ميقاتي لبنان والمنحة الإيرانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
منحة العربدة الإيرانية في قلب لبنان موجهة لجميع العرب، وهذا الاستعلاء من وزير في حكومة إيران إهانة للبنان وشعبه. الملاحظ على وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أنه استعاد النطق بعد أن صمت عند مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله، ولم يظهر في وسائل الإعلام إلا مرات قليلة وبتصريحات مقتضبة. فجأةً، وصل إلى بيروت بعد أن وصلت الدبابات الإسرائيلية إلى بيت جبيل، بعد مقاومة ضعيفة من حزب الله، ولم يسبقه أي عسكري إيراني للقتال في لبنان، ولكنه مستعد لإرسال العراقيين واليمنيين والباكستانيين والأفغان الشيعة، فالدم الإيراني أغلى من دم ميليشياته التابعة.
نزل الوزير في مطار بيروت وكأنه داخل إلى منزله، وعقد اجتماعًا عاصفًا مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني، الرئيس نجيب ميقاتي، ووصلت الأمور إلى إقدام وزير خارجية إيران على تهديده وإجباره على التوجه الإيراني وكأنهما في طهران، وليس في قلب بيروت.
كان الرئيس ميقاتي حريصًا على استقلال ووحدة وأمن لبنان، وهو أعلم من غيره بمصلحة وطنه، وهو مخول بالدفاع عن لبنان كيانًا ومكانًا وإنسانًا. يرى ميقاتي أن إقحام لبنان في النزاع مع إسرائيل لن يجلب إلا مزيدًا من الدمار والقتل، كما حدث ويحدث، حيث أصاب الدمار جزءًا كبيرًا من لبنان، خصوصًا جنوبه وعاصمته، وما تبقى في ملف الأهداف الإسرائيلية. قُتل من قُتل، وجُرح من جُرح، وهُجّر سكانه من الجنوب إلى الشمال، على عكس هجرة سكان غزة من شمالها إلى جنوبها. سيمر طريق الموت والدمار عبر عموم بيروت وكل لبنان كما مرّ من قبل بحارة حريك والضاحية الجنوبية، وسيدمر لبنان كما دُمرت غزة على يد عدوان إسرائيلي غاشم.
ربط مصير لبنان بأي جبهة هو تدخل سافر في حق لبنان واستقلالية قراره، الذي صادرته ميليشيا حزب الله منذ أحداث السابع من أيار (مايو) 2008. أثار هذا الأمر حفيظة وزير خارجية إيران وغضبه، الذي كان بعيدًا دبلوماسيًا مقارنة بالرئيس نجيب ميقاتي، حتى وإن تجاوز عمره الستين، باعتبار أن المقاومة جبهة واحدة، وأنه لا يجوز المساس بوحدة الساحات "المقدسة" حسب زعمه. كانت لهجة الوزير الإيراني أقرب إلى التهديد والوعيد، بعيدًا عن الدبلوماسية المعهودة في أي لقاء سياسي.
إقرأ أيضاً: إيران والثأر الإسرائيلي
استند الوزير الإيراني إلى قوة سلاح حزب الله وسيطرته على مفاصل الدولة والشارع في لبنان وعلى جميع القرارات المهمة في لبنان، ومن أهمها الملف الأمني والسياسي عبر السلاح الذي جُلب من إيران في احتلال إيراني بغيض. لهجة أي ممثل لقوة احتلال دائمًا ما تتصف بالاستعلاء والتسلط والصلف والعنجهية. فما الفرق بين الاحتلال الإيراني والاحتلال الإسرائيلي؟ إذا لم يكن هذا احتلالًا، فماذا يسمى؟ إنها منحة العربدة الإيرانية، بعد أن أصبح لبنان ومستقبله في مهب الريح، وهو بحاجة ماسة في هذه الأيام للإغاثة والمساعدة ومد يد العون من الدول المانحة. فشعبه بين قتيل وجريح ومشرد، ومقومات الحياة والخدمات المدنية مشلولة ومعطلة.
ما حدث للبنان كان في سبيل إيران وساحاتها "المقدسة". وبدلًا من تضميد جراحه ومواساته وتقديم المنح العاجلة له، جاءته منحة بشكل آخر. المنح الإيرانية السابقة للبنان كانت عبارة عن (سلاح وإجرام ومخدرات) صفع بها خده الأيمن، وجاءت منحتها الأخيرة من الدمار والاستعلاء كصفعة على خده الأيسر. قائمة المنح الإيرانية تطول ولن تتوقف، وكلها قتل وخراب، فما عمَّرت مدنًا، ولا أنشأت مساكن، ولا أقامت مستشفى، ولا عبدت طرقًا، ولا فتحت جامعة، ولا قدمت وقودًا أو غازًا أو غذاءً أو علاجًا، ولا دعمت بنكًا.
إقرأ أيضاً: طريق الموت يمر بالضاحية
السؤال الملح: متى يستقل لبنان من السيطرة الإيرانية ويسلّم من الشر الإسرائيلي، ويعود لبنان "سويسرا الشرق"، مقصدًا جميلًا للسياح والعشاق؟ وتعود قيثارة الشرق فيروز لتغني:
"بحبك يا لبنان يا وطني بحبك
بشمالك، بجنوبك، بسهلك بحبك
بحبك يا لبنان يا وطني بحبك
تسأل شو بني، وشو اللي ما بني؟
بحبك يا لبنان يا وطني"
التعليقات
هل إيران فقط؟
ابن العراق -أتأسف أولاً على اللبنانيين لأنه لولا تمزّقهم لما رضخوا للمحاصصة كما العراق فلو كانوا يداً واحدة لما كانت كل جهة تتبع وصاية أحد غريب عليها .. وأتأسف على الكاتب لأنه يضع كل الخطأ على إيران وكأنها اللاعبة الوحيدة في لبنان؛ يا أستاذ إيران تلعب ولعبت في إيران لأننا نحن العرب كما فعلنا في العراق وقفنا متفرجين على مايفعله الغرب في هذا البلد العربي ، هل تعرف لماذا وقفنا متفرجين؟ أجيبك بكل حزم: لأسباب طائفية ومصالح ذاتية أقول: اللبنانيون الشيعة رقم كبير في المعادلة اللبنانية وإيران قرأت هذا الرقم بتمعّن أكما قرأته فرنسا التي تسيطر على الطائفة المسيحية. أما قراءتنا فكانت كما قلت: طائفية بحتة أقول: ماذا لو فكّرنا كما فكّر غاندي الذي أوقف نزيف الدم في الهند بين الشيعة والسنة وبين المسلمين والهندوس ؛ هل لم يكن في مقدورنا مادياً أن نقطع يد إيران عن لبنان بل أيادي (أخرى) عن لبنان لو كنا أصحاب نخوة لمن يجمعنا معهم الدم والمصير قبل كل شيء ، والله إني كعربي يعتصرني الألم ليس على بلدي العراق و لبنان وحسب وإنما على السودان والصومال البلدين (السُّنّيين) الذَين فرّطنا بهما وجلسنا نندب وننوح ونلطم كما فعل آخر ملوكنا في الأندلس قبل ما يربو على خمسة قرون عندما سلّم غرناطة لفريناند الأسباني ، وكأنّ أمه عائشة تقف بيننا اليوم لتنشد فينا بيتها التاريخي (( إبكِ مثل النساء مُلكاً مضاعاً ـ لم تحافظ عليه مثل الرجالِ))!