يحيى والمشاور الحقوقي مصطفى كامل بتهمة التآمر على الدولة وبتهمة مدبرة لمن ساعد وشارك بكري صدقي في انقلابه ومنهم الرئيس( الرائد) البيطري حلمي عبد الكريم والرائد عبد الهادي حسين والرائد الطيار المتقاعد جواد حسين ولاتهام امير اللواء امين زكي بعلاقته مع رئيس الوزراء حكمت سليمان ، وبالرغم من محاولات البعض اتهامه بالتآمر فقد قرر المجلس العرفي العسري اطلاق سراحه لثبوت براءته وذلك يوم 16/3/1939 .الا انه عوقب بقطع راتب شهر واحد وحرمانه من الاقدمية لمدة سنتين. ثم يتناول الفريق اول الجبوري في مذكراته حادث مصرع الملك غازي في 4/4/1939 واختيار الامير عبد الاله وصيا على عرش العراق.كما يتناول احداث عام 1941 وثورة رشيد عالي الكيلاني والضباط الاربعة. وعودة الفريق الجبوري الى الجيش قائدا لاحدى الفرق العسكريةواعادة كافة حقوقه وذلك في حزيران 1941 . ثم تحدث الفريق اول الجبوري عن حركات برزان عام 1945 . وعن معاهدة " بورتسموث" والمظاهرات الجماهيرية التي خرجت معارضة لها ومطالبة بسقوط المعاهدة وحكومة صالح جبر . كما يتناول حرب فلسطين عام 1948 والكتاب الذي اصدره الجبوري بعنوان" محنة فلسطين واسرارها السياسية والعسكرية" اذ يلقي الضوء على دور العراق القومي في الدفاع عن عروبة فلسطين ويبين حركات الجيش العراقي وخططه التي جرت اثناء تلك الحرب. كما يتحدث الفريق اول صالح صائب الجبوري في مذكراته عن رغبة الامير عبد الاله ونوري السعيد في احتلال سوريا عام 1949 فيقول استدعاني البلاط في 15 نيسان 1949 وذهبت لاعرف السبب وجدت رئيس الوزراء نوري السعيد ووزير الدفاع شاكر الوادي ووزير الداخلية فاضل الجمالي مجتمعين عند سمو الوصي في مكتبه فطلب الوصي حضور رئيس الديوان الملكي احمد مختار بابان فحضر . وكان الحديث منصباً على إحتلال سوريا لا سيما وان بعض الاحزاب والشخصيات السورية تؤيد القيام بذلك. فوجئتُ بهذا الامر واستغربتُ من طريقة تفكير المجتمعين ومعالجتهم مثل هذه الامور المهمة. ووجدت ان المقترح غير مضمون العواقب ومضرا بمصلحة العرب العامة وانه بسبب إصطدام الجيش العراقي بالجيش السوري واستفزاز السوريين الامر الذي لا يؤمن وحدة القطرينأو اتحادهما بل يوسع شقة الخلاف بينهما. فقلت للحاضرين ان الامر يحتاج الى درس دقيق من الناحيتين السياسية والعسكرية فمتى تأمنت الناحية السياسية وإطمأن السياسيون الى نتائج اتصالاتهم وصواب خططهم فان الجيش يفكر بالواجب المطلوب منه بعدئذ. ويضيف الجبوري : وهنا ثار نوري السعيد وقال " ألم أقل لكم صالح صائب الجبوري لا يوافق؟ وذلك لكي يفهم المجتمعون وعلى رأسهم سمو الوصي بأني لا أتفق معهم لاجراء هذه الحركة وأضع العراقيل في سبيل تنفيذها . لم يؤيده احد من الحاضرين وبقوا ساكتين. ثم يكشف الفريق اول الجبوري سر عزله عن رئاسة اركان الجيش ان السلطات البريطانية اشترطت لتزويد العراق بالاسلحة بالمجيء لرئيس اركان للجيش العراقي يطمئنون له. حتى ان نوري السعيد علق على هذا الشرط قائلا" ليت الاسلحة التي يعطونها تساوي ثمن مطالبهم". وقال ايضا" ان ضباط ومراتب الجيش يحبون صالح صائب". واخيرا يتناول الفريق اول صالح صائب الجبوري حياته في السلك المدني وزيرا وعضوا في مجلس الامة وذلك بعد خروجه من الجيش قي تموز 1951 وعن وحدة مصر وسوريا والسنة الاخيرة من عمر النظام الملكي . وخاصة الاتحاد العربي بين العراق والاردن ومحاولات ضم الكويت للاتحاد. واخير ثورة 14 تموز 1958 التي اطاحت بالحكم الملكي واعلان الجمهورية . كانت هناك في الاردن قوة عراقية باسم " رتل الهادي" نسبة الىآمرها العقيد الركن " هادي علي رضا" الذي يقود اللواء المدرع السادس والمؤلف من كتيبتي دبابات وفوج مشاة آلي قد سبق وأن أرسلت الى الاردن بعد قيام الاتحاد العربي وفتحت مقرها في المنطقة بين الزرقاء والمفرق في الاردن. وقد كانت حركة لواء المشاة العشرون الى الاردن لتبديل رتل الهادي قد تقررت ان تجري يوم 14 تموز 1958 مرورا من وسط بغداد بالطريق نحو الاردن. فوصلت طلائعه الى بغداد فجرا فارسل سرية الى قصر الرحاب وسرية اخرى الى دار نوري السعيد واحتلت بعض قواته دار الاذاعة ودائرة البريد والهاتف .واخذ العقيد الركن عبد السلام عارف اذاعة البيان الاول من دار الاذاعة فجر ذلك اليوم معلنا نهاية الحكم الملكي وقيام النظام الجمهوري

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف