70 عملاً تشكيلياً بمواد لخامات متعددة
نصير شمة في معرضه التشكيلي الأول: جسور بين حياتين وعالمين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من أبوظبي: أطلق أستاذ العود العربي الفنان نصير شمّة، السبت، معرضه التشكيلي الأول بعنوان "رؤية وحياة: أربعون عاماً من الألوان"، ضمن المعرض الذي يستضيفه غاليري الاتحاد بالعاصمة الإماراتية أبوظبي طوال الفترة من 11 شباط (فبراير) لغاية 8 آذار (مارس) 2024.
يجمع المعرض حوالى سبعين عملاً فنياً بمواد لخامات متعددة، أنجزها شمة خلال السنوات الماضية، وتتضمن مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية ذات الطبقات المتراكبة والسطوح الغنية والكثيفة، وإن كانت تتعدد في استخدامها الخامات الفنية في العمل الواحد، في ما يشبه محاولة الفنان لتفكيك العمل الفني إلى أجزاء ذات علاقات بنيوية أسلوبية، لا سيما أنَّه صاحب رسالة الدكتوراه المعنونة "الأسلوبية موسيقياً".
'صقر قريش'
ويقول الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، معلقاً على الافتتاح: "تجمعني والموسيقار العراقي نصير شمّه ثلاثة أشياء: صداقة عمرها سنوات طويلة، والموسيقى، والفروسية، فالخيل الذي اصطاد صهيله وحركته وموسيقاه الداخلية في مقطوعته الشهيرة 'رقصة الفرس'، هو جزء من يومي ورياضتي، ولم يجانب الصواب خالد صديق المطوع مؤسس غاليري الاتحاد للفن الحديث عندما وصف نصير شمه بأنه 'صقر قريش'، لأنَّه استطاع في تحدّ شيق أن يحول الألوان إلى موسيقى، وإن كانت الحضارة البابلية تشكل جوهر روح نصير شمه والمقامات الأندلسية طريقه، فإنه في أبوظبي قد جسّد روعة العلاقة الفذة بين الموسيقى والتشكيل من جهة وبين بابل والأندلس من جهة أخرى لتجمعنا اليوم في أفق جديد من الاستدامة في حب الفن التشكيلي العابق بالموسيقى".
وزير التسامح والتعايش الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان والفنان نصير شمة
ويلعب هذا المعرض دوراً محورياً في تكامل التجربة الإبداعية لنصير شمة، وفي هذا الصدد يقول القيّم الفني على المعرض صلاح حيثاني: "أعمال الفنان نصير شمّه هي نوع من السيرة الداخلية، إنها طريقته للنظر الى العالم والانتماء إلى أحداثه وفيوضاته اليومية، فسطوحه التي يعكف على إنجازها بحذق على شكل بؤر مضرّسة ومتراكبة عضوياً ليست في حقيقة الأمر سوى انفعالاته الشخصية ورعشة روحه وطريقته في البوح".
وترى القيمة الفنية على المعرض تمارا أنباري أنّ الناظر في أعمال نصير شمة يشعر أنه يقف "أمام حياتين وعالمين، كلاهما بنفس القوة والأصالة والشغف، الموسيقيّ والتشكيليّ معا".
التّناغم الكونيّ
ويرى الفنان والناقد هاشم تايه أنّ "مجموعة لوحات الفنّان نصير شمّة تعكس إحساساً عميقاً بالتّناغم الكونيّ الذي يعمّ الوجود، ويسري في الموجودات، رقيقاً، حانياً، في حياةٍ كامنة وراء الحسّ، تنتظم وحداتُها التي تُشبه (مونادات) لايبتنز، وتتفاعل، في انسجامٍ كلّيٍّ، داخل تكوينٍ ملتحمٍ ببعضه حيث يبدو نصير شمه في عمله وكأنه كشط جلداً، وجرّد مادّةً من قشرتها، وأطلعنا على ما يجري تحتهما من تفاعلاتٍ حيّة لا يقرّ لها قرار بين وحدات الوجود البدئيّة التي تمثّل جوهره الغائر في حياةٍ يسودها التناغم، والانسجام".
بينما يعلّق الفنان والناقد شوقي الموسوي بالقول: "اشتغل الفنان نصير شمّه على أبجديات الخيال بين الصوت واللون، عندما قطع الصلة تماماً بالطبيعي والواقعي فُقدم تكوينات لونية مُجردة تماماً تناهض التمثيل والتقليد؛ بوصف أنّ خيال الفنان متعلق بالأفكار المثالية والدلالات المنتمية الى عالم التعبيرية التجريدية ومدرسة نيويورك على وجه الخصوص، التي تعتمد ضربات الفرشاة قانوناً للتشكيل والتبقيع، يحاول الفنان نصير شمّمه أن يرتقي بالرسم الى مستوى الموسيقى، من خلال التقريب أو الجمع مابين المرئي (اللون) والمخفي (الصوت) في صناعة نتاجه الفني، على وفق قوانين التجريد والتجريب".
يستمر المعرض طوال الفترة من 11 شباط (فبراير) لغاية 8 آذار (مارس) 2024
وتقول الفنانة ومصممة المجوهرات عزة القبيسي: "وضع الفنان نصير شمّه بصمته كموسيقار عالمي في عمله التشكيلي ببراعة كبيرة من خلال استخدامه خامات ورشته في صناعة الأعواد وأتقن توزيع الكتل وصقلها والتعامل معها بذكاء حاد، مما أسهم في خلق لوحة فنية محكمة تضاريسها تحكي تفاصيل أحاسيس مليئة بالقصص الموسيقية والفنية".
لذائذ خفية
ويعتبر الفنان والناقد عاصم الأمير أنه "ثمة لذائذ خفية هي التي تغوي نصير شمة نحو مديات الرسم لكأن الموسيقى لوحدها لا تكفي في تطمين قلقه الوجودي وهو المعروف بشدة التوق والتحرق والانجاز الذي زاد من مساحة سعادتنا الإنسانية. معرض نصير شمة، سانحة بصرية شجاعة ومثيرة للاهتمام، بعد أن شغلنا طويلاً بسوانحه الموسيقية وصفقنا لها طويلاً".
ويقول الفنان مطيع الجميلي: "إن الفنان نصير شمّة يشتغل بالرسم ببصيرة العارف وتقنيات الكتلة والسطح وفك أسرار طلاسم وآفاق وشفرات عالمه بطريقة صوفية وجدانية عالية، هناك ثنائية تفرد بين عالمين عند الفنان نصير شمّة تحيلنا إلى منطقة مفتوحة وفضاء رحب ليؤكد أنّ ما أنجزه منذ ثلاثة عقود كانت مخبأة في أدراج منجزه الموسيقي الكبير".
مجموعة من المسؤولين والمبدعين في قطاعات المال والأعمال والثقافة والفنون
ويقول الفنان علي رضا سعيد إنّ "هذه الأعمال تعبّر عن حالة من التفرد وتعدُّ دليلا على وجود الرغبة في الإبداع وتحقيق عناصر الاختلاف والتمكن والتفرد حيث يضعنا الفنان أمام ميولاته ورغباته وانفعالاته وروحه المتوهج ضوءا لتعبر عنه بعالم الالوان بإحساس مرهف وتناغم جميل وكلما نبتعد عنها نستمتع بموسيقاها ونشتاق لها ونتلذذ بالمتعة والاسترخاء داخلها".
روح المادة
ويشبّه الفنان كريم سعدون تجربة نصير شمة تشكيلاً كأنه "يريد أن ينقل لنا من روح المادة التي تشترك في صناعة النغم وتخرجه إلى الوجود، وجودا دلاليا مضافا يخلق التميّز الذي يريده لمنجزه الجديد". بينما يرى الفنان ستّار كاووش أنّ "الموسيقار الباهر نصير شمه يقدّم لنا جمالاً من نوع آخر، ويضع أمامنا سيمفونيات ملونة من خلال لوحاته التي تحمل روحانية كبيرة وانغماسا في معالجات السطوح بطريقة تحمل الكثير من الحساسية والجمال"، بينما يقول الفنان حسن عبّود "أشعر وأنا أتطلع إلى أعمال الفنان نصير شمّة أن هناك علاقة مشتركة بين رؤيتين متداخلتين يمنحها حضور الفنان وبراعته روحا عالية تجعل كل شيء يبدو متوافقا ومتقن الإداء".
ويرى الفنان التشكيلي محمد فهمي "أنّ حوار الإبداع بين الموسيقى والتشكيل صداقة متلازمة الجذور منذ أن اكتشفت طراوة الألوان لتتمازج بين الإيقاع الصوتي والتشكيل، المقصود هنا أن متلازمة الموسيقى والتشكيل والمعنى لغة، نفهم منها كيفية هذه العلاقة وكيف يستلهم منها الفنان تجلياتها المدهشة باللون والأسلوب يخطها على القماش متجاوز التقليد والمبالغات الشكلية".
حضور خلال افتتاح المعرض التشكيلي لنصير شمة في أبوظبي
ويعبّر الناقد خالد خضير الصالحي عن إعجابه بما يقدّمه المعرض التشكيلي للموسيقي نصير شمة "كنموذج لمشروع فني تتوحد وتتواشج فيه الموسيقى ومادية الرسم في وجود مستقل لا تخرب وحدته أية مفاهيم خارجية". ويقول الفنان مكي عمران "من أعماق لوحاته يتردد صدى من خلال التناغمات والتعارضات اللونية بنموها السلس والحاد أحيانا، هذا النبض العاطفي الكامن في منجزه نتلمسه في بلاغة اللّون وتدرجاته بتذبذبات ضوئية في نثار تعبيري تجريدي"، أما الفنان فاخر محمد فيرى "أنّ رسوم نصير شمّه محاولة أخرى لتقريب الرسم من روح الموسيقى"، ويقول الفنان محمود شوبر "أجد أن نصير شمّه ضمن سرب التجريدين الكبار الذين أرادوا اللحاق بالموسيقى من خلال ألوانهم وخطوطهم التي عطلّت المعنى لحساب الأشكال التي نقرؤها كما نشاء كل حسب وعيه وفهمه كما نفعل حين سماعنا لموشح من موشحات المتصوفة أو كونشيرتو لا نستدل على الجمال فيها بالكلمات".
توليفات الألوان والأضواء
ويقول الفنان إياد الموسوي "سخّر نصير شمّه مهاراته في الموسيقى والفرشاة معاً على جدار اللوحة وأضاف إليها من خزينه البصري توليفات الألوان والأضواء التي تعانق فضاء التشكيل والموسيقى معا، فجدار اللوحة عبارة عن موسيقى مرئية، كما ان مقطوعاته الصوفية عبارة عن صور ملونة مسموعة".
ضم المعرض ضمّ أكثر من 70 عملاً تشكيلياً للفنان شمة
ويقول الفنان عادل السيوي: "تجربة نصير جميلة وجديرة بالاهتمام والإعجاب، فلقد أتقن في أعماله تحويل الأصوات إلى إيقاعات لونية جميلة"، وختم الفنان زياد جسام "قد تأخذ اللوحة الفنية التي ينتجها شمّه وقتاً أطول من تأليف قطعة موسيقية طويلة، إذ إن مشغل الرسم، ولاسيما الحديث، يحتاج الى أن يتحول فيه الفنان الى عامل تقني يستغل كل صغيرة وكبيرة، ويحفر ويحذف ويقتنص العفويات".
وافتتح المعرض الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، بحضور مسؤولين ومبدعين ومتذوقي الفنون التشكيلية من الجمهور والنقاد.