ثقافات

سيبريان نورفيد: أربع قصائد

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

&


ترجمة وتقديم حسونة المصباحي:&لم يعرف الشاعر البولوني سيبريان نورفيد (18821-1883) المجد والشهرة ،ولم يعترف كبار الشعراء والنقاد بموهبته العالية إلاّ عقب وفاته .ومنذ بداية مسيرته الشعريّة وحتى نهايتها عاش حياة مضطرية لم يعرف خلالها الاستقرار مواجها الفقر والخصاصة في أيّ مكان يحلّ به.فقد هاجر في فترة الشباب الى ألمانيا،ثم الى ايطاليا،ثم الى فرنسا،ثم الى الولايات المتحدة ألأمريكية .وفي النهاية عاد الى فرنسا ليموت في ملجأ للعجائز في ضاحية "ايفري" بباريس في الثالث والعشرين من شهر مايو-أيار 1883.وكان يتمتع بثقافة واسعة خوّلت له أن يبتدع لنفسه طريقة خاصة في الكتابة توزّعت بين الشعر والنثر والدراما المسرحيّة.وكان عارفا بالفلسفة اليونانية والرومانيّة،مبديا آهتماما كبيرا بالكونفوشيوسيّة والتاويّة.وبسبب ميله للعزلة ،وطريقته في التفكير والكتابة ،أهمله معاصروه فمات فقيرا معدما تاركا اعمالا في غاية الأهميّة .ولم تنشر هذه الأعمال في 11 مجلّدا الاّ بعد الحرب الكونيّة الثانية.ويرى المتخصّصون في شعره أن الكثير من قصائدة عسيرة على الترجمة.وقد حظي نورفيد بإعجاب وتقدير مشاهير الأدباء والشعراء من امثال اندريه جيد،وغومبروفيتش،وعزرا باوند .عنه كتب ناشر أعماله الكاملة يقول:”إذا ما نحن آعتبرنا أن شعر دانتي هو جذع شجرة الشعر الغربي الكبيرة ،وأن شعر بودليو أزهارها،فإن شعر نورفيد هو ثمارها"...
هنا ترجمة من الفرنسية لأربع من قصائدة :&
1:الكلمات الكبيرة
هل تساءلتم في ما بينْكم وبين أنفسكم عن شيء ،عن شيء وحيد رغم أنه ليس جديدا:أين تضيع ورقة مثل أوراق الشجرةتاركة كلمات كبيرة فقط...
ما هي البلاد المشتركة لكلّ هذه الكلمات-الكبيرة،والموطن الوحيد للجميع ،ونفسها البلادالتي لا تنتهي،ودائما تبدأ -وطنا لنا اليوم مثلما كانت لآدم!
كوكب الكلمات-الكبيرة التي بعض منها أحياناتخترق ألفيّة منطفئةلتلطمك من قبل أن تظنّ ذلكوتصيبك -مثل بقيّة سهم صدئ -
قبل ألف عام كان أحدهم قد تلفّظ بهاأمّا اليوم فهي تجلجل -وأنت خلف كدس الكتب المطبوعة مُتهيئ أن تقسمأنها الأقرب اليك فكرا وصوتا!
هل تساءلتم عن هذا فقط-فقط عن هذا السرّ الوحيد للكتب،أنتنّ ،فراشات برؤوس الأموات على الأجنحةلمن أنصب شمعة صفراء في الخرائب؟...هل تساءلتم في ما بينكم وبين أنفسكم لم شيشرون؟وبولص ؟أوسقراط قالوا هذه الكلمات ولا يزالون يعيشون ...وحتى اليوم لا يزالون يعانقون روحك ،وأنت ،حتى ولو على مضض،تُصْدقهم القول.
مع ذلك كتبك ،رغم الشّفة الذهبيّةلصفحاتها التي من رقّ ،وصحيفتكبصرخاتها الكهربائيّة وشكاويها،تنطفئ -مثل شموع تافهة عند منتصف النهار؟
وأنت تصرخ:”اليوم"-أنت ،عندما تاجكيكون اليوم بين أياد ميّتة منذ أمد بعيدمثل الغصن الذي أمسك بشعر "أبصولون":“أقزام!”تطلق له ولزمرته هذا الصّرير .
2: ألأفكار والحقيقة
على مرتفعات الفكر كوكب :من هناك تغوص النظرة ،شديدة التحدّر--دوار في الرأس،ها الدوار قادم ،في السحب-الصّاعقة.ربما ستبكي غير أن الريح ستمسح دمعتكمن قبل أن تلمع &-ما الفائدة في الإرتفاع الى عوالم هي أصفار،وألأعمال الكبيرة -غبار؟!مع ذلك الملاك السيئ حمل ال"ECCO-HOMOالى المرتفعات الصخريّةهناك،واقفا،ومتوحدا بنفسه،متمعّنا في الهاوية ،في الإنسان،وفي آحتقاره للوجود.-الإنسان ،كما لو أنه بجناحيه المعطوبين،خلسة فرّمن سُهادهراغبا في أن يقارن نفسه وحيدا،مع جسده المرئيّعلى ألأرض.ومغناطيس الكوكب الأرضيّ سيجذبهبآتجاه المناطق الملموسةحيث لا شيئ يعاني من الدّوار-لا شيئ!...يشعر بأنه سعيد.-حتى اللحظة التي فيها الحزن العميق أو شاهدة قبرمن تلك المناطق السّليمةتدفعه من جديد الى أعلى قمّة في صرح الفكرفي هذيان المجرّات
إذ أنه هناك قبر أفكار الإنسان.في الأسفل ،قبر الجسد.وأحيانا ألأسمى في قرن الأمسيتعلّق اليوم -بما هو قذر وخسيس
*الحقيقة:نحن نقترب منها من دون أن نكفّ عن آنتظارها!
3: العتمة
أنت تتذمّر من أنني معتم :لكن شمعتك ،هل تضيئها بنفسكأم أن خادما يختطف منكهذا النور؟آه ،إني أعرفك جيّدا!
الفتيل الذي آشتعل يضيئ بعيدا ،لكنه يسخّن عسل الشمع،بئريحفر،وتحت عقد قبّته يختفي الألق ،نوره شاحب-مصفرّ-
وفي الحين أنت تظنّ أنه سينطفئإذ أنّ عسل الشمع، في الأسفليغرق النور &-هيّا ،قليلا من الثقة بالنفس!النّار ،وبسرعة الرماد،لا شيئ …هل أنت واثق من نفسك؟آنظر ،آنظر ،الفتيل يشتعل!...
أيّها الإنسان،هكذا يحدث مع كلماتي،أنت تحرمها من لحظة بائسةفي حين أنها ،مُسخّنة القرن البارد،سوف ترفع بآتجاه السماء الشّعلة المقدّسة...
&


&

4: بشأن موت القصيدة (مرثيّة)
لقد ماتت!...هل تعرفون نهايات أشدّ حزنا ؟وكيف يمكن أن ندفن هذه السيدة الجليلة ؟هي ماتت بمرض عضال يدعى:المال والمسودّات.هل تتذكّرين تلك الساعة الرهيبةحيث جاثيا عند قدميك كنت أظلّ غارقا في التّأمّل والتفكير،ودمعة في العين ،العين التي تريد أنتعرف هل أن من ينطفئ روح أم جسد؟
هي إذن (أعني القصيدة)متقدّمةوذراعها بآتجاه النافذة تشير ليبأن أعتّم النور الذي يفسد الإبتساماتكما لو أنّ الربيع يسخر منها.هل لمحت جرحا أم رغيةتحت ظلّ نهدها ألأيسر لمّا يرتجف؟...آه! كنت حزينا حينئذ -غير أني لم أعد كذلكإذ لي مقبرة وفيها أقطف أزهارا.
لقد ماتت(القصيدة)،هذه العظيمة المجيدةالوسيطة بين كوكبين متضادّين ،محيط من الشبّق وقطرة من ندى،هذه السيّدة وهذه العاملة بألأجر اليومي-في الآن نفسه آسنثنائيّة للغاية وكونيّة ،هذه الإلتماعة وهذه الحمامة...في حين أن الذين مهنتهم الدفنكانوا قد أتوا ليحثوا التراب على العظيمة المتعالية!
منذئذ في الكنيسة الشاسعة للصمترائحا غاديا على البلاط المنبسطليس قبرها الذي أدوس ...لكن العمل الإبداعيلأولئك الذين سوّوا المقبرة بالتراب.لكن سيأتي اليوم الذي سيفكر فيه مدمّرو الأفكار،وفيه سأطلب من الصاعقة أن تضرب بقوّةعالما بأن االنار للذين لا نارلهم ،حتى ولو كانت نائمة في حجر الصّوان ، في السماء سوف تشتعل&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف