"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية
ما بعد سنودن ليس كما قبله... حين ترضخ الإصلاحات للتسريبات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سنودن اسم لن تنساه أميركا دولة وحكامًا ومسؤولين... فقد هزت وثائقه العالم وأربكت أنظمة وزعماء، حتى إن الإصلاحات القياسية التي شهدتها ولاية أوباما الثانية في مجال الرقابة ما كانت لتكون لولا تداعيات التسريبات.
إيلاف: تيموثي إدغار قانوني بارز عمل محاميًا في الاتحاد الأميركي للحريات المدنية. وكان مسؤولًا استخباراتيًا في إدارة الرئيس باراك أوباما... هذه كلها مؤهلات تضعه في موقع العارف بقضايا جمع المعلومات.
يوثق إدغار في كتابه "ما بعد سنودن" Beyond Snowden خلفية ممارسات الحكومة، وما آلت إليه اليوم بشأن المراقبة الجماعية والخصوصية الفردية. يقدم الكاتب دفاعًا يعلله بالسياسة الواقعية عن جمع المعلومات بصفة عامة، معترفًا في الوقت نفسه بإمكانية استغلالها.
تداعيات التجسس
لكن هدف المؤلف الرئيس في هذا الكتاب هو عرض مستفيض لردود الأفعال العالمية ورد فعل الكونغرس الأميركي تحديدًا على تسريبات المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية إدوارد سنودن في عام 2013، التي تضمنت كمًّا هائلًا من الوثائق عن مراقبة وكالة الأمن القومي للبريد الالكتروني والهواتف وغيرها من حركة الاتصالات الالكترونية عبر الشبكات العالمية.
ويعالج إدغار موضوعه معالجة متوازنة، متناولًا بتعليقات ثاقبة تداعيات برنامج وكالة الأمن القومي في جمع المعلومات بالجملة في السابق، والآن على الداخل والخارج.
يستوحي الكتاب تقريرًا رسميًا قُدّم إلى معهد بروكنغز عن ممارسات الأجهزة الأمنية وردود الأفعال على تسريبات سنودن. بالتالي فإن الكتاب لا يتطرق إلى الآثار التشريعية والحقوقية والأكاديمية لهذه التسريبات. وهو لا يتناول على سبيل المثال الجاسوسية الدولية أو شخصية الشاب سنودن ودوره في هذا العالم الغامض.
شخصية جذابة
وكما يروي إدغار فإنه استقال من منصبه مستشارًا رئاسيًا ومحامي البيت الأبيض لشؤون الخصوصية قبل شهرين على هروب سنودن، وبحوزته ما بين 150 ألف و1.5 مليون ملف مصنف، مفضّلًا وظيفة أكاديمية في جامعة براون على العمل في أروقة السلطة.
بذلك يكون المؤلف شخصية مرغوبة بوصفه خبيرًا مستقلًا يمكن دعوته إلى الكونغرس للاستماع إلى آرائه، ويستطيع أن يظهر في مؤتمرات دولية للحديث عن دلالات الأنشطة التي تمارسها الأجهزة الفيدرالية في جمع المعلومات، ودور سنودن في فضحها.
وفي غمرة الضجة العالمية التي أثارتها تسريبات سنودن بسبب هذه الأنشطة، يجد إدغار مكانه في شرح النقاط الحساسة ذات العلاقة بالمراقبة الالكترونية. وهو يفعل ذلك بجدارة مقدمًا قراءة منصفة لوجهات نظر الحكومة ومنتقديها والجمهرة الواسعة من أنصار سنودن. ينوه المؤلف أيضًَا بالمبررات التي يقدمها سنودن لما فعله، كما نقلتها وسائل الإعلام خلال تغطية تسريباته بلغة تكاد أن تكون إجماعية في ثنائها عليه عام 2013.
مع وضد
يعتبر كتاب "ما بعد سنودن" على مستوى البحث القانوني عملًا شاملًا يتسم بالدقة والتوازن. لكن القارئ الاعتيادي قد يجده جافًا وأكاديميًا، إلا إذا كان القارئ من المهتمين بمعالجات قانونية كهذه، فإنه سيتمتع بشروح المؤلف وحواشيه الكبيرة. ومن المرجح أن يرحّب القراء بتأريخه الزمني وقاموسه التفسيري بوصفهما أدوات مفيدة حين يصبح النص معقدًا.
يحلل إدغار في الفصل الأخير من كتابه الجوانب الأخلاقية والقانونية لمصلحة سنودن وضده. وهو يذهب إلى أنه نتيجةً ما فعله سنودن، فإن ولاية أوباما الثانية اتسمت بأهم إصلاحات أُجريت في مجال الرقابة منذ منتصف السبعنيات. هذه الإصلاحات هي من الأسباب التي دفعت إدغار إلى التوقيع على مذكرة قدمها الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، يدعو فيها إلى العفو عن سنودن.
هدية لبوتين
لكن الجانب الآخر من القضية، الذي يتناوله إدغار نفسه، يمتد إلى قضايا العلاقات الدولية. يكتب إدغار "أن وجود سنودن في موسكو كان هدية إلى فلاديمير بوتين سمحت للزعيم الروسي أن يصوّر نفسه بخبث على أنه مدافع عن حقوق الإنسان الرقمية".
وفي حين أن البعض قد يرى أن "هدية" سنودن إلى بوتين تتعدى دلالتها الرمزية، لانتقاله بحكم الظروف إلى روسيا، فإن هذا البُعد من النقاش يقع خارج الحدود الأكاديمية البحثية التي رسمها إدغار نفسه.
أعدت &"إيلاف&" هذا التقرير بتصرف نقلًا عن &"واشنطن إندبندنت ريفيو أوف بووكس&".