القنبلة الطائفية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يخطأ البعض کثيراً حين يقللون من مقدار الخطر والتهديد الذي مثله ويمثله النظام القائم في إيران لبلدان المنطقة، وخصوصاً عندما يرون أن مد جسور العلاقات معه وترسيخها من شأنه أن يعمل على تقليل وإنهاء ذلك الخطر والتهديد. لکنَّ هذا الرأي فيه الکثير من المبالغة والابتعاد عن حقيقة هذا النظام ومقاصده وغاياته المشبوهة.
عند تتبع الأحداث والتطورات التأريخية في بلدان المنطقة، نجد أنها مرت بالکثير من التهديدات والتحديات، وحتى تعرضت للاحتلال والغزو وحروب ومواجهات مختلفة، لکنها ومع انتهاء هذه التهديدات والحروب وما إليها، کانت تعود إلى سابق عهدها حيث الأمن والاستقرار والوئام الاجتماعي. ولکننا عندما نبحث في الحالة غير العادية للتهديد والخطر الذي مثله ويمثله نظام الملالي لبلدان المنطقة، فإننا نجد أنفسنا أمام حالة مغايرة 100 بالمئة، بل وحتى غير مسبوقة، ذلك أنَّ الخطر الذي يمثله هذا النظام على بلدان المنطقة ليس مجرد خطر خارجي يزول بزواله، بل إنه يمثل خطر داخلي يبقى حتى وإن زال!
عند النظر الى البلدان الخاضعة للنظام الايراني، أي الى العراق واليمن ولبنان وسوريا وحتى منطقة غزة، ونقارن أمنها الاجتماعي الحالي مع أمنها الذي کان قائماً قبل حلول طاعون ملالي إيران، فإننا نجد فرقاً کبيراً، إذ أن العبث والتلاعب بالترکيبة الديموغرافية لمجتمعات هذه البلدان ولا سيما العراق، تظهر حقيقة مروعة، وهي أنَّ البنية الديموغرافية قد طرأ عليها تغيير ملفت للنظر، والأمر الخطير في هذا التغيير إنه يتزامن مع تزايد وتيرة الاحتقان الطائفي إلى الدرجة التي يمکننا القول فيها إنَّ إحتمالات الفتنة والمواجهة الطائفية قائمة أکثر من أي وقت مضى.
إقرأ أيضاً: الجيش السابع الذي تخشاه إيران
قطعاً لسنا مع الانغلاق والجمود الفکري أو الديني، ولا سيما في ظل الظروف والأوضاع الطبيعية التي تمنح حرية الاختيار للفرد، لکننا ضد الحالة التي أوجدها نظام الملالي في المنطقة، ومن دون شك فإنَّ التهديد للأمن الاجتماعي ليس مقتصراً على البلدان التي أشرنا إليها آنفاً، بل وحتى إنه يجري على قدم وساق في بلدان المغرب العربي والسودان ومصر وغزة نفسها، بفضل حرکة حماس الارهابية وحتى في أفريقيا، والاخطر في الأمر أنَّ التشيع الذي يحصل على يد العناصر والجهات التابعة لنظام الملالي هو غير التشيع الطبيعي من أجل المذهب نفسه، إذ أنَّ النظام يقوم بتجيير واستغلال المذهب لصالح أهدافه وغاياته ومخططاته في المنطقة والعالم، ولذلك فإنَّ کل أولئك الذين قام هذا النظام بطريقة وأخرى بجعلهم يتشيعون، يمثلون قنابل مٶقتة في داخل هذه المجتمعات وتمثل خطراً وتهديداً على أمنها القومي والاجتماعي على حد سواء.
إقرأ أيضاً: سُعار السلطة وسُعار القوة
برأينا، ومع کل التهديد والخطر الذي مثله ويمثله البرنامج النووي الإيراني وبرامجه التسليحية الأخرى على بلدان المنطقة والعالم، لکنه لا يمکن أبداً أن يرقى إلى مستوى التهديد والخطر الذي مثله ويمثله في تهديده للأمن الاجتماعي لشعوب بلدان المنطقة، خصوصاً وإنها متزامنة مع ضخ أکبر قدر ممکن من الأفکار والتصورات التي تعمل على إذکاء الحقد والکراهية الطائفية بأبغض صورها، مع ملاحظة مهمة جداً لا بد لنا من أخذها بنظر الاعتبار والأهمية، وأضعها أمام من يهمه الأمر في دوائر القرار ببلدان المنطقة، وهي أنَّ الحالة الجارية في نشر التشيع المشبوه لنظام الملالي في بلدان المنطقة، تختلف تماماً عما هو سائد في داخل إيران نفسها، بمعنى أنَّ نظام الملالي يحرص کثيراً على المحافظة على أمنه الاجتماعي، لکنه وکما نرى لا يقوم بنفس الشئ مع بلدان المنطقة، وبقناعتنا فإنَّ النظام ومن خلال هذا المخطط الشرير يتصرف کمن يعد لصناعة قنبلة طائفية قد يقوم بتفجيرها عندما تستدعي أوضاعه ذلك.
إقرأ أيضاً: "الممر الشمالي" الروسي: متنفس "الحزام الطريق"؟
خلال عقد السبعينيات من القرن العشرين، أيام حکم حزب البعث، کان هناك شعار "کل شئ من أجل المعرکة"، أي المعرکة ضد إسرائيل، واليوم وفي ظل ما قد قام ويقوم به النظام الإيراني، ولا سيما بعد کل الذي جرى على بلدان المنطقة والتي لن تکون خاتمتها حرب غزة الدامية بسبب من دوره المشؤوم، فإننا واثقون من أن هذا النظام لسان حاله يقول "کل شئ من أجل بقاء واستمرار النظام"، حتى لو اقتضى الأمر تفجير القنبلة الطائفية في المنطقة!