إيران تضحي بأدوات محورها.. لإنقاذ نفسها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لقد بان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وظهرت على السطح الأهداف الدفينة، حيث دفع الشعب الفلسطيني ثمن حرب الإبادة بالأمس، واليوم سيدفع الشعب اللبناني ثمنها، بعدما وجد نفسه أمام تداعيات نيرانها دون أن يدرك مسار نهايتها.
بعيدًا عن أهداف منظومة اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو وغاياتها، تقف إيران عاجزة أمام واقع انهيار أوراق الضغط التي كانت تمتلكها، قبل أن تجد مقاربة واقعية تحمي بها أدوات محورها من الضربات الإسرائيلية. هذه الضربات تركز اليوم على قاعدة تحييد جبهة جنوب لبنان وإخراجها من دائرة الصراع، بعد أن نجحت إسرائيل وجيشها في القضاء على قدرات حركة حماس في جبهة غزة، خاصة بعد فشل ما يُسمى بـ "وحدة الساحات" في إيجاد صيغة سياسية مقبولة لدى المجتمع الدولي لوقف التصعيد العسكري المتزايد في المنطقة بوتيرة متسارعة.
العجز الإيراني في إدارة ملفات الحرب، وضيق هامش تنسيق تحركات ميليشياتها بما يخدم أجنداتها، جعلاها رهينة لبنيامين نتنياهو، الذي يسعى إلى جرها نحو حرب شاملة هدفها المعلن تدمير برنامج طهران النووي. هذا الوضع جعل إيران وأدواتها بلا أفق سياسي تصل من خلاله إلى حل مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة لتجاوز حالة الجمود السياسي التي افتعلها نتنياهو، مستغلًا جملة العوامل الإقليمية والدولية، مع ترقب وصول رئيس أميركي جديد إلى سدة الحكم في البيت الأبيض في بداية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
إقرأ أيضاً: ترقية مكانة الحوثي في المحور الإيراني
إيران، في ظل انعدام إمكانياتها الإستراتيجية اليوم، ستلجأ إلى ورقتها الأخيرة، المتمثلة في خلق موجات فوضى منظمة في الشرق الأوسط. وستعتمد على جماعة الإخوان المسلمين وميليشياتها الموالية لها في بعض دول المنطقة لوقف استنزاف قدرات محورها من جهة، ومن جهة أخرى لإعادة إنتاج مسارات سياسية جديدة تتيح لها إيجاد خارطة طريق مع الدول الغربية. بدأ هذا التوجه بظهور وجه النظام الإيراني "الناعم"، الرئيس مسعود بزشكيان، الذي أصدر تصريحات تهدئة، يغازل بها الولايات المتحدة والدول الأوروبية للخروج من مأزق الفوضى الشاملة.
الرسائل والاتصالات السياسية التي تجول العواصم العربية والغربية، تنقلها وفود تقدم طروحات سياسية لوقف التدهور العسكري الحاصل في المنطقة، وتؤسس لجولات مفاوضات، ستتفوق طهران فيها باستخدام سياسات المماطلة والتسويف، متسترة بشعارات "الصبر الإستراتيجي" لاستكمال أجنداتها ومشروعها في المنطقة، هربًا من دوامة التصعيد العسكري الإسرائيلي التي قد تقودها إلى أتون حرب تأكلها وتأكل أدوات محورها في المنطقة.