"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية
"الترمبوقراطية"... أي أميركا من بعدها؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كيف كانت الولايات المتحدة، كيف أصبحت في ولايته وكيف ستكون في ما لو استمر رئيسًا عتيدًا للبلاد.. تساؤلات وتصورات يطرحها الكاتب ديفيد فرام محاولًا التنبيه من مخاطر ترمب على الحياة الديمقراطية برمتها أو ما تبقى منها بحسبه.
إيلاف: "من روسيا إلى جنوب أفريقيا ومن تركيا إلى الفلبين ومن فنزويلا إلى هنغاريا حطم القادة المتسلطون كل القيود المفروضة على سلطتهم وتراجعت حرية الصحافة. وبينما ظل حق الانتخاب قائمًا تبدد حق الناخب في أن يحتسب صوته بشكل منصف وعادل".
بهذه الكلمات بدأ ديفيد فرام مسعاه إلى شرح الوسائل التي يقول إن الرئيس دونالد ترمب استخدمها في تقويض أهم الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية الأميركية، وهو أمر لم ترصده حتى أكثر وسائل الإعلام حدة في انتقادها الرئيس، حسب قوله.
فرام كان كاتب خطابات الرئيس السابق جورج دبليو بوش، وهو واضع تعبير "محور الشر"، الذي كان بوش يستخدمه بشكل متكرر، وهو أيضًا كاتب معروف له العديد من الكتب والمؤلفات، وله أيضًا عموده الخاص في أتلانتك، وهو معلق معتمد في وسائل الإعلام.
يحمل كتاب فرام الأخير عنوانًا مستفزًا، هو"ترمبوكراسي، فساد الجمهورية الأميركية"، والذي يأتي بمثابة تحذير من سوء مصير الديمقراطية وتنبيه إلى ما يمكن أن يكون عليه مستقبل أميركا.
نسف للتقاليد
يرى الكاتب أن تراجع الديمقراطية كان، حتى انتخابات عام 2016 في الولايات المتحدة، عبارة عن مشكلة تعانيها شعوب أخرى في دول أخرى في العالم. لكن ذلك انتهى بصعود ترمب إلى السلطة، حيث تحوّلت الأزمة إلى أزمة الأميركيين أنفسهم.
يقول الكاتب إن الرئيس ترمب انتخب وفقًا للقانون، وبشكل شرعي، ولكنه ما أن دخل إلى البيت الأبيض حتى راح هو وإدارته ينسفون المبادئ الأساسية والممارسات المعتمدة في إطار الديمقراطية الأميركية. فبينما يقوم ترمب وأسرته بإثراء أنفسهم، حسب الكاتب، تسقط السلطة في أيادي جنرالات ورجال مال يحيطون به.
ويشرح فرام في كتابه كيف أن الرئاسة في الولايات المتحدة لا تقوم على القانون والتشريعات فحسب، بل أيضًا على ممارسات وتقاليد راسخة، لم يتجاوزها أي من الرؤساء السابقين، وهو يرى أن كل هذه القيود غير المنظورة قد ضعفت الآن، وتآكلت، مشيرًا إلى أنه ما عاد مهمًا كم سيبقى ترمب في منصبه، لأن الأمور تغيرت نحو الأسوأ، بطريقة ستظل آثارها ملموسة لعقود مقبلة.
تشغيل الأقارب
يعتقد الكاتب أن ترمب أسوأ رئيس انتخبته الولايات المتحدة، ثم يشير إلى بعض الأمور، مثل تشغيل الأقارب. فيلاحظ أن الرئيس تمكن من استحصال قرار يستثني البيت الأبيض من قانون منع تشغيل الأقارب في أماكن عمل واحدة، كما عطل عمل الحكومة الفيدرالية في مكافحة الفساد، وهو يحتقر فصل القانون عن السياسة.
يشير الكاتب أيضًا إلى عدم تعاون الرئيس مع مؤسسات الدولة وخلقه مشاكل مع الأمن القومي وإصداره قرارات معقدة وصعبة التنفيذ. يضيف فرام إن ترمب، الذي يصفه بأنه لا يهتم بالسياسة ولا يفهم فيها أي شيء، لا يفكر إلا بنفسه، وهو يطالب الآخرين بالولاء له، فيما يتعامل معهم بشكل مهين.
المشكلة - حسب الكاتب - أن هناك جمهوريين يماشونه ويستفيدون منه ويساعدونه على أمل تنفيذ أجنداتهم. يتابع قائلًا إنه حتى الأشخاص الجيدين يلتزمون الصمت أمام هذا الوضع، فيما تهدد تصرفات الرئيس الديمقراطية الأميركية من خلال محاسبة الصحافة والإعلام وزرع الفوضى كي يتمكن من نشر الشلل في كل مكان، وبالتالي من إصدار الأوامر والقيادة وحده.
ضرب مكافحة الفساد
يرى النقاد أن الملاحظات التي سجلها فرام في كتابه الذي يقع ضمن 235 صفحة ليست جديدة على الإطلاق، لأن كثيرين حذروا من مخاطر "الترمبوية" على الولايات المتحدة قبله، ولكن طريقة طرحه لها مختلفة بعض الشيء، لأنه تناول قضية الفساد وتعارض المصالح بالدرجة الأساس، كما شرح تأثير الرئيس الجديد على تقاليد متبعة منذ قرون، ومنذ تأسيس الدولة، مذكرًا بأن كل هذه التقاليد والممارسات احتاجت جهودًا حثيثة بذلت على مدى زمن طويل لتأسيسها وتثبيتها، لا سيما تلك الخاصة بمكافحة الفساد، ما يعني خلق قطيعة بين الماضي والحاضر وتشكيل خطر على الديمقراطية الليبرالية وحتى على أوروبا. وهو أيضًا تذكير بأن الاستبداد وفكره وممارساته لا يأتي دائمًا نتيجة لعملية انقلابية عنيفة.
يشبّه فرام ما يحدث في الولايات المتحدة ببعد ظهر أحد الأيام، عندما نهبت روما، ثم يتساءل: "وهل يمكن إصلاح ذلك، والعودة بروما إلى ما قبل ظهر ذلك الْيَوْمَ؟".
يشير الكاتب أيضًا إلى الناخبين البيض من الطبقة العاملة الذين وقفوا وراءه ودعموه في الانتخابات، وكانت نسبتهم 45%، وهو يفسر ذلك بوجود ظروف سابقة مهدت إلى ذلك، ومنها الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة قبل صعود ترمب، والتي أوقعت ضحايا أميركيين، ينتمي معظمهم إلى مناطق معيّنة. ثم يشرح الكاتب قائلًا إن ترمب لم يخلق هذه الظروف، ولكنه استفاد منها، وإنها كانت في انتظاره في الواقع.
أعدت "إيلاف" هذا التقرير نقلًا عن موقع "e-ir.info". المادة الأصل منشورة على الرابط أدناه
https://www.e-ir.info/2018/06/05/review-trumpocracy-the-corruption-of-the-american-republic/