وصل سعرها إلى 70 جنيهًا والحكومة عاجزة
أزمة أنابيب الغاز متوارثة من عهد إلى آخر تزيد أوجاع المصريين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تعد أزمة أنابيب الغاز في مصر واحدة من الأزمات العابرة للأنظمة الحاكمة، ويبدو أنها من الأزمات المستعصية، عجز نظام مبارك عن حلها، وعجز المجلس العسكري في القضاء عليها، وعجز الإخوان عن مواجهتها، وتستمر اليوم مع نظام الحكم الموقت.
القاهرة: رغم أن السعر الرسمي لأسطوانة البوتاجاز لا يزيد على 2.5 جنيه، إلا أن سعرها إرتفع بالأسواق إلى نحو سبعين جنيهًا، ولا يجدها المصريون، ما أضطرهم إلى الوقوف في طوابير طويلة، والدخول في مشاجرات دامية من أجل الحصول عليها، لاسيما مع حلول فصل الشتاء. وتأتي هذه الأزمة لتزيد من أوجاع المصريين، خصوصًا أنهم يعانون من إرتفاع أسعار السلع الغذائية، وغياب الأمن وإنتشار الفوضى، فضلًا عن الإحتقان السياسي.
يبيتون ليلتهم في الطابور
لم تسلم أية محافظة مصرية من أزمة أسطوانات غاز البوتاجاز المستخدم في الطهي، ويتراوح سعر الواحدة ما بين 20 و70 جنيهًا، بحسب الطلب في القاهرة وباقي المحافظات. في القاهرة، وتحديدًا بحي بولاق الدكرور الشعبي المزدحم بالسكان، كان المواطنون يقفون في صفوف طويلة منذ الفجر، من أجل الحصول على أسطوانة واحدة. وعندما يشتد الزحام مع بلوغ الشمس ذروتها ظهرًا، يتصاعد الغضب فتندلع المشاجرات بين الناس على أولوية الحصول على الإسطوانة.
وإلتقت "إيلاف" بعض الأهالي أمام مستودع الأنابيب بالحي في الواحدة ظهرًا، وقالت إيمان سعيد، وهي ربة منزل، إنها تقف هناك منذ السادسة صباحًا، مشيرة إلى أن بعض الأهالي يبيتون ليلتهم أمام المستودع من أجل الحصول على الأسطوانة باكرًا. وأتهمت الحكومة بالتقاعس عن حل تلك الأزمة، لافتة إلى أنها من الأزمات الموسمية، التي تتجدد كل شتاء منذ عشرات السنين، ورغم ذلك عجزت الحكومات المتتالية عن حلها.
في كل المحافظات
يتهم محمود عمر، وهو موظف بشركة الكهرباء، التجار الجشعين بالوقوف وراء تلك الأزمة، وقال لـ"إيلاف" إن التجار يحصلون على الأنابيب ويبيعونها بأسعار مرتفعة إلى مزارع الدواجن وأصحاب المطاعم في الشتاء، نظرًا لأن مزارع الدواجن تستخدمها في التدفئة، وتستخدمها المطاعم في الطهي. غير أن عمر لم يعفُ الحكومة من المسؤولية، مشيرًا إلى أن غياب الرقابة وإنتشار الرشاوى ساهما في إنتشار الأزمة، وعدم السيطرة عليها. ونبّه إلى أن البلطجية يسيطرون على السوق السوداء، ويحصلون على الأنابيب من التجار ويبيعونها بأسعار تترواح ما بين 30 و70 جنيهًا.
وفي الإسماعيلية، تجاوز سعر الاسطوانة الواحدة حاجز 40 جنيهًا نتيجة عجز الكميات الواردة من مصنع عجرود بالسويس، والتي تصل إلى 25% من الكميات المخصصة للمحافظة، فضلًا عن وجود عوامل أخرى ساهمت فى هذا الارتفاع، مثل مافيا السوق السوداء التي تعلم مسبقًا بوصول سيارات النقل المحملة بالاسطوانات، فتذهب إلى المستودعات على تروسيكلات ليقوموا بالاستيلاء على نصف الكمية الواردة للمستودع نتيجة عدم وجود رقابة تموينية، ويقوم التجار ببيعها بأربعة أضعاف سعرها المحدد، وكذلك بيع كميات كبيرة لأصحاب مزارع الدواجن لاستخدامها في التدفئة لكونها أرخص من أي محروقات أخرى.
سخرية مصرية
وكعادتهم، سخر المصريون من الأزمة عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وكتبوا التعليقات في هذا الصدد منها: "أزمة الأنابيب أطاحت بمبارك، وسجنت مرسي، ومين عالم هتعمل أيه في السيسي"، "بيب بيب أنا بيب أنا بيب، وعاوز أعمل بيب بي".
ووضع النشطاء صورة لجدارية فرعونية وجعلوا نساء الفراعنة يحملن أسطوانات البوتاجاز على رؤوسهن في طوابير، وكتبوا أسفل الصورة "معبد الإله.. أنا ـ بيب ـ بح". ووضع النشطاء صورة لوابور الجاز الذي كان يستخدم في القرى الريفية قديمًا، وكتبوا أسفل منه: "راجعين لك يا غالي".
كما سخر النشطاء من فشل الحكومة، ولاسيما الفريق عبد الفتاح السيسي، الذي ينظر إليه المصريون بإعتباره الحاكم الفعلي للبلاد، وضعوا صورة له بملابسه الرسمية، وهو يحمل أسطوانة بوتاجاز على كتفه، ويقف في مقدمة صفوف النساء، حتى يحين دوره لتعبئة أسطوانته.
غرامات التموين
وأعلنت وزارة التموين ضبط 2089 أسطوانة بوتاجاز منزلي وتجاري مهربة للبيع في السوق السوداء، مشيرة إلى أنها بالإتفاق مع وزارة البترول، تضخ ما يتراوح بين مليون و100 ألف أسطوانة، ومليون و300 ألف أسطوانة يوميًا لمواجهة أزمة أنابيب البوتاجاز.
وأعلن اللواء محمد أبوشادى، وزير التموين، عن اتفاق فى اجتماع مجلس المحافظين على تفويض المحافظين التشدد في العقوبات على أن تصل الجزاءات من 15 إلى 20 ألف جنيه للمستودع المخالف، والغلق من 3 إلى 6 أشهر فى حالة ثبوت دور صاحب المستودع في التلاعب وتهريب الأسطوانات.
وأضاف: "يتم تطبيق عقوبات إدارية وجنائية رادعة على المتاجرين بالأسطوانات في السوق السوداء، تتضمن إحالة المخالفات إلى النيابة العامة، لإحالتها للمحكمة، لتوقيع العقوبات المقررة، والتي أصدرها مجلس الوزراء، وهي عقوبة السجن لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة تتراوح ما بين 15 ألفًا و20 ألف جنيه مع غلق المستودع".