كتَّاب إيلاف

الديمقراطية لمواجهة داعش

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الجريمة المفزعة التي اقترفتها عصابة داعش بإحراق الطيار الأردني لا يمكن المرور عليها أو التقليل من فظاعتها بأي حال من الأحوال فهي مشعر لنا بحجم التعبئة الأيديولوجية الموغلة في معاداة الإنسانية و المتنكرة لأبسط الأخلاق والكارهة للحياة.
داعش لم تأت من فراغ، فهي تتغذى من موروث ثقافي صاغته أجيال سابقة في ظروف سياسية موبوءة بالصراعات والفتن فخرج منتج فقهي مشوه ينظر إلى العالم كله بعدوانية ويرى الأصل في العلاقات الإنسانية الحرب لا السلام، ثم أضفي على هذا الموروث قداسةً حتى ظن أتباعه أنه من عند الله وما هو من عند الله، وهذا يؤكد لنا مرةً أخرى أن سلطان الثقافة أقوى من سلطان الدين، وأن أفظع الجرائم يمكن اقترافها بتبرير ديني مهما كانت هذه الجرائم منفصلةً عن المعاني الأساسية التي جاء الدين ليرسخها في حياة البشر مثل العدل والرحمة للعالمين.
يرى فريق من الناس أن داعش هي صنيعة المخابرات الغربية؛ ربما لكن ليست هذه القضية الأساسية، فداعش ليست سوى التجلي التقني للتربة التي أنبتتها، وأعتى أجهزة المخابرات العالمية لا يمكن أن تنجح في زراعة جسم غريب في أحد المجتمعات ما لم يكن هذا المجتمع مهيئاً لقبوله، فعمل المخابرات لا يزيد عن استثمار القابليات النفسية والثقافية الموجودة فعلاً، وإذا كان المجتمع محصناً ضد أفكار العنف والتطرف فإن كل محاولات الاختراق سيصدها جدار الوعي الجمعي.
إذا كانت داعش فعلاً اختراقاً استخبارياً لمجتمعاتنا، فلماذا يوجد بيننا من يدافع عنها ويبرر لها! إن تبرير أي عمل يعني الاستعداد المبدئي لفعله، وتبقى المسألة بعد ذلك مسألة وقت وإمكانيات، لذلك فنحن نحاكم الثقافة التي تحتضن داعش قبل أن نحاكم التنظيم، نعم قد يقف وراء صناعة تنظيم أياد مشبوهة، لكن الثقافة الحاضنة لا يمكن أن تكون إلا من عند أنفسنا.
المخابرات الغربية ليست بريئةً تماماً، وربما يكون لها دور، لكن العالم يستثمر في تخلفنا ويوجهه بما يخدم مصالحه ويطيل أمد تفككنا وتشرذمنا.
في الجزء الآخر من الصورة فإن نمو داعش يرتبط وثيقاً بشيوع الإحباط في نفوس الشباب العربي بعد عقود من ممارسات العنف والاستبداد والقهر من الأنظمة العربية وبعد الانقلاب على تجربة التغيير السلمي في دول الربيع العربي، مما رسخ قناعةً في نفوس قطاع كبير من الشباب بانسداد الأفق أمام أي محاولة تغيير سلمي هادئة، وبأنه لا مخرج من واقع القهر والإحباط إلا بالتوجه إلى العنف فكان هذا الفكر المتفجر تطرفاً وعنفاً وعدائيةً.
لقد شهد عام 2011 في ذروة الربيع العربي تراجعاً ملحوظاً للفكر العنفي في ضوء مشهد ميادين الاعتصام السلمي وقدرة الشباب على تحقيق نتائج ملموسة بالوسائل الناعمة، لكن انتكاسة الثورات بعد عامين والانقلاب على خيارات الشعوب أدى من جديد إلى نمو الأفكار المتطرفة التي تغذت منها داعش
لست من هواة تحميل العالم مسئولية أزماتنا الداخلية، لكن من الصعب تجاوز الدور الذي تتحمله أمريكا تحديداً في دعم الانقلاب على الربيع العربي وما نتج عن ذلك من سد نوافذ الأمل في نفوس الشباب وتعزيز الإحباط والشعور بالعجز عن التغيير بالوسائل السلمية.
إن خير ما يمكن أن نواجه به داعش هو تعزيز قناعات الشباب بالطرق السلمية عبر خلق نموذج ناجح للربيع العربي يعيد الثقة بالديمقراطية ويضع حداً للشعور بالقهر والإحباط الذي يجتاح الشباب العربي، وحين يشعر الشباب أن بلادهم صارت ملكاً لهم وليس لقوى الاستبداد والفساد الضاربة بجذورها، وأنهم ليسوا غرباء في أوطانهم بل يمكنهم المساهمة الفاعلة في الإصلاح والنهضة فإن المساحات التي تنمو فيها أفكار العنف في عقولهم ستضمر إلى حد بعيد.
داعش تمثل ذروة البشاعة والإجرام ولا يمكن تجميل وجهها أو التخفيف من قبحها تحت أية ذرائع، لكن إذا كان العالم منزعجاً حقاً منها فإن الطريق الأكثر جذريةً للقضاء عليها هو الاستثمار في الديمقراطية والانحياز لخيارات الشعوب، فهذا أجدى من الاستثمار في الحروب وتجارة السلاح.
كاتب فلسطيني

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
كلام معقول
فول على طول -

أتفق معكم فى أغلب ما جاء بالمقال الى أن وصلت الى الجملة الاتية : إن خير ما يمكن أن نواجه به داعش هو تعزيز قناعات الشباب بالطرق السلمية عبر خلق نموذج ناجح للربيع العربي يعيد الثقة بالديمقراطية ..انتهت الجملة . الحقيقة يا استاذ أبو رتيمة أنا سمعت وشاهدت وقرأت الكثير جدا من الأدبيات الاسلامية التى تقول أن الديمقراطية كفر بواح وليس من الاسلام فى شئ وأؤكد لكم أننى لا أهاجم الاسلام ولكن هذا ما قرأتة وشاهدتة وسمعتة ولعلكم تعرفونة ..اذن كيف نوفق بين ما تقولة والديمقراطية ؟ أو كيف توفق الشعوب الاسلامية بين الديمقراطية والكفر ؟ أنهم يؤكدون أن الأمر شورى بينهم وأهل الحل والعقد هم فقط المنوط بهم اختيار الحاكم ..ولا يجوز الخروج على الحاكم ما دام مسلما حتى وان جلد ظهرك وسلب مالك مادام ينطق بالشهادتين ..يجوز الخروج علية فقط لو الحاكم أعلن كفرة أو ارتدادة ..وبناء على ما تقدم هل من أمل فى ديمقراطية ؟ حماس وصلوا للحكم بالديمقراطية - كما يقولون - ونسوا الموضوع بعد ذلك لدرجة أنة لم تجرى انتخابات مرة أخرى . اخوان مصر قالوا أننا سوف نحكم 500 عام من الان أى انسى موضوع الديمقراطية ..أى نعم تم ازالة اخوان مصر بثورة أو انقلاب - لا يهم الاسم - ولكن تخطيطهم كان الاستمرار فى الحكم الى ما نهاية ..ولا ديمقراطية ولا يحزنون ..أعتقد أن المشكلة عميقة جدا .

داعش كائن متوحش تخلق
في رحم الانظمة القمعية -

الحقيقة ان داعش خرجت من رحم الانظمة القمعية في المشرق ومن زنازين التعذيب الرهيبة ومشاهد الذبح والابادة التي مارستها الانظمة الشمولية في سوريا والعراق خاصة واظن ان داعش وان تلطت وتغطت ممارساتها بالدين فهي خطوة في طريق الصيرورة التاريخية التي تمهد لسقوط هذه الانظمة القمعية وانه سيستمر العنف وتستمر الفوضى لبضع سنين وسيكتوي بنارها الجميع ولن ينجو احد الا من رحم ربك وتخف حدته نحو الاعتدال والوسطية لكن الثمن سيكون باهظا ويستحقه !

شعوب
عصام -

خيارات الشعوب هههه وكأنك تنسى بأن هذه الشعوب تؤيد داعش بسبب ارتفاع نسبة الامية وطغيان الفكر الخرافي ؟

كلمة الى صاحب التعليق 1
ارحمنا من تعليقاتك السمجة -

كلمه ارغب في توجيهها الى تعليق رقم 1 الذي يكرر نفس الكلام على أي مقال بغض النظر عن موضوعه واقول له ؛ ارحمنا من سخافتك فقد مللنا من اسمك ومن قراة تعليقاتك التي أصبحت في غايه الملل ، آتنا بجديد اذا ما كان لديك أو أصمت

حل خيالي وافتراضي
بعيدا عن هذيان الكنسيين -

بعيدا عن هذيان الانعزاليين المرضى بسرطان الحقد الكنسي وايبولا الكراهية لما كل هو عربي واسلام اقول مع احترامنا لشخصكم الكريم الا ان الحل خيالي او افتراضي وهو مرفوض من النظم العربية الامتلاكية ومرفوض من امريكا والغرب عموما والكيان الصهيوني لانه يهدد مصالحهم الغرب لم يسمح حتى بشكل مخادع من الديمقراطية يكون فيه ولاء النظم له ، واصر على اجهاض الربيع العربي والانقلاب على ما تمخضت عنه الصناديق في مصر وتونس واعادة انتاج الديكتاتوريات العربية

أيها الكاتب!
جزائرية مرتدة -

إن الذي يتشدق بالديمقراطية في زمن الفوضى كمن يريد أن يفرش بيتا خربا قبل اصلاحه وتنظيفه، الأولى هو بناء البيت والإتفاق على تصميمه وهندسته؟ اي ديمقراطية في ظل غياب مفهوم الوطن؟ هل تعتقد أن من يرفع شعار الإسلام هو الحل يؤمن بصناديق الإقتراع!!

عصابة داعش
Farooq -

كل ما ورد في المقال هو صحيح ، نعم الحل مضمون اذا ما أمكن تطبيق الديمقراطيه على حقيقتها وتثقيف الجيل القادم بثقافه مختلفه عما يسود العالم العربي بالوقت الحاضر وهذا سوف يؤدي الى تعزيز الطرق السلميه في الاحتجاج ومعالجه الأمور والمشاكل بكافه انواعها ويضع حدا للاحباط الذي يقود الى التطرف . المشكله أن الديمقراطيه يفهمها العرب والشعوب العربيه بكافه قياداتها كل على طريقته ، هناك أكثر من دوله عربيه في الوقت الحاضر تعتقد أنها تطبق الديمقراطيه والعداله ومعظم سكان تلك الدول يوافق على ذلك . أعتقد شخصيا أن المشكله الكبرى هو ما ساد العالم العربي بكافه شعوبه وسكانه من تطرف ديني بشكل أهوج بعيد عن العقل والدين وقد ظهر ذلك حديثا ليس بسبب الفقر أو البطاله التي كانت موجوده منذ زمن بعيد ولم نكن نعرف حينها التطرف والارهاب ، كما وان الكثير من المتطرفين أتوا من بيئه غنيه ، واعتقد ليس جازما أن الثروه الهائله التي سادت العالم العربي الحديث قد تم أستعمالها لخلق التطرف وتمويله تحت نظريه التخلص من الدكتاتوريه وحكم الفرد ففي هذه الحاله كان الثراء وكثره الأموال هو سبب التطرف والخروج عن الطرق السلميه لمعالجه الأمور وليس الفقر . واختم هذا التعليق الذي أعتبره رأي شخصي قد لا يتفق معه البعض أو الكثير . واضيف ؛ أن باطلاعي على التعليق رقم 1 المعنون "بكلام معقول " أن ما جاء به ليس لديه أي معقوليه وفيه الكثير من التجني واللخبطه بكلمات ركيكه ليس لها معنى ، واقول لصاحب التعليق ، أن المسلمين في مصر قد خرجوا على الحاكم مرسي الذي كان محسوبا على الأسلام ليس بالانقلاب كما ذكر وكما يحلو للبعض أن يسميه ، ولكن باجماع غالبيه الشعب وكنت قد قرأت له مديحا وثناء لم حصل ، لا أدري لماذا غير رأيه ألان ودعاة انقلابا ، ربما أنه قرر الألتحاق بالاخوان المسلمين . أما بالنسبه لحركه حماس في قطاع غزه ... نعم نجحت عن طريق الأنتخابات التي كان لها ظروفها الخاصه ذلك الوقت ، لكنهم بعدها قرروا أن الانتخابات هي لمره واحده فقط ويجب عدم تكرارها وتربعوا فوق صدور الناس وانفاسها بالقوه وهذا لم يعد سرا ويعلم به الجميع ، وقد حصل الكثر من الحالات في الدول العربيه والاسلاميه أن خرج الناس على حكامهم المسلمين في ماليزيا واندونيسيا وبنغلادش والباكستان وتركيا وغيرها ، واكتفي بهذين المثالين فقط لادحض ما ورد في تعليقك يا فول من مهاترات وفرضيات

ليتني
و تركت الفقرتين الأخيرتين -

و انا ايضا أتفق معكم فى أغلب ما جاء بالمقال الى أن وصلت الى الجملة الاتية - نمو داعش يرتبط وثيقاً بشيوع الإحباط في نفوس الشباب العربي بعد عقود من ممارسات العنف والاستبداد والقهر من الأنظمة العربية وبعد الانقلاب على تجربة التغيير السلمي في دول الربيع العربي - " ها انت هنا أيضاً تبرر بصورة غير مباشرة ما تفعله داعش عندما تعطي المبررات لتأسيسها، كما يقول الأستاذ رشيد في قناة الحياة يعني انت ( من جماعة بن لاكن) يعني عد ان تستنكر ظاهرة ترجع و تبررها و تقول نه( نعم نحن ندين هذا الامر و لكن ....تعطي ما يخطر في بالك من مبررات لتبرير عملها) ، لن تجد مثقفا إسلامياأرجل دين إسلامي يندد ما تقوم به داعش بدون ان يعقبها ب ( لكن) - ما عدا الشيخ العلماني الرائع اياد جمال الدين - و أنا اسأل هنا هل الإحباط موجود فقط في الدول المسلمة؟ إلا يوجد إحباط و فقر في الهند إلا بوجد إحباط في الدول الأفريقية الغير مسلمة ، إلا يوجد إحباط في امريكا الجنوبية ، إلا بوجد إحباط في فلبين و لاوس و إثيوبيا ، فلماذا لم تتأسس فيها منظمات تحارب الناس بل مخالفين بالحرق و القتل العشوائي السادي

الى رقم 4 وبعد التحية :
فول على طول -

أشعر أنك تتألم من تعليقاتى أو سخافاتى - لا يهم - ولكن أؤكد لك أنك لو جاوبت على أسئلتى بصراحة سوف يزول الألم أو ربما يزداد واللة أعلم ..الألم سببة الحقائق الموجعة التى لا تريدون سماعها وتعتقدون أنها غير معروفة وتدفنون رؤوسكم فى الرمال ..مساكين . الانترنت والميديا والاعلام فضح كل شئ الان . لن نكف عن هذة السخافات ..اطمئن . مع تحياتى .

الى رقم 5 وبعد التحية
فول على طول -

شئ جميل أن تعرف وتعترف أنكم مفعول بكم دائما من الغرب امريكا والكيان الصهيونى. والسؤال ما لزوم وجودكم فى الحياة؟

ديمقراطية الذبح
Sam -

"كلام جميل وكلام معقول لكن خيال حبيبي المجهول مش لاقية فيه حاجة منه". انتهي كلام ليلي مراد عزيزي الكاتب ما تقوله هو نصف الحقيقة ولكن الحقيقة الباقية ان الفكر الإسلامي المتطرف يريد ان يهدم الديمقراطية في عقر دارها. فهناك أحياء في لندن لا يستطيع البوليس ان يدخلها لان أغلبية سكانها من المسلمينوهم يحاولوا فرض الشريعة بالقوة. ماذا تقول عن أفراد ولدوا في بلاد تطبق الديمقراطية ولكن شباب المسلمين رفضوا الديمقراطية بالجلباب الباكستاني واللحية والشبشبوالنقاب. فإذا افترضنا صحة القول أنهم يستخدمونالعنف كوسيلة للوصول الي الديمقراطية إذاً فلماذا لم تطبق طالبان او داعش الحرية والعدل والديمقراطية لتعطينا مثال حي بإيمانهم ووقتها سوف ينحاز العالم لهم. يا عزيزي الغاية لا تبرر الوسيلة والطرق السلمية إذا جانبها الحق فهي أقوي بكثير من العبوات الناسفة والذبح الحلال. رأينا ذلكمع غاندي ومارتين لوثر ونلسن مانديلا

ردا على خريجي القلايات
تركت يسوع -

احنا بنتناقش مع كاتب المقال وليس مع خريجي قلايات الرهبان وغرف اعتراف القساوسة ههههه

داعش والديموقراطية
عبدالله القحطاني -

مع التقدير للكاتب واقتراحة بتطبيق الديموقراطية على البلدان العربية , من واقع خبرة ومعاناة لو تم تطبيق الديموقراطية لتربع داعش وقومهم على سدة الحكم، وسيسيئون العباد، حتى السكير والزاني لكي يكفر عن خطاياه سينتخب الإسلاميين المتشددين , مجرب هذا عندنا في المجالس البلدية, وأكبر برهان الخميني أستقبله كل شعب إيران لينقذهم وهذه إيران تغرق في الغيبيات والكهنوت ولن تتحرر إلا بعد قرون، نحتاج إلى منقذ مثل أتاتورك، أو قائد صارم يفصل الدين عن السياسة وسيستقيم أمرنا.